سورين بروسترم، هو مناضل شيوعي سابق، وكان السكرتير الدولي لمنظمة الشبيبة الشيوعية، في الحزب الشيوعي الدنماركي، في أوائل سنوات الثمانينات من القرن الماضي، وهو واحد من اشهر اطباء أمراض النساء والولادة، وكان على امتداد سنوات طويلة بطلا في العديد من المهن الصحية، التي مارسها في المستشفيات والمراكز الصحية في الدنمار،ك، قبل أن يتألق، ويشتهر صيته، في فترة مكافحة وباء فيروس كورونا الفتاك، الذي عصف بالبلاد على حين غرة، حيث قد لعب دور الريادة فيما يمكن أن تكون أكبر كارثة صحية تشهدها الدنمارك منذ الحرب العالمية الثانية .
▪ مهمة قاسيةوصعبة للغاية :
أمضى، سورين بروسترم، أوقات صعبة ومضنية، منذ الأيام الأولى، التي اجتاح فيها وباء كورونا، الدنمارك على حين غرة، حيث قاد حملة التوعية الصحية، ونشر المعلومات الدقيقة، والأرقام المتعلقة بضحايا الأزمة في الدنمارك، وذلك من خلال المؤتمرات الصحفية اليومية، التي كانت تعقد في مقر رئاسة الوزراء في قاعة ” المرآة ” مع رئيسة الوزراء ميتي فريدريكسن، ووزير الصحة، ورئيس مجلس المصل الدنماركي، ورئيس جهاز الشرطة الدنماركية، وكان هدفه المباشر والأول، هو شن الحرب على الوباء ومكافحته بشتى السبل والوسائل، واسداء النصائح والإرشادات والتوجيهات والتعليمات الصحية للمواطنين، والتي كانت قد أدت دورها في الحقيقة والفعل، للتصدي لزحف هذا الوباء المميت، والحد من قدرة انتشارة بشكل واسع النطاق، في عموم البلاد .
▪الشجاعة في الموقف والقول :
ظل، سورين بروسترم، دائما واثقا من نفسه، وحريصا على قول الحقيقة والواقع، ومن اية مؤاربة أو مجاملة، كان يقول الأشياء مباشرة، بكل ثقة وشجاعة، ومن دون أي تردد، أو تراجع، حتى عندما يعترض السياسيين الدنماركيين، على بعض قراراته وتوصياته الصحية، فهو لا يعير لهم اي انتباه، فهذه هي مهنته وتخصصه، ولا يستطيع أحدا منهم المزاودة عليها، وذلك بإضافة إلى مركزه كرئيس للمجلس الوطني الدنماركي للصحة .
▪والد الدنماركيين :
أطلق العديد من المحللين الدنماركيين، على، سورين بروسترم، لقب ” الوالد ” حيث كان يزود المواطنين، لحظة تلو اخرى، بآخر التطورات والمعلومات المستجدة، حول تنامي الأزمة الصحية، وأرقام الضحايا والمرضى، والتنبؤات المنظورة للمستقبل، وبدوره الريادي هذا أصبح رجل المرحلة، وتقدم حتى على، رئيسة الوزراء ميتي فريدريكسن، في استطلاعات الرأي، التي نشرتها المراكز الدنماركية، المتخصصة في قياسات الرأي، حيث كان الدنماركيون، يستمعون بشغف لجميع نصائحه وإرشادات وتوجيهاته، أكثر مما كانوا يستمعون لتوجيهات، رئيسة الوزراء، ووزير الصحة، وكبار السياسيين في الدنمارك، فيما كان قد، وصفه اخرون، ب ” الرجل المسؤول النموذجي والموهوب” الذي جاء من أعماق الشيوعية، إلى أعلى مسؤول في المجلس الوطني الدنماركي للصحة، والذي ظل يتقدم الصفوف الأمامية في خط الدفاع الاول عن الصحة العامة في الدنمارك، بحيث أنه استطاع ان يجدر فكره وموهبته، في وعي غالبية الدنماركيين بوقت قياسي .
▪المولد والمنشأ :
سورين بروسترم، هو من مواليد، 4 حزيران/ يونيو 1965، في مدينة ارهوس ” عاصمة الدنمارك القديمة ” والمدينة التاريخية الثانية في البلاد في الوقت الحالي، وكان ابويه أطباء متخصصون في مجال الصحة، حيث كان والده، إخصائيا وباحثا في أمراض السرطانات، ووالدته، أخصائية وطبيبة اطفال، وعندما توفي والده، وهو في عمر الحادية عشرة، إنتقل مع والدته وشقيقه، بيتر، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كانت والدته حينها، قد غادرت الدنمارك، في العام 1978 لتلقي العلوم الطبية في الجامعة الأمريكية، وهناك، شاهد، سورين بروسترم، فضائع حالات الفقر والحرمان، التي كان يعيشها الفقراء والبؤساء، في اغنى دولة في العالم، ووجد الكثير من الاختلافات والتباينات الشديدة، بين الطبقات الغنية، و الطبقات الفقيرة في المجتمع الاميركي، وممارسة سياسات الاضطهاد والتمييز العنصري، ضد الأمريكيين السود، وكان من الواضح أنه قد تأثر بتلك المشاهد الكارثية، وفكر في كيفية الوقوف، إلى جانب المضطهدين والفقراء والمسحوقين، ليس فقط في الولايات المتحدة الأمريكية، والدنمارك، إنما في جميع أرجاء العالم، ومن هناك يبدو انها استيقظت كل مشاعره، وتجارب ووعيه الاجتماعي، والسياسي، والأخلاقي والانساني، التي نقلها معه بعد ذلك، إلى الدنمارك .
▪سيرة ذاتية :
واجه، سورين بروسترم، طفولة منطوية وعنيفة بعض الشيء، بعد موت والده، وهو مازال في زهرة شبابه وصباه، ولكنه من خلال مواهبه المتعددة والمبدعة، استطاع أن يتسلق الجبال الشاهقة، ويحقق الإنتصار الواحد تلو الآخر، في العديد من ميادين العلم والثقافة والاختصاص،فكان قد عمل في صغره، طاهيا، في عبارة كانت تنقل المسافرين، في مدينة ارهوس، وكان قارئا جيدا للكتب الروائية التاريخية، والسياسية لمشاهير السياسة والإقتصاد والأخلاق المجتمعية العامة، وكان طالبا موهوبا في المدرسة، وفي والجامعة، وعندما تخرج من الجامعة الطبية، عمل في وظائف عدة، ومنها المدير المسؤول للعلاج في عدد من مستشفيات العاصمة الدنماركية كوبنهاجن، وكان بحسب الكثيرين، طبيبا ماهرا ومقتدرا في العمل، حيث يكون باستطاعته، القيام بإجراء اية عملية قيصرية، في غضون ثمان دقائق فقط لاغير، ويتحدث، إلى المرضى، بكل ثقة وشجاعة، حول الخيارات الصعبة والمعقدة، التي يمكن أن تواجه النساء الحوامل، والأطفال الرضع، ويقدم النصائح والاستشارات، وكان ومستشارا صحيا لعدة سنوات، في مستشفى هيرلوف الدنماركي، وبعد كل تلك المسيرة الضافرة، والناجحة والباهرة، اصبح الرئيس الاول للمجلس الوطني الدنماركي للصحة، وأصبح رجل المرحلة الحالية، التي تتأمل فيها الدنمارك للخروج من الأزمة الصحية الحالية، باقل الخسائر البشرية، والمعنوية، والمادية .
* هاني الريس
1أيار/ مايو 2020