مكتبة الأدب العربي و العالمي
أونامير_والحورية الجزء الثالث
قال العرّاف: إسمعي، ليس هناك من حلّ سوى أن يركب إبنك على ظهر أحد النّسور حتى قمّة الجبل،والحوريات يفعلن ذلك للطلوع والنّزول ،وهم يطعمونها، ويحرسون أعشاشها ،المشكلة أنّ هذ الطيور تكره الإنس لإفسادهم في الأرض ،ولن تقبل بمساعدته إلا إذا إحتال عليها ،لمّا سمع أونامير، نحر ثورا سمينا وقسّمه إلى قطع ،ثم ذهب إلى سفح الجبل فعلّق شيئا من اللحم على أغصان الأشجار ،فكانت النّسور تأتي وتأكل ،وبقي على هذه الحال يومين ،وفي اليوم الثّالث وجد صفّا منهاواقفا ينتظر ،فقال لهم : لديّ كثير من اللحم، وإن أوصلني أحدكم لقمّة الجبل أعطيته له ،فتقدم واحد منهم ،وقال له: ولماذا تريد الذّهاب إلى هناك ؟ من المؤكد أنك تدبّر شيئا ،فنحن نعلم مكركم !!! هزّ بقيّة النّسور رؤوسهم، وصاحوا : لا حاجة لنا بطعامك ،وارحل من هنا .
بعد أن طاروا ،جاء واحد صغير، وقال لأونامير: هات لي من اللحم الشّحم، وسأخبرك بشيئ يرضيك!!! أكل النّسر حتى شبع ،ثمّ قال :أنت لا تبدو مثل بقيّة قومك ،ولا شكّ أنّ أمرا ما دفعك للّتضحية بثور كبير ،فحكى له أونامير عن قصته ،فأجاب النسر: أنا لا أقدر على حملك، لكن هناك واحد يعيش بمفرده في الغابة وبإمكانه مساعدتك ،شكره أونامير على معروفه ،ثمّ بدأ يدور في الغابة لعلّه يعثر عليه ،ونزل الظلام ،فجلس ،وأشعل نارا ،ثمّ أحسّ بالجوع ،فأخرج من ذلك اللّحم ،وشواه ،وبدأت الثّعالب والضّباع تقترب منه لتبحث عن عظمة أو شحمة ،وفجأة هربت كلّ الحيوانات ،ثمّ سمع صوتا حادّا ،وشاهد نسرا كبيرا قد زال أكثر ريشه ،فقال :إنّه يبدو مسنّا ،فكيف سيحملني على ظهره ؟ ثم رمى له اللحم ،فأكل ،وفي الصّباح عاد ،فقال له: أونامير :هل يمكنك أن تؤدي لي معروفا ؟ فضحك النّسر ،وأجاب : ولم لا ،لكن قل لي ما هي حاجتك ؟
صمت أونامير، ثمّ قال :أن تحملني لقمّة الجبل !!! ردّ النسر : لقد عشت زمنا طويلا ،ومرّت أمامي أجيال من النّاس ،وكلّ ذلك بفضل زهرة سحرّية تعطي الحياة ،لكن قلّت مع الأيام لقطعهم الأشجار،وربّما إنقرضت الآن ،وهي سوداء، أمّا لونها فيشبه التّوت البري ،لو أتيتني بها لرجع لي الشّباب ،ونما ريشي، وحينئذ أطير بك حيث تشاء !!! إحتار أونامير ،فمن أين سيأتي بهذه الزّهرة ؟ هذا إذا كانت أصلا موجودة!!! ثم مشى وهو ينظر في كل مكان، لكن لم يشاهد زهورا سوداء ،وفي الأخير أحسّ بالتّعب،فجلس على الأرض، وأخرج من جيبه خاتما صغيرا من الفضة المنقوشة ،كانت تضعها الحورية في إصبعها ،ثم بدأ يبكي وتساقطت دموعه على الأرض وفجأة خرجت أرنب وسرقت الخاتم ، فاتبعها أوناميرحتى دخلت غارا صغيرا ،ومد يده فأخرج الخاتم وكان هناك شيئ ملتصق به ولما نظر إليه شهق من الدّهشة فلقد كانت زهرة سوداء ،فأخذها ،لكن في الطريق خطر في باله أن يقسّمها إلى نصفين .
ولمّا وصل إلى النّسر أعطاه النّصف ،وما أن أكلها حتى بدأ ريشه في النموّ، ورجعت له قوّته ،ثم ركب الفتى على ظهره ،وحلّق به في الهواء ،إستمر النّسر في الصعود ،وبعد أن قطع نصف المسافة، إلتفت لأونامير، وقال له: لن أقدر على بلوغ قمة الجبل ،فما أكلته من الزّهرة ليس كافيا !!! ثم رماه من ظهره، فوقع في غدير ماء ،ولام نفسه على إخفاء نصف الزّهرة ،فماذا سينفعه ذلك ؟وفجأة سمع صوت صهيل ،فرأى حصانا أبيض على جبينه قرن يحاصره أسد ضخم الخلقة ،فأمسك حجرا ،ورماه بقوة فأصاب رأس الأسد، الذي زمجر وجرى وراء الفتى، الذي هرب حتى وصل إلى هوّة عميقة ،فصاح :لقد هلكت !!! لكن خرج الحصان فجأة ،وقال له: إركب بسرعة، ثم قفز به، وورائه الأسد لكن نجا الإثنان ،أما الأسد فسقط في الهوّة ،وتحطّمت أضلاعه ،ثم جلسا ليستريحا بعد كل هذا الجري ،وشكر أونامير الحصان ،فردّ عليه :لا أعرف ماذا يفعل الإنس في هذا الجبل ،لكن لولا وجودك ،لصرت طعاما للوحوش !!!سأله أونامير:هل تعرف الحوريات اللواتي يعشن هنا ؟ أجابه :نعم ،لكن الطريق لا يزال بعيدا لقريتهن وهو مليئ بالمخاطر،لكن لماذا تسأل ؟ قال الفتى :واحدة منهن زوجتي، وإسمها بدرة ..
…
يتبع الحلقة 4
من قصص حكايا العالم الاخر