مقالات

اتَّقوا اللهَ في تربيةِ أَبنائِكم ! بقلم نبيهه راشد جبارين

لا شكَّ أنَّنا جميعًا نتّفق بأنَّ كلمة ” تربية” تعني كلَّ توجُّه جميل ولطيف نحو أولادنا، سواءً بالكلمة الطّيّبة، أو بالتّعامل الحسن.. وهو أمرٌ لا يحتمل التّنظير، ولا الشّرح والتّأويل. فمن بين جميع مراحل العمر ذُكرت مرحلة الطُّفولة المبكِّرة كمرحلة مركزيّة، ومؤسِّسة للنجاح في مختلف مراحل العمر. ولذا ذُكرت في الآية الكريمة، والكلام عن الوالدين:
” وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّياني صَغيرًا”.
وهنا نلاحظ أنَّ التّربية فنٌّ يبدأ مساره منذ كون الإنسان جنينًا، إذ علينا أن نُسْمِعَهُ تلاوة القرآن، وكلامًا طيِّبًا، وموسيقى، وقصّة. وبعد خروجه إلى الدُّنيا علينا أن نحيطه بالعناية الجسميّة بموازاة النفسيّة والاجتماعيّة والتّربويّة، بأن نُحسن كلَّ تصرُّفاتنا ومعاملاتنا، وأن ننتقيَ أجمل الكلام، والتّعابير عند التَّحدُّث إليه. وأن يكون الجوُّ الأُسريُّ العامُّ جوًّا لطيفاً صافيًا، يقوم على المحبَّة والتَّسامح، والتَّعاون، والتَّعاضد والاحترام. وهذا كلُّه ينطبع في طباع الطِّفل، دون تعبٍ، ودون تدريس وتلقين…فالتَّربية السّليمة تأتي بالتقليد وليس بالوعظ والإرشاد.
حتى وإن آمنّا “بأنَّ أولادَنا ليسوا لنا، وأنّهم أولادُ الحياة”، إلّا أنَّ هذا لا يمنع أن نزوِّدهم بالقيَم الثّابتة التي لا يُغيِّرها قانون التّقادُم، وبأدوات التّربية السّليمة، ليكونوا أفرادًا صالحين، إيجابيّين في مجتمعهم. وقد سبق إلى هذا التَّوجيه التّربويِّ الإمام عليٌّ ( كرَّمَ اللهُ وجهَه) حين قال:
” رَبُّوا أولادَكم على زمانِهِم وليسَ على زمانِكم فإنَّهم وُلِدوا لزمانٍ غيرِ زمانِكم”.
وقال: ” لا ميراثَ كالأدب”.
فقد نبَّهَنا أنَّ الحياة بتطوُّرٍ وتغيُّرٍ مستمر ٍّ، وعلينا أن نربّيَ أولادنا ليتكيَّفوا مع جميع المتغيِّرات المُحتمَلة بتوجُّهاتهم السّليمة، وأخلاقهم القويمة، التي تستند إلى احترام الذّات ، واحترام الآخر، وحرِّيَّة إبداء الرّأي، وبالمقابل احترام الرأي الآخر، حتى وإن كان مخالفًا، ولا يتلاءم ورأيَه الخاصّ.
أيُّها الوالدون!
احرصوا على تربية المساواة، فقد قال الرَّسول الكريم:
” النّاسُ سواسيةٌ كأسنانِ المُشط ، لا فضلَ لعربيٍّ على أعجميٍّ إلّا بالتَّقوى
أِنَّ أَكرمَكم عندَ اللهِ أتقاكم”. فلا العائليَّة، ولا المراكز الإجتماعيّة ، أو السِّياسيّة ولا اللَّون، ولا العِرق.. بل التّقوى. وهي كلمة جامعة لكلِّ الفضائل.
فاتَّقوا الله في تربية الأبناء على المحبّة، والتّسامح والتّفاهُم واحترام الحياة لهم وللآخر.. فإنَّ ذلك يمنع يد الإنسان أن توجِّه ضربة شرٍ إلى أخيه الإنسان.
وفَّق الله جميع الأبناء إلى ما فيه رِضى الله والوالدين، وإلى ما فيه الخير والأمان، والمحبَّة والاطمئنان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق