مقالات
عشاء ليلة الاثنين بجوبا هل يجذب الأخرين بقلم: عواطف عبداللطيف
نعم انه عشاء ذو نكهة خاصة لانه طبخ بعاصمة جنوب السودان ذات الخصوصية والتي ذاقت مرارات الحروب عشاء فاخر لانه جاء بعد جولات مرهقة وسلسة في نفس الوقت وعلى موائد مستديرة بعاصمة جنوب السودان جوبا .
نعم سلام تم غزل و نسج خيوطه بتأني وعلى غير ما خطط له وبدايات ثورة سبتمبر حيث التهم سنة كاملة من عمر الفترة الانتقالية وسط ظروف لم تكن كلها ممهدة لصناعة سلام يلبي الطموحات وفق تأرجح مقاعد حكومة الفترة الانتقالية .
فالسلام صحيح انه يبدأ بمهر الاتفاقيات وتوقيع الاوراق ولكن تبقى تدبيج الاماني وتحقيق السقوفات العالية ما هي إلا حسن نوايا لان السلام الحقيقي هو ما يزرع في باطن الارض ووسط المتضررين والمهمشين وحينما تمسح الامهات اوجاعهم وترد لهم مظالمهم .
السلام هو الامن والتنمية هو التعليم والصحة هو الاستقرار للرحل والزراع والضرع ولإسكات تدفق الدماء .
سلام عشاء ليلة الاثنين نريده في ذات الارض التي حرقت لتخضر نريده وسط الامهات الثكلى لتجف دموعهم … السلام هو السكن الأمن والكساء والغذاء والدواء للاطفال … منذ ان التهبت اجزاء مختلفة من اطراف السودان وكثير من الاتفاقيات وقعت وكثير من الايادي تدخلت لتصنع السلام ولكن السلام الحقيقي. يصنعه أصحاب المصلحة والملتحفين السماء الضاغطين علي الجمر .
السلام ما هو توزيع للحقائب الوزارية ولا المكاتب الوثيرة ولا السكن في القصور وفارهات السيارات بل هو حمل معول التنمية للتصالح والتسامح ونبذ العنصرية ودفن الأنانية وانبات الزرع والضرع .
السلام ما هو مكافأت مدفوعة الثمن للمتفاوضين بل هو ما يتحقق لحليمة وفاطمة ولادم ومحمد ولمن حرقت بيوتهم ولمن اقتلعت حواكيرهم .. السلام هو الماء النقي والدواء الشافي هو مقاعد الدرس وألف باء التعليم .
ان توقيع سلام جوبا يبقى ناقصا إن لم يلحق بالركب ومسيرة الاستقرار بقية المتحاربين وحاملي السلاح وكل من يراوده الشك او تلاحقه الاماني ان البطولات تاتي بالاحتراب وان السلام يصنع بالبنادق .
السلام هو ان يمدد الجميع أياديهم لأعمار الارض للزراعة والصناعة والنهضة التنموية الحقيقية فقد وقعت كثير من الاتفاقيات ولكن دفنت كما لم تولد وفي ذلك يتحمل المواطن المهمش واللاجئ وحده مالات الاخفاقات وسرقة الافراح فهل يا ترى يحزم أصحاب البدل الانيقة وأربطة العنق اللامعة امتعتهم لحيث يسكنون بنود السلام في الاراضي المحروقة أم يتدافعون لحيث سكن ما جاء قبلهم ببنود اتفاقيات سلام تموت قبل أن تولد .
وهل يا ترى سينزل الموقعين علي الاتفاقيات تجاربهم وخبراتهم التي اكتسبوها من جولاتهم المكوكية لدول العالم ومنطمات المجتمع الدولي والناشطة في مجالات الخدمات المجتمعية والانسانية الى المتضررون من الحروب ليذوقوا طعم الاستقرار والنماء .
هل سيعقدون ورش العمل لرفع الكفاءات ودعم الخبرات ؟… هل سيغرسون في النشء ان التصالح قيمة مضافة للوطن؟ … هل سيكونوا اضافة لتتحرك قطارات الوطن الواسع الشاسع؟ .
وهل راكبي قطار سلام جوبا والمتحلقون حول مائدة عشاء ليلة الاثنين سيشكلون عظمة اساس لوطن قامة وهل سيكونون اضافة حقيقية لصناعة سودان جديد يجب ما قبله من اوجاع وينتظره الكثيرون ويطمح له شباب الثورة الذي دفع دماءه في سبيل سلام حرية عدالة .
مبروك سلام ليلة الاثنين والذي لن يكون كما قبله لان شباب الثورة نضج عوده ورسخت مفاهيمه واستوعب الدرس .
اعلامية وناشطة اجتماعية مقيمة بقطر