ثقافه وفكر حر

ما جريرة الفلافل في بازار احلام وعادل كرم


image
انشغلت بعض المحطات التلفزيونية اللبنانية خلال الفترة الماضية بمتابعة المشادات بين الفنان اللبناني عادل كرم والمطربة الإماراتية أحلام.

لست هنا بصدد التحكيم بين المتخاصمين، لكن الجدل بين كرم وأحلام قفز إلى التهكم المباشر على مهنة بائع الفلافل، وكأن حرفة الأخير أصبحت فعلا شائنا أو جرما يعاقب عليه القانون.

لاشك أن بائع الفلافل في صورته النمطية يتسق مع أحوال الشارع العربي المنهك، ما خلا عواصم الخليج.

فهو يقدم وجبته على عجل ولشريحة واسعة من البشر، كعمال البناء وحراسه وصغار الموظفين وبسطاء الجامعيين وغيرهم ممن ينشغلون ليل نهار بملاحقة أرزاقهم الشحيحة.

بالطبع هناك زبائن مترفون يشتهون أحيانا الفلافل كنوع من تغيير طعم اللحوم الدسمة، لكنهم ليسوا مجبرين على تناولها، وبالتالي فهم لا يصنفون ضمن مدمنيها.

وهنا لا يمكن فصل بائع الفلافل عن تراث الثقافة الشعبية للدول العربية، فاسرائيل اختلست هذه المهنة وأخواتها من أطباق الحمص والفول، وانتحلت صفة الصانع الأصيل لها انطلاقا من ادعاءاتها بأنها مكون تاريخي للمنطقة، تماما كما فعلت بالزي النسائي الفلسطيني عندما أعادت تدويره وألسبته لمضيفات شركة العال الاسرائيلية للطيران.

لن أشط كثيرا في الحديث عن السيسيولوجية المجتمعية للمنطقة، لكن بائع الفلافل له مزايا كثيرة، فوجبته رحيمة بجيوب زبائنها، نسبيا على الأقل، فهي الأقدر على معرفة أحوال الناس، وتجنب نفسها ركوب أطماع كبار تجار الجملة والمفرق ممن احترفوا الاحتكار والتلاعب باحتياجات العامة.

كما أنها تناسب طريقة حياتهم البسيطة، فهي تتواجد في كل مكان، وعلى مدار اليوم، ولا يحتاج المرء إلى حجوزات مسبقة أو مائدة مريحة، وتؤكل على عجل، وأثرها فعال على المعدة ويحفظها من تقلصات الجوع طويلا.

اللافت أن هذه الوجبة لها ارتباط وثيق بمنبتها، فمثلا لا يستشعر المرء مذاقها في مطعم نخبوي أيا تكن درجات الرقابة الصحية فيه.

لذلك ترى أغلب المغتربين، مهما ارتقوا في سلم الهرم الاجتماعي، عندما يستذكرون أوطانهم، يعرجون على “أبو فلان” ، بائع الفلافل، وقد اتخذ لنفسه محلا صغيرا للغاية بمنصة مكشوفة لسندويتشاته عند ناصية الشارع بسوق شعبية تعج بالمارة والبضائع الفوضوية الملقاة كما اتفق.. بخلاف “الكنتاكي” الذي يتطلب علامة تجارية فارقة وزيا موحدا لمقدميه وخلطات سحرية مجهولة التكوين كما يقال.

لابد أن بيروت تعرف جغرافية هذه المناطق، وربما السيد عادل كرم بطل السكيتشات الهزلية الناقدة كان ولا زال زبونا لبائع الفلافل البسيط ذاك.

الخلاف العلني بين الفنانين يستقطب مشاهدين كثر، وربما أكثر بكثير من أي أزمة دولية حرجة.. والفنان هو نجم لمعجبيه المنحدرين من كل الشرائح، ثرية كانت أم فقيرة.

وما حصل بين كرم وأحلام شوهد على محطات التلفزة وعلى اليوتيوب وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.

وأغلب الظن أن أحد بائعي الفلافل من لبنان أو سوريا أو مصر أو الأردن أو فلسطين تابع الخلاف من دون أن يعرف الجريرة التي أخذ بها.

طارق قنديل

مقالات ذات صلة

إغلاق