زاوية الاقتصاد
السودانية حظر تصدير الفول السوداني واستبداله بمنتجات مشتقة أكثر ربحية، م
«بين ليلة وضحاها، فقدنا أسواقا مهمة»، هكذا لخصت رماز أحمد وقع قرار الحكومة السودانية حظر تصدير الفول السوداني واستبداله بمنتجات مشتقة أكثر ربحية، مؤكدة أن هذا القطاع غير مهيأ لمثل هذا التحول الصناعي.
تبدي رماز أحمد مديرة التسويق في شركة أبناء سيد العبيد لتصدير الفول السوداني، ذهولها للقرار الصادر عن وزير الصناعة والتجارة مدني عباس في الأول من أبريل (نيسان)، فتقول لوكالة الصحافة الفرنسية: «بين عشية وضحايا، فقدنا أسواقا مهمة وخسرنا عقودا مع زبائن، وحلت الهند محلنا على الفور».
وكانت الصين وإندونيسيا السوقين الرئيسيتين للسودان الذي كانت حصته من هذه السوق تبلغ 14 في المائة بحسب الأمم المتحدة. وشكل وقف مبيعات الفول السوداني في الخارج ضربة شديدة للسودانيين الخارجين من حكم عمر البشير الديكتاتوري الذي استمر ثلاثين سنة ومن عقوبات اقتصادية أميركية على مدى عقدين من الزمن.
وقالت رماز أحمد الجالسة في مكتبها وخلفها على الحائط منشور دعائي كتب عليه بالإنجليزية «فول سوداني بنكهات الثقافات السودانية»، معلقة على وقع القرار «كأنما فرنسا تقرر فجأة وقف تصدير النبيذ، أو إيطاليا وقف بيع المعكرونة في الخارج».
والفول السوداني منتج رئيسي للبلد الواقع في شرق القارة الأفريقية، إلى حد أنه استمد اسمه منه رغم أنه قدم إلى القارة الأفريقية من الولايات المتحدة الأميركية قبل أكثر من قرنين.
وكان للقرار وقع قنبلة في بلد يصنف في المرتبة الخامسة بين المنتجين العالميين وفق منظمة الزراعة والأغذية العالمية التابعة للأمم المتحدة (فاو)، وتبلغ حصته 14 في المائة من الإنتاج العالمي، لا سيما أنه يعاني أزمة اقتصادية مع بلوغ نسبة التضخم 136 في المائة في يونيو (حزيران)، وفق أرقام رسمية.
وفي موسم 2017 – 2018، بلغ إنتاج السودان 1.66 مليون طن من الفول السوداني وفق أرقام بنك السودان المركزي. وفي 2019. بلغت عائدات تصدير الفول السوداني 205.7 مليون دولار، بزيادة كبيرة عن العام 2018 (59 مليون دولار) والعام 2017 (88.4 مليون دولار).
وبرر مدني عباس قراره بضرورة «تعظيم القيمة السوقية للمنتجات السودانية، خصوصا في ظل التغيرات المناخية التي تؤثر على سلامة وجودة المنتج السوداني، وحفاظا على مكانته عالميا».
ويسعى الوزير من خلال وقف بيع الفول السوداني الخام، لتطوير إنتاج مواد مستخلصة منه مثل الزيت وزبدة الفول ومواد تجميل. لكن بعض الاختصاصيين يشككون في قدرة البلد على القيام بهذا التحول.
وأوضحت رماز أحمد «نحن متفقون مع الوزير من حيث المبدأ لكننا لسنا مستعدين لذلك، فليس لدينا المعرفة أو المعدات للقيام بالتصنيع، والحصول عليها سيستغرق وقتا وحينها سيفقد السودان أسواقه في العالم».
وفي مبنى الغرفة التجارية بوسط الخرطوم، قال عز الدين محمد أحمد مالك ومدير شركة روبيكون لتصدير الفول السوداني «الوزير بقراره أفقد السودان مكانته في السوق العالمية»، مضيفا أن «الدولة تسعى لتقليص العجز في الميزان التجاري لكن قرار الوزير يزيد العجز».
وسجل الميزان التجاري عام 2018 عجزا قدره 4.7 مليار دولار وفق البنك المركزي.
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن 67 في المائة من سكان السودان يعملون في الزراعة، وهم سيتأثرون بقرار الحكومة، ولو أن العديد منهم لم يعلموا به. وفي قرية دار الشفاء على مسافة 70 كلم إلى جنوب العاصمة الخرطوم، لم يسمع المزارع الخير داود البالغ 31 عاما بقرار الوزير.
وقال لوكالة الصحافة الفرنسية مرتديا الجلباب الأبيض التقليدي ومتكئا على عصاه في وسط حقل مزروع بالفول السوداني «زرعت في هذا الموسم 30 فدانا (12.6 هكتارا) من فول، وإذا زادت الأسعار في العام القادم سأضيف عشرة فدادين أخرى، وإذا انخفضت فقد أزرع بامية أو قطنا أو ذرة».
وأضاف «لم أسمع بقرار الوزير» موضحا «أنا أبيع (الفول السوداني) لتجار ولا أعرف إن كانوا يريدونه للتصدير أو الاستهلاك المحلي».
وتسقى حقول الفول السوداني بواسطة مياه الأمطار في منطقتي دارفور (غرب) وكردفان (جنوب) وبواسطة الري بالقنوات في مشروع الجزيرة بوسط السودان والفاو في شرق البلاد.
الشرق الأوسط