لمّا تجلَّت للفَتى (بِيسانُ) *** كتبَ القصيدةَ دمعيَ الهتّانُ
هيَ جنَّةُ الأرضِ التي مِن حَولِها *** لِلعالَمينَ يُبارِكُ الدَّيّانُ
تزهو بنخلٍ باسقٍ لا يَنحني *** أعذاقهُ بشُموخِها تزدانُ
وبُحَيرَةٍ كالنهرِ تجري تَحتَها *** آيًا يرتِّلُ عِطرَهُ القُرآنُ
طبرِيَّةُ العَذراءُ تُرضِعُها النّدى *** ولها (جِنينُ) ومرجُها أحضانُ
من (أمِّ قَيسٍ) سوفَ تُبصِرُ وَجهَها *** ما كانَ يُخفي حُسنَهُ المُرجانُ
=====
لمّا تزَل آثارُها تحكي لنا: *** بِ(سكيثُوْبولِسَ) أبدعَ اليُونانُ
وبها “إلهَ الخمرِ” (نِيسا) أرضعَت *** والمُرضِعاتُ حليبُهنَّ حَنانُ
وبخمرِها كلُّ الفحولِ ترنَّموا *** فتراقصَ التُّفّاحُ والرُّمَّانُ
وتحيطُ أعمِدةُ الرُّخامِ بمسرَحٍ *** صرعَت بهِ أُسدَ الوَغى الرومانُ
=====
ما زال في (نِيسا) بقايا جامعٍ *** يُتلى على أطلالِهِ الفُرقانُ
ومَحا بَنو الأفعى طُقوسَ كنيسةٍ *** أجراسُها، يَومَ الحِصارِ، أذانُ
وبكَت شَبابيكُ السَّرايا مجدَها *** لمَّا اعتلى أسوارَها ثُعبانُ
نادَت فما لبّى نِداها خالِدٌ *** ولدَمعِها لم يلتفِت عُثمانُ
=====
تَبكي عَروسُ الغَورِ من زرَعوا بها *** زَيتونَها كي تأكلَ الغِربانُ!
يَبكيهِمُ القصَبُ المُعطَّرُ بالسَّنا *** والمَوزُ أحنى ظهرَهُ الهِجرانُ
ما زالَ يُثمِرُ نخلُها، شَوقًا إلى *** من هُجِّروا، ويلفُّهُ التَّحنانُ
====
“بَيتُ السَّكينةِ” جنَّةٌ مفقودَةٌ *** أعطى لها الِاسمَ المُمَوسَقَ (شانُ)
(بِيسانُ) حَسناءٌ فلسطينيةٌ *** أرخى ضَفائرَ شَعرِها كنعانُ
واليومَ يشدو للجَمالِ حفيدُهُ *** أحلى القصائدِ ما شَدا الوِجدانُ
غنَّت لها فَيروزُ ألحانَ الوَفاءِ: (يَنامُ في أفيائِها نيسانُ)
إن شئتَ تُبصِرُ جنَّةً ما مثلُها *** رَوضٌ سَماوِيٌّ فذي بِيسانُ
الظهران، 3.3.2020 جواد يونس
==============
الصورة من صفحة الصديق Anas Arqoub