الرئيسيةخواطرشعر وشعراء

ذكرتني الليلة، والمطر ينهطل، بليال خلت، كنت فيها أستمتع بالسّهر مع والدي رحمه الله وأصحابه قرب كانون الحطب،

كتب الدكتور صالح ابو ليل

ذكرتني الليلة، والمطر ينهطل، بليال خلت، كنت فيها أستمتع بالسّهر مع والدي رحمه الله وأصحابه قرب كانون الحطب، الذي كنت أشرف على تعبئته كلما نقص فحمُه. كان الحديث له شجون، وكان كلّ واحد يدلي بدلوه، وبطريقته الخاصة، فتتوزّع الابتسامات وتجلجل الأفواه بالضحكات، وأحسّ بالمتعة والعاطفة والدفء. كان الحاضرون يحبوّن تواجدي بينهم، فقد كبر عمري وأنا أرافقهم سهراتهم الشتويّة، إذ كنا نعتبر موسم الشتاء “فصل الشدّة” واللّمة الحلوة والسّمر. أذكر سنوات طفولتي حيث كان لي نصيب من الشكولاتة التي كنت أشتريها لأصحاب والدي مع صناديق الدّخان، التي كانوا يرسلونني لشرائها من الدّكان. إحدى القصائد التي ارتجلها والدي، رحمه الله، كانت قصيدة زجليّة غراميّة، وذلك عندما طلب منه أحد أصحابه أن ينظم في باب الغزل. نجحت كعادتي في كتابتها وتدوينها على الورق ثم حفظها في مكان آمن ليأتي يوم من الأيام فيقرؤها الأخرون من محبّي تراثنا العريق. قال والدي حينها:

يا معادل الرّوح ما بصبر بلاك – بقبل حياتي تنقضي كلها حداك
ما هو بيدي لا تلومني يا حبيب – بالبعد ربّي ابتلاني وابتلاك

ما هو بيدي لا تلومني يا حبيب – بالبعد ربّي ابتلى قلبي الكئيب
أقضي الليالي بالبكاء وبالنحيب – (يا ليت) ما ترضي بعذابي يا وليف
ارحم فؤادي “وين رحت” خذني معاك

وان كان ما ترضى بعذابي يا وليف – ارحم عذابي وارفق بجسمي النحيف
للهم، للأحزان محبوبك أليف – وطيب الكرى ما عاد بولف مضجعي
من كثر هجرك من صدودك من جفاك

وطيب الكرى ما عاد يولف مضجعي – من مقل عيني دم أصبح مضجعي
ويا عيون الزين طلي وارجعي – كي تنظري حال المُعذّب بالغرام
وتسأليني وين يا معذب دواك

كي تنظري حال المعذّب بالغرام – وترجعي من حيث أتيت بسلام
يا وليفي عود للماضي حرام – تقتل وليفك بعد جُرحه ما أندمل
وما عاد له بين الخلق مُسعف سواك

تقتل وليفك بعد جرحُه ما اندمل – يا تعس حظي فيك ضيّعت الأمل
يا وليفي قول “عادت” ما العمل – إن كان ما يرضيك حبّي بالوجود
اقضي عليي وريح قلبي من هواك

إن كان ما يرضيك حبّي بالوجود – اقضي عليي وريح قلبي من الصدود
أين الصداقة والمودة والعهود – وأين المحبة يا وليفي والوفا
تخمين صرنا بعاد ما نحزر لقاك

أين المحبة يا وليفي والوفا – تخمين صرنا بعاد حصتنا الجفا
وان كان تمزح هالمزح “عادت” كفى – وان كان قولك جد يا صبر جميل
فتوى بقتلي بس قلّي من عطاك

بحيث روحي اوقفتها عامحبتك – وجعلتها يا معذبي في قبضتك
روحي وحياتي أصبحوا في ذمتك – بقنع بحبّك بس بالشيء الزهيد
من قبل موتي بس خليني أراك

بقنع بحبك بس بالشيء الزهيد – من قبل موتي وانظر الوجه السّعيد
إن كان شخصك عن منازلنا بعيد – بطلب كتابك والرّسم طيّ البريد
تاجاوبك يا معذبي صلّح خطاك

بطلب كتابك والرّسم طيّ البريد – من قبل موتي وانظر الوجه السّعيد
تاجاوبك إنا انتسينا شيء أكيد – لكن لا تنسى يا ولف يوم الوعيد
بتشوفني بالآخرة بطلب رضاك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق