شعر وشعراء

زيارة المتنبي للشام. شعر محمد بكرية

image“في ظل ما هو حاصل في الشام من قتل ودمار”
زيارة المتنبّي إلى الشام.
للفسطاطِ منزلةُ الرّوحِ في مُهجَتي.
أخُنْتُ العشرةَ أنا ؟ أمْ خيّبتْني قصيدتي؟
لمْ يَسْلَمْ كافورُ منّي,
ولا سَلِمْتُ أنا منْ نفسي.
ولّيْتُ متى دَجَا الليلُ هارباً مُرْغماً,
وخيطُه هاديَّ ومرشدي.
قُلْتُ :
إلى الكوفةِ أو الشامِ أمضي,
لي فيها صُحْبٌ ومنازلُ خلِّ.
ما إنْ حطَطْتُ في حلبَ رحالي
حتى شقّ ليلَ دمشقَ صهيلُ خيلي.
أهذه أرضُ الشامِ التي غنّيتُها؟
أمْ أنّي لا أرى من لهفةِ عاشقٍ ودَجَنِ التجلّي؟
أينَ يمامُ الفجرِ السابحُ على قبابِها؟
وما بالُ ساحاتِها قدْ خلَتْ منْ خَيْلِها؟
“أبو الطيّب يترجّلُ عن فرسِه “.
أينَ سيفُ الدولة وأنجالُه ؟
ما بدَوْا لي مرحّبين,
وأنا صائنُ عهدِهم وذكراهُم وهم غيرُ آبهين.
تفطّنْتُ سرَّ افتِراقِهم عنّي , ما إنْ رأيتُ
نَزْفَ العبراتِ في عيونِ المآذنِ والجدران.
يرموك, يا صاحبي, كيف ارتضَوْا لك عيشاً
بالذلِّ والهوان؟
وأنتَ وارثُ خالدأ, سيفاً مسلولاً
على نحورِ أعداءِ الله والإنسان.
بَكـَتْ تَدْمُرُ دمعاً ودماً ,على نحيبِ ألزباء
وتمرّغتْ صخورُها في الثرى
وجعاَ على السلاطينِ والأزمان.
ليتَ خيلي لمْ يطأ جنانَها,
وقد أحمرّتْ من دم طيرٍ جارٍ,
في عروقِ الياسمينِ والأقحوان.
مرَرْتُ بمضاربِ قريشٍ تائهاً
هبّ فتيانُها
قالُوا :
هذا بصّاصٌ ملعونٌ من أصفهانَ قد أعلنَ العصيان.
شبيهُ يوسفَ قالوا.
صحتُ يا قومُ اعتقوني ,
ما أنا زنديقٌ ولا غلامُ سلطان.
سلّمَني ساداتُها إلى بني تغلُبَ وكان لي ما كان.
أجهشَ أبو الطيّب وقال:
خذْ موسيقى الكلامِ عنّي يا صاحبي
وارفعْ لحنَ الكمانِ من الوجدان.
لا ابنَ منافٍ ترنّمَ على ألحاني,
ولا سليلَ كسرى أنو شروان.
الشامُ فكّكَتْ خيامَها,
وتفرّقَ القومُ بين الأقوام.
صلِّ عليًّ غائبا أو حاضراً
على عنقي سيهوي سيفٌ
ويرقصُ ملكٌ وصولجان.
إضاءات.
1-الفسطاط: هي مصر حيث عاش فيها المتنبي ولازم حاكمها كافور الاخشيدي حتى وقع خلاف بينهما فغادرها خفية الى الشام.
2-الزباء: هي زنوبيا ملكة تدمر.
بكرية.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق