مقالات

من هو البطريرك صفرونيوس ،الذي سلم عمر ابن الخطاب مفاتيح مدينة القدس ؟ “(أ.د. حنا عيسى)

ولد صفرونيوس الذي يعني اسمه “العفّة ” في دمشق من أبوين تقيّين عفيفين، بلنثوس وميرا ، كان ذلك حوالي العام ٥٥٠ م ، تمتّع صفرونيوس بطاقات عقليّة كبيرة وبموهبة شعريّة فذّة. جمع بين الحكمة والعفّة وأتقن الفلسفة فلُقّب ب “الحكيم””، وإذ رغب في اقتناء الحكمة الروحيّة ، زار الأديرة والمناسك وخرج إلى أورشليم.

فلمّا زار الأديرة المنتشرة في جوارها ، حدث أن دخل إلى الدير الشركويّ للقدّيس ثيودوسيوس . هناك التقى راهباً اسمه يوحنّا الملّقب “موسكس” وكان كاهناً فاضلاً قديراً جدّاً في العلم وعلى حكمة روحيّة أخّاذة. فالتصق به صفرونيوس من دون تحفّظ ، ومن كلّ قلبه ، نظير ابن بأبيه أو تلميذ بمعلّمه. يوحنّا أيضاً كان دمشقيّاً. وقد أخذ صفرونيوس، مذ ذاك ، يتبعه في دخوله وخروجه ، في مجيئه وذهابه ، إلى الأديّرة والمناسك ، لزيارة الآباء القدّيسين والانتفاع منهم وجمع أخبارهم. كلاهما عمل على جمع مادّة الكتاب المعروف ب “المرج” أو باليونانية “Leimon” الذي حظي ببركة المجمع المسكونيّ السابع. يوحنّا أسمى صفرونيوس في الكتاب “الحكيم”. تقديره له ذهب إلى حد اعتباره أباً له. لم ينظر إليه كتلميذ بل كصديق ورفيق وصنو ، وكصاحب سيرة يُقتدى بها . عاش صفرونيوس مع يوحنّا زمناً قبل أن يصير هو نفسه راهباً.

التصق به في فلسطين ، في دير القدّيس ثيودوسيوس وفي بريّة الأردن وفي ما يُعرف ب “الدير الجديد” الذي أنشأه القدّيس سابا. لكنّ الصديقين تركا فلسطين إلى إنطاكية العظمى بعد حين ، قبيل الغزو الفارسيّ لها. هناك أخذا يتنقلان كالنحل من زهرة إلى زهرة بين الآباء الذين هم “فلاسفة الروح القدس “، يجمعان طيب الروح.

اشتهر صفرونيوس بأنه من أشد المدافعين عن العقيدة، ضد المونوتيلية وغيرها في عصره، والمونوتيلية، وتعنى القوة الواحدة، أو الإرادة الواحدة، وهى اجتهاد يتابع مفهوم الطبيعتين والأقنوم الواحد في السيد المسيح، وصاحب هذا الاجتهاد الجديد هو «سرجيوس» بطريرك القسطنطينية عام 615م، وقد قال سرجيوس: إن في المسيح طبيعتين، كما قال مجمع خلقيدونيا، ولكن فيه قوة واحدة واردة واحدة، فلا تمييز بين الطبيعتين. وقد قاوم صفرونيوس هذا الاجتهاد وقال : إن في المسيح طبيعتين متحدتين عاملتين وفعالتين ، كل واحدة بحسب خاصيتها، إلا أنهما متحدتان معًا… وفي سبيل منافحة هذا ا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق