منوعات

الجماعة الأحمدية (القاديانية) في فلسطين (أ.د. حنا عيسى)

الجماعة الأحمدية هي عبارة عن حركة إسلامية تجديدية نشأت في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي في شبه القارة الهندية، مؤسسها هو ميرزا غلام أحمد القأدياني (1835-1908)، نسبة إلى بلدة قاديان، في إقليم البنجاب في الهند، حيث وضع أسس جماعته في 23 من مارس عام 1889 وسماها الجماعة الإسلامية الأحمدية. ادعى ميرزا غلام أحمد بأنه مجدد القرن الرابع عشر الهجري، وبأنه المسيح الموعود والمهدي المنتظر من قِبل المسلمين، والفكر الأحمدي يشدّد على الاعتقاد بأن الإسلام هو الديانة السماوية الأخيرة للبشرية جمعاء والتي نزلت على النبي محمد عليه الصلاة والسلام، ويعيش الأحمديون في كل البلدان التي يوجد بها مهاجرون من شبه القارة الهندية، حيث إن الاضطهاد الشديد والقمع المنظم تجاه هذه الجماعة في عدد من الدول الإسلامية حذت بالعديد من أفرادها الأحمديين للهجرة والاستقرار في بقاع أخرى من العالم، وبعد وفاة الحاج مولانا حافظ حکیم نور الدین – الخليفة الأول لمؤسسها – انقسمت الجماعة إلى فرعين: الحركة الأحمدية في لاهور وجماعة المسلمين الأحمدية.
عقيدتهم:


يعد الأحمديون أنفسهم مسلمين، يؤمنون بالقرآن وبأركان الإيمان جميعها: بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالبعث والحساب، وبأركان الإسلام كلها؛ وتؤمن الجماعة الإسلامية الأحمدية بأن ميرزا غلام أحمد مبعوث من الله سبحانه وتعالى، مثيلاً لعيسى عليه السلام ليضع الحروب الدينية، مُديناً ومستنكراً سفك الدماء، معيداً أسس الأخلاق والعدالة والسلام إلى العالم، ويؤمنون بأنه سيخلص الإسلام من الأفكار والممارسات المتعصبة، ليعيده إلى شكله الحقيقي كما كان في عهد النبي محمد. الا ان الكثير من المعتقدات الأحمدية تعتبر مخالفةً للفكر الإسلامي التقليدي منذ تأسيس الجماعة، حيث إن الكثير من عامة المسلمين ينظرون إلى الأحمديين على أنهم غير مسلمين نظراً لوجهة نظرهم وقناعاتهم فيما يتعلق بوفاة السيد المسيح وعودته، وفهمهم للجهاد بشكله السلمي.
· يعتقد القاديانيون أن الله يصوم ويصلي وينام ويصحو ويكتب ويخطئ ـ تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
· تعتقد القاديانية بأن النبوة لم تختم بمحمد صلى الله عليه وسلم بل هي جارية، والله يرسل الرسول حسب الضرورة، وأن غلام أحمد هو أفضل الأنبياء جميعاً.
· يعتقدون أن جبريل عليه السلام كان ينزل على غلام أحمد وأنه كان يوحى إليه، وأن إلهاماته كالقرآن.
· يقولون لا قرآن إلا الذي قدمه المسيح الموعود (الغلام)، ولا حديث إلا ما يكون في ضوء تعليماته، ولا نبي إلا تحت سيادة غلام أحمد.
· يعتقدون أن كتابهم منزل واسمه الكتاب المبين وهو غير القرآن الكريم.
· يعتقدون أنهم أصحاب دين جديد مستقل وشريعة مستقلة وأن رفاق الغلام كالصحابة.
· يعتقدون أن قاديان كالمدينة المنورة ومكة المكرمة بل وأفضل منهما وأرضها حرم وهي قبلتهم وإليها حجهم.
· نادوا بإلغاء عقيدة الجهاد كما طالبوا بالطاعة العمياء للحكومة الإنجليزية لأنها حسب زعمهم ولي الأمر بنص القرآن!
· كل مسلم عندهم كافر حتى يدخل القاديانية: كما أن من تزوج أو زوج من غير القاديانيين فهو كافر.
· يبيحون الخمر والأفيون والمخدرات والمسكرات.
وجودهم في فلسطين:
تذكر المصادر الأحمدية أن الخليفة الثاني بشير الدين محمود أحمد زار حيفا والقدس وبيت لحم والخليل عام 1924، وقد تمت دعوته لشرب الشاي في منزل مفتي القدس، وفي نهاية هذا المطاف عاد الى حيفا والتقى مع حاكم المحافظة قبل أن يغادر إلى دمشق، لكن على ما يبدو إن دمشق لم ترحب بالخليفة حيث حصلت ضجة وهياج ديني لم تشهد المدينة مثيلاً له حتى أن هناك من حاول نسف فندق السنترال الذي نزل به الخليفة الأحمدي، وعندها أعلنت الحكومة الفرنسية أنها عاجزة عن حمايته وصحبه ونصحته بمغادرة البلاد، فعاد الوفد إلى بيروت ثم إلى عكا وحيفا ومنها إلى بورسعيد بمصر. لكن بعودة الخليفة الأحمدي الى قاديان صمم على إعداد أول بعثة تبشيرية أحمدية إلى دمشق بالذات التي رفضت استقباله ووضع على رأسه البعثة المبشر الشاب جلال الدين شمس والذي أسس الجماعة الأحمدية في الشام ومنطقة الكبابير في حيفا بفلسطين وجماعة مصر. بعدها وصل إلى فلسطين مكانه أبو العطاء الجلندهري حيث مكث حتى العام 1936 في بلدة الكبابير جنوب حيفا، ولم يكن هؤلاء فقط هم الذين حاولوا نشر مبادىء الجماعة بين الفلسطينيين، فهناك محمد سليم الهندي الذي خدم الجماعة في فلسطين من العام 1936 حتى 1938، ثم شودري محمد شريف كذلك جلال الدين قمر الذي حضر للبلاد العربية عام 1954، ومما سبق يظهر بجلاء اهتمام الجماعة الأحمدية بالانتشار في العالم العربي والانطلاق نحو هذا العالم عبر فلسطين، ورغم تمحورها في الكبابير بحيفا في فلسطين إلا أن هناك انتشاراً محدوداً لها في الضفة وغزة.
ويقدر عدد أتباع الطائفة الأحمدية في فلسطين بنحو خمسة آلاف وخمسمائة شخص، يعيش منهم في بلدة الكبابير قرابة الـ 3000 نسمة، فيما يتوزع الآخرون على مدن عكا وحيفا وطولكرم ونابلس وغيرها.. وتعيش الطائفة نوعا من العزلة العقائدية حيث لم تتمكن الأحمدية من الانتشار وسط الفلسطينيين على الرغم من تاريخ وجودها في البلاد والذي يناهز الثمانين عاما، مع أن زعماء الاحمدية يأملون في أن يكون أتباعهم في فلسطين الجسر الذي تعبر عليه الأحمدية إلى العالم العربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق