مقالات
هاشتاج «سلموا المعبر» ولا حياة لمن تنادي !
رجب أبو سرية
مع بدء العد التنازلي للعام 2015، بدأ كالعادة الفلسطينية المعروفة موسم انطلاقات الفصائل، في الوقت الذي يبدأ فيه عادة «العرّافون» بالتنبؤ بما سيقع أو سيكون من أحداث خلال العام الجديد 2016، فيما يقوم المحللون والمراقبون _ كالعادة أيضا _ بجردة عامة لما شهده العام الذاهب إلى طيات التاريخ.
على الصعيد الفلسطيني، الذي يهمنا بالطبع أكثر من أي شأن آخر، سجلت لجنة «حكومة غزة»، أن العام 2015 لم يشهد دخول وفود متضامنة، كما جرت العادة خلال السنوات السابقة، فيما استمرت حالة الانقسام، وإغلاق معبر رفح، مع تزايد « فتح « معبر بيت حانون بالمقابل، فيما شهد العام 2015 انطلاقة الهبة الشعبية منذ مطلع تشرين الأول، مع تسجيل مكتسبات إضافية على الصعيد الدبلوماسي الفلسطيني، لكن دون أي جديد فيما يخص التقدم في ملفي المصالحة والمفاوضات مع إسرائيل .
أما قائد هيئة أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي غادي آيزنكوت فقد قال بأن جبهة قطاع غزة شهدت حالة هدوء منذ انتهاء العدوان عليها قبل عام ونصف، أي منذ الحرب الإسرائيلية عليها في تموز / آب العام 2014، هي الأهدأ منذ خمسة عشر عاما، أي منذ العام 2000 !
وقد شهد معبر رفح آخر فتحة له الأسبوع الماضي، بعد إغلاق استمر لمائة يوم، جاءت بعد أحاديث عن وجود اتفاق فلسطيني / مصري، لم يعلن عن تفاصيله، وذلك خلال زيارة الرئيس محمود عباس للقاهرة قبل نحو شهر، لكن حماس رفضته، بحجة أنها لم تكن طرفا في الاتفاق، حيث أشار الجانب الفلسطيني، إلى أن القاهرة تصر على التعامل مع الجهة الفلسطينية الرسمية، وتشترط وجود السلطة الرسمية على الجانب الفلسطيني من المعبر، ممثلة بالرئاسة وحكومة التوافق بالطبع.
المثير أن فتحة المعبر الأخيرة، جاءت مفاجئة، أي دون أن يكون لا الجانب المصري الرسمي ولا الأوساط الرسمية الفلسطينية، ممثلة بالسفارة الفلسطينية بالقاهرة، قد أعلنت عنها من قبل، بحيث أن وسائل الإعلام قالت بشيء من التندر أن الإعلام المصري ممثلا بوكالة الأنباء، هو من بادر بالإعلان عن فتح المعبر، أو انه بإعلانه « ضغط « على السلطات المصرية، بحيث قامت بفتح المعبر مؤقتا _ كالعادة بالطبع.
بعض ممثلي السلطة الفلسطينية أشاروا إلى أن الاتفاق الفلسطيني / المصري، تضمن فتح المعبر بشكل دائم للحالات الخاصة، أي المرضى والطلاب وأصحاب الإقامات في الخارج، بما يعني بأن الفتح الطبيعي والدائم لمعبر رفح، سيظل ينتظر الاتفاق الميداني بين الفلسطينيين، الذي يؤدي إلى تسلم السلطة الرسمية المسؤولية الأمنية والسياسية والإدارية للمعبر.
من هنا، بادر الشباب الفلسطيني وبعض الشخصيات السياسية، إلى إطلاق « هاشتاج « بعنوان : سلموا المعبر، والمقصود بالطبع حركة حماس، أي انه ومع اتضاح حجم واستمرار المشكلة التي تتسبب في معاناة مستمرة وصعبة للمواطنين الفلسطينيين من سكان قطاع غزة، طالب الهاشتاج الشعبي «حماس» بتسليم المعبر لحكومة التوافق، دون إبطاء ودون قيد أو شرط.
وكالعادة أيضا، انبرى بعض قادة «حماس» وفي مقدمتهم الرجل الثاني أو الثالث في الحركة، المعروف بحركته ونشاطه الدؤوب، حتى في وسط ما يسمى بالإعلام الاجتماعي، أي إعلام الإنترنت التفاعلي، الفيسبوك وتويتر، للدعوة، بمحاولة صدها، والإبقاء على واقع الحال كما هو عليه!
وكأن أذني «حماس» واحدة من طين والثانية من عجين، أو أن حالها، كما يقول بيت الشعر الذي ذهب مثلا شعبيا، لقد أسمعتَ لو ناديتَ حياً، ولكن لا حياة لمن تنادي !
من خارج أوساط «حماس» و»فتح» هناك جهات وأوساط تقترح « حلولا « عديدة للمشكلة، منها أن يتم بشكل مؤقت ترتيب سفر المواطنين عبر رفح، كما يحدث مع بيت حانون، ومنها أن يدار المعبر من خلال جهة أمنية عربية محايدة، أو تسليم المعبر بالكامل لحكومة التوافق مع تخصيص صندوق بإيرادات المعبر لتطوير العمل فيه، فيما يبقى السؤال هو لم توافق «حماس» على وجود ما يسمى بـ ( 5 _ 5 ) أي حاجز وزارة الشؤون المدنية التابعة لحكومة التوافق بعد حاجز ( 4 _ 4 ) التابع لها المعمول بهما على معبر بيت حانون، ولا توافق على العمل بالمثل فيما يخص معبر رفح؟!
يبدو أن الجواب يعني بأنها تدرك بان عناصرها وكوادرها، لن يمروا، في كل الأحوال من الحواجز الإسرائيلية، وأنهم لو « مروا « فان سفرهم لن يكون إلا لداخل فلسطين، فمعبر بيت حانون يصل أهل غزة بالقدس والضفة الغربية، عبر المرور «بإسرائيل» فيما المرور عبر رفح يصل بهم للخارج، أي لقطر وتركيا وغيرها من دول العالم !
إذن، حماس تقوم «برهن» أهل غزة، وراء حاجزها في رفح، من أجل فتح الطريق لقياداتها وكوادرها وعناصرها للاتصال بالخارج، والسفر إلى حيث شاؤوا من دول وأماكن، وبذلك تقول، إما أن يسمح لنا جميعا بالتنقل وإلا فلا احد يسافر، لا المرضى ولا الطلاب ولا أصحاب الإقامات ولا المواطنون. ورغم أن الهبة فتحت أبواب الأمل للناس باقتراب عودة اللحمة الوطنية، إلا أن التراشق الذي شارك فيه «رأس حماس» خالد مشعل، لا يبشر بخير، بل يعيد الأمور إلى نقطة الصفر!—————————————