فلسطين تراث وحضاره
وديار كانت قديما ديارا ” نبيل عماري “
عقود وبيوت قديمة عتيقة عتق القرية والحارة والوطن بيوت مفتوحة بيبانها للضيف
بيوت نامت على تعليلة وسواليف وصحيت على خبز الشراك والتنور بيوت الكوايروالسلال والمونة والخيرات وطوحها وساحاتها مناشر سليقة وخبيصة وزبيب وسمسم بيوت ضحكت لشمس الحصيدة ولضمة جلاتون وفحفحة زعتر …. هل نادت عليكم وحركت ذاكرتكم ومشاعركم والوجدان ففي جدرانها رائحة قهوة تتحمص وعيد وحصاد وسواليف وراديو كبير كان يرندح لناظم الغزالي يا أم العيون السود ما جوزن أنا خدك القيمر وأنا تريق منا وقصص جميلة وعذوبة صوت ربابة ورائحة بيوت الطين وطعم حبات التين عندما يتشقشق معلناً أستواءه في آب وصباحات ربيعية حملها نيسان تعلقت على جدران ودفء تلك البيوت بيوم شتائي قارص ورائحة شوي بلوط وتحميص قلية وصياح ديك يعلن ولادة النهار في جدران تلك البيوت العتيقة خبأنا العمر وزرعنا أحواضها زهور ورياحين فعمرنا الحالي وقد غزا الشيب المفرق من عمر جدران البيت العتيق ذاكرة طفولة ومدرسة وحصاد وفير ومحل وثلجة وحرب وفلسطين وفرح وحزن وأبطال جذرتهم جدتي بذاكري من الزير سالم وعنترة وسيف ذي يزن فلكل زاوية في البيت العتيق في قلبي حكاية كانت تنام معنا وتصحو على صوت الحساسين وفطور وبيض بلدي مقلي بالسمنة البلدية ولبنة دحبرتها يد أمهات لاحقن المواسم …ما أصعب وداع الأمكنة فالأمكنة تمرض وراء أصحابها وتجف أحواض زرعيتها وتغبر شجرة التين ويأكل الصدأ شبابيك البيوت ويخفت النور فيها بعد الرحيل وتبدو المنازل المهجورة كالمرأة المسنة بيضاء الشعر محنية الظهر شاحبة الوجه فالأمكنة تبكي ولكن لا يسمع بكاء الأمكنة إلا من عاش فيها وشرب من دلو مائها ونام على سطوح بيوتها في يوم صيفي حار .
فان قررتم يوما مغادرة بيوتكم القديمة لاتبيعوها بل رمموها فهي مخزون الذاكرة وصوت الجد والأب والأم والجدة فلا تؤذوا مشاعرها وأنتم ترتبون حقائبكم للرحيل عنها ف للبيوت أعين وقلوب …..وحسب قول فيروز
بواب العتيقة عم تلوّحلي وصوت النهورا ينده الغيّاب
وعيون عشبابيك تشرحلي صحاب عم بتقول نحنا صحاب
وإمشي على طرقات منسيّه دنية غياب ورح يبيت الطير
انطر شي إيد تسلّم عليي شي صوت عم بيقول… مسا الخير
خدني ازرعني بأرض لبنان بالبيت يلي ناطر التلّي
إفتح الباب وبوّس الحيطان وإركع تحت أحلى سما وصلي