مقالات

تتسلل إلى رحاب الدير بجلبة من الهمس، وصمت من ضجيج… يلوح مارسيل خليفة بزنابق كفه لريشة من هدوء وعنفوان

علي نسر

تتسلل إلى رحاب الدير بجلبة من الهمس، وصمت من ضجيج… يلوح مارسيل خليفة بزنابق كفه لريشة من هدوء وعنفوان، فيعطي شربل روحانا فرس أوتاره حرية الصهيل في سفوح من ترجيع صدى لا طريق لكبح الجماح فيها… يتناوب المتجادلان الجدل، جدل الحياة والمصير والإنسان… تضع يدك على وجهك وتغمض كأن ترنيم أذان غروب يأتيك من غيهب بعيد… ويخترق رنين جرس جرود القلب فينعشها.ليذوب الصوتان صوت الأذان ورنين الجرس في ممر الإنسان غاية الغايات في هذه الدنيا.. جدل ليته هوية للوجود، حيث التلاقي بين اطراف الجدال، فتستحيل الزهرة ثمرة تحت ضغط نواميس المنطق… جدل لا يشبه جدالات العالم عموما والعربي الممزق طائفيا خصوصا… فتسقط ريشة العود، كلمة الحوار، تسقط الحراب والسنان التي تفتك بالفكرة ايديولوجيا كما اختزلها المتنبي حين قال:
كلما أنبت الزمان قناة/ ركب المرء في القناة سنانا…
يختتم المتجادلان سجالهما، ولن نقول سجاليهما، لأن التعارض تتقلص مسافته حين تكون الغاية نبيلة وإنسانية، فيصبح الجدل واحدا كروح يتقاسمها جسدان، يختتمانه بحداء صوت مارسيل المترنح بكلمات ريتا والبندقية فنترنح معه سكارى فوق ارجوحة حبالها منصوبة بين الجبال والبحر فنغفو مطمئنين على ترتيل موسيقي غريب ثم نعود اطفالا يفتشون عن خيطان طائراتهم الورقية… وتنقشع تضاريس وطن انهكته السياسة والطوائف… وتنبري وجوه أمهاتنا بخبز طازج وقهوة محمصة على صاج أصابعهن… وتنتصب شجرة الكينا رغم انها مالت بغياب الآباء…
وحين تحتسي ما تحتسي من كؤوس بلا كؤوس، تطالعك بسمة يولا شريكة مارسيل في الحياة والغناء مرحبة، مقدرة المجيء من صور الجنوب، ثم هدوء صوت أميمة فتردنا إلى شباك اطل عصفور منه راسه يوما بجناحين متكئين منهكين فيتوارى خوفنا الطفولي من ذاك الديب الآتي ليأكلنا، بعد ان علمتنا كيف نحمل البارودة ونملأ رصاصها…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق