وتعد اللغة العربية ركنا من أركان التنوع الثقافي للبشرية. وهي إحدى اللغات الأكثر انتشارا واستخداما في العالم، إذ يتكلمها يوميا ما يزيد على 422 مليون نسمة من سكان المعمورة. وقد أبدعت اللغة العربية بمختلف أشكالها وأساليبها الشفهية والمكتوبة والفصيحة والعامية، ومختلف خطوطها وفنونها النثرية والشعرية، آيات جمالية رائعة تأسر القلوب وتخلب الألباب في ميادين متنوعة تضم على سبيل المثال لا الحصر الهندسة والشعر والفلسفة والغناء.
وتتيح اللغة العربية الدخول إلى عالم زاخر بالتنوع بجميع أشكاله وصوره، ومنها تنوع الأصول والمشارب والمعتقدات. ويزخر تاريخ اللغة العربية بالشواهد التي تبيّن الصلات الكثيرة والوثيقة التي تربطها بعدد من لغات العالم الأخرى، إذ كانت اللغة العربية حافزاً إلى إنتاج المعارف ونشرها، وساعدت على نقل المعارف العلمية والفلسفية اليونانية والرومانية إلى أوروبا في عصر النهضة. وأتاحت اللغة العربية إقامة الحوار بين الثقافات على طول المسالك البرية والبحرية لطريق الحرير من سواحل الهند إلى القرن الأفريقي.
فقد أفضى التقدم العلمي والاستخدام الواسع النطاق للغات العالمية مثل الإنجليزية والفرنسية إلى حدوث تغيرات عديدة في اللغة العربية، حيث أخذت هاتان اللغتان الأجنبيتان تحلّان تدريجياً محلّ اللغة العربية، سواءً كان في التواصل اليومي أو في المجال الأكاديمي.
وفضلاً عن ذلك فقد قل استخدام اللغة العربية الفصحى مع تزايد أعداد الذين اختاروا استخدام اللهجات العربية المحلية، مما ولد حاجة متنامية إلى صون سلامة اللغة العربية الفصحى بجعلها تتماشى مع متطلبات المشهد اللغوي المتغير في يومنا هذا.
وتستهل اليونسكو، من خلال تنظيمها اجتماعاً افتراضياً مع أكاديميين ومهنيين مختصين باللغة العربية، نقاشاً عالمياً لبحث الدور الذي تضطلع به مجامع اللغة في صون وحماية اللغة العربية وضرورة وجود هذه المجامع. وقدم الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية لعام 2020 من خلال بحث هذه المسائل، فرصة للتفكير في دور مجامع اللغة في المساعدة على إحياء استخدام اللغة العربية الفصحى والنهوض بها، ومناقشة هذا الدور، فاللغة العربية هي حلقة وصل بين الثقافات لا تحدها حدود المكان والزمان، وتجسّد اللغة العربية حقاً التنوع بدور مجامع اللغة العربية والوقوف على أبعاده. فلا يقتصر دور هذه المجامع على حفظ اللغة العربية وإثرائها وتعزيزها، بل يشمل أيضاً المساعدة على رصد استخدامها في نقل معلومات دقيقة في سياق الأحداث العالمية الراهنة.”
نعشق اللغة العربية ونحن متأكدون أنها تلعب دوراً فعالاً في مجريات حياة الشعوب بمختلف أعراقهم وأصولهم في دول العالم، حيث تعد أداة تساعدهم في التعبير عما يجول في أنفسهم من مشاعر، ورغبات، وتساؤلات، حيث تعتبر المكونات الأساسية لها؛ الكلمة، الإيماءات، الإيحاءات، وهي أدوات أساسية في التعبير عن مجموعة كبيرة من الأحاسيس والعواطف، ولا شك أن أبرز ما يميز الجنس البشري عن سائر المخلوقات هو اللغة سواء كانت المكتوبة والمنطوقة، التي يستخدمونها في تسخير طرق التواصل والترابط فيما بينهم.
وأختم مقالي بترتيب لغات العالم من حيث عدد متحدثيها تنازلياً:
اللغة الإنجليزية (1.39) بليون متحدث. اللغة الصينية (1.15) بليون متحدث. اللغة الإسبانية (661) مليون متحدث. اللغة الهندية (544) مليون متحدث. اللغة العربية (422) مليون متحدث. اللغة المالاوية (281) مليون متحدث. اللغة الروسية (267) مليون متحدث. اللغة البنغالية (261) مليون متحدث. اللغة البرتغالية (229) مليون متحدث. اللغة الفرنسية (229) مليون متحدث.
ما أجملها من لغة وما أعظمها من حروف. إنها “لغتي العربية” صدى صوت أمي التي نطق بها قلبي قبل لساني.
*سفيرة الإعلام العربي
*عضو الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين
*عضو اتحاد الكتاب والمثقفين العرب
*مسؤولة الإعلام بجمعية كيان للأيتام ذوي الظروف الخاصة