الدين والشريعة

وقفات قبل رمضان د.رفعت برهام

image
بسم الله الرحمن الرحيم ،الحمد لله رب العالمين ،والصلاة والسلام على خاتم النبيين ،وقائد الغر الميامين ،محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد .

إن التأهب والاستعدواد لاستقبال رمضان وتحري هلاله من تعظيم شعائر الله تعالى،قال تعالى:(ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)،الحج:22.فعلى المسلم أن يتجهز لاستقبال رمضان قبل أن يأتي ،قال تعالى:(ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة)،التوبة:46. فلما لم يعدوا العدة للخروج علم المولى عز وجل أنهم غير صادقين،فعاقبهم بالتثبيط والخذلان:(ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم)،التوبة:46.
فإن كنت أيها الحبيب تريد العتق من النار في رمضان،وتمحى ذنوبك وتقال عثراتك،وترفع درجاتك،وترفع درجاتك ،وتسعد في دنياك وأخراك،فلا بد من إعداد العدة لاستقبال رمضان. وكما يقول ابن القيم (حذارا حذارا من أن يأتي عليك واجب الوقت وانت غير مستعد له ومتهيئ لفعله،فتعاقب بالتثبيط عن فعله والتخذيل عن تحصيله).
ولقد جعل المولى عز وجل رمضان سيد الشهور وضاعف فيه الحسنات. وقد قال صلى الله عليه وسلم:(إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب جهنم،وسلسلت الشياطين)،رواه البخاري ومسلم.
فهيا بنا نقبل على هذا الشهر بهمة عاليه نقف فيها وقفات مهمة .
الوقفة الأولى : التوبة النصوح.
والتوبة هي :الرجوع إلى المولى عز وجل بعد المعصية والوقوف ببابه موقف الذليل الذي يرجو المغفرة ويخشى العذاب .
والتوبة من الذنوب والرجوع إلى علام الغيوب مبدأ طريق السالكين ،ورأس مال الفائزين ،فهي أول طريق العودة إلى رب العالمين .
فعلينا أن نستعد لإستقبال رمضان بالتوبة الصادقة النصوح كما يقول عز وجل: ( وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون).……النور ، الآية : ٣١.
وقال تعالى: ( ومن لم يتب فأولائك هم الظالمون)….الحجرات ،آية :١١.
فقد قسم المولى عز وجل العباد إلى تائب وظالم وليس ثم قسم ثالث، وأوقع إسم الظلم على من لم يتب، ولا أظلم منه لجهله بربه وبحقه وبعيب نفسه وآفات عمله ). مدارج السالكين ،لابن قيم الجوزية . ورمضان فرصة للتوبة ،ففيه تفتح أبواب الجنان ، وتغلق أبواب النيران ، وتصفد الشياطين ، والعبادة فيه متعددة والاجور مضاعفة .
قال صلى الله عليه وسلم: (إذا كان أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن ،وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب ،وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب ، ونادى مناد:يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ، ولله عتقاء من النار ،وذلك كل ليلة ) …رواه الحاكم وصححه على شرط الشيخين .
فعلينا جميعا الإسراع بالتوبة ،قال الحسن البصري frown رمز تعبيري إن قوما ألهتهم أماني المغفرة حتى خرجوا من الدنيا بغير توبة ،يقول أحدهم :إني أحسن الظن بربي ، وكذب ،لو أحسن الظن لأحسن العمل ).
والتوبة من جميع المعاصي واجبة على الفور ،لا يجوز تأخيرها ولا التسويف بها ؛ لأن الإنسان لايدري ماذا يحدث له بالتأخير ،فربما فاجأه الموت ، ولأن الإصرار على المعصية يوجب قسوة القلب .
وللتوبة شروط هي : ١- الإقلاع عن الذنب .
٢- الندم على فعل هذا الذنب .
٣- العزم على ألا يعود إلى هذا الذنب أبدا.
فإن كانت المعصية لحق أدمي فلها شرط رابع وهو :
٤- التحلل من صاحب ذلك الحق.
فالبدار البدار والإسراع الإسراع بالتوبة .
الوقفة الثانية :تطهير القلوب
يقول عز وجل: (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم)…..الشعراء ،الآيتان:٨٨،٨٩
يجب على المسلم أن يستقبل رمضان بقلب طاهر سليم ، خال من الشرك والشك والبدع والأهواء والشهوات والشبهات، ومن الرياء والسمعة ،والغل والحقد والحسد والبغضاء والشحناء، وسوء الظن والبخل والشح والغفلة ،إلى غير ذلك من أمراض القلوب .
والقلب يحتاج دائما إلى تطهير معنوي مستمر ،فعلينا أن نهتم بإعداد القلب للصوم قبل إعداد الجسد لذلك ،فبصلاح القلب يصلح الجسد.
عن النعمان بن بشير الأنصاري رضي الله عنه :أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ألا وهي القلب ) ..رواه الشيخان .
والقلب هو موضع نظر المولى عز وجل في عباده.قال صلى الله عليه وسلم: ( إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم ).رواه مسلم
فعلينا أن نعلم أن الفائز يوم القيامة هو صاحب القلب السليم ، وسلامة القلب تكمن في عدة أمور منها :
١- أن يسلم من الشرك صغيره و كبيره ،قال ابن القيم frown رمز تعبيري ولا صلاح للقلب إلا بتوجيه محبته وعبادته وخوفه ورجائه لله تعالى ).
٢- أن يسلم من البدعة ،ومخالفة السنة .
٣- أن يسلم من الشبهات التي تزيغه وتحمله على اتباع الهوى وتكذيب الحق.
٤- أن يسلم من الشهوات التي تمرضه وتفسده .
وسلامة القلب من هذه الأمراض والآفات لا تتأتى إلا باسباب لابد من الأخذ بها ،ومن أسباب صلاح القلوب :
١- تلاوة القرآن الكريم.
٢- عمارة القلوب بالإيمان .
٣- كثرة ذكر الله تعالى .
٥- ومن أهم أسباب صلاح القلوب دعاء المولى عز وجل وسؤاله إصلاح القلب وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو فيقول :(يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك )./رواه الترمذي
نسأل المولى عز وجل أن يغسل قلوبنا بماء اليقين ،وأن يحعلنا من عباده المخلصين ،وأن يبلغنا رمضان غير فاقدين ولا مفقودين ،وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

مقالات ذات صلة

إغلاق