منوعات

الدبلوماسي … رسول لشعبه في تدعيم السلم وتجنب الحرب (أ.د. حنا عيسى)

(عندما تقول نصف المجتمع سيء سيسخط الجميع .. بينما لو قلت نصف المجتمع جيد سيحتفون بك مع أن العبارتين بمعنى واحد..نعم ،إنَّ الدِّبلومَاسية هِي الفنُّ الَّذي يجْعلُك تَقول لكلبٍ شَرس يَا لكَ من كلبٍ لطِيف حتَّى تَجد فرصةً لالتقَاط قطعةٍ مِن الحجَر..وعلى ضوء ما ذكر ، فإن  الدبلوماسية هي فن تقييد القوة)

كثيرًا ما نسمع عن بعض من كتبوا في الدبلوماسية عمن يلقبونهم بالدبلوماسيين الهواة ، أي هؤلاء الذين يعهد اليهم بمهام أو بمناصب دبلوماسية هامة دون أن يكونوا أصلا من اهل المهنة الذين تدرجوا في مختلف وظائفها ومارسوها الوقت الكافي لاكتساب الخبرة التي تؤهلهم لتولي المفاوضات وإدارة الشؤون والعلاقات الخارجية...ويقف هؤلاء الكتاب من الريق من الدبلوماسيين موقف النقد الشديد محاولين بطريقة او بأخرى التدليل على عدم كفاءتهم وعدم صلاحيتهم للقيام بالمهام الدبلوماسية كالدبلوماسيين المحترفين. ويعتبرون الدبلوماسي الهاوي يهتم بالشكليات الدبلوماسية ، ولا طاقة له باحتمال تقاليدها ويحاول عبر تقاريره ورسائله عرض ذكائه وإبراز لمعانه الادبي بدلا من أن يمد حكومته ببيان معقول ودقيق للحقائق.

غير أن الكلام والتقييم ان صح ، وقل يصح لحدٍ ما ، فان ما فيه من نقد يمكن أن يوجه مثله للكثيرين من أهل المهنة ذاتها ممن تدرجوا في وظائفها من بدايتها الى قمتها . فكم من دبلوماسي محترف خيَب فيه الآمال فكان مفاوضاً فاشلا أو ممثلا غير مشرف لبلاده في اساليبه وتصرفاته ، وقدرته على الاضطلاع بمهامها وحقق من الخير لبلاده ما لم يفعله الكثيرون من القدامى . فالدبلوماسية هي علم وفن معاً.

أما العلم فيكتسب بالدرس والإطلاع والمتابعة ، وليس هناك ما يمنع ان تكون حصيلة الدبلوماسي الحديث منه بقدر حصيلة الدبلوماسي المحترف أو يزيد. وأما الفن فيعتمد أولا على المواهب الشخصية ، وهذه يصقلها المران ويهذبها ان وجدت ، لكن لا يخلفها ان لم توجد.

وقد يصلح شخص بطبيعته لممارسة الدبلوماسية اذا كانت لديه هذه المواهب ولو لم يكن من أهل المهنة اصلاً ، كما انه قد يكون من ارباب المهنة من هم غير أهل لها فلا تكسبهم مزاولتها ما ينقصهم ابتداء ولا يفيدهم المران او تصقلهم التجارب . فالحصافة واللباقة والكياسة واللياقة والدقة وحسن التصرف والتبصر في الامور وغير ذلك من الصفات اللازمة لممارسة الدبلوماسية ليست وقفاً على الدبلوماسيين المحترفي ، وقد تتوافر للكثيرين غيرهم كما قد لا تتوفر للكثيرين منهم .

وما نشاهده أو نقرأه أو نسمع به من يوم لآخر عن تصرفات البعض من هذا الفريق أو ذاك يؤيد ما نقول وما خفيٌ عنا يكون أدل وأعظم .

فالدبلوماسي هو انسان متعلم ، مثقف ، يمارس مهنته عن علم وفن ، ويتقن عمله في تمثيل دولته ومصالحها الوطنية ، غيور في الدفاع عنها وقت السلم والحرب ، وأخيرارسول لشعبه في تدعيم السلم وتجنب الحرب …الخ .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق