الرهان الاقتصادي يعد اصعب الرهانات خصوصا في ظل الأرقام المفزعة التي تعرفها المؤشرات الاقتصادية ، و الاشكال الاكبر ان الحلول الفعلية تتطلب بالضرورة قفزة اقتصادية لان الاقتصاد حسب وجهة نظرنا هو أب الإجتماع السياسي ، فهو عامل ضروري للإستقرار و التقدم و التحرر ، و لسنا من أنصار النظريات التي تعتبر محرك الاقتصاد هي الديمقراطية فالعكس هو الصحيح ، على الأقل بالنسبة لنا في تونس و بعد تجربة تسعة سنوات فهمنا بما لا يدع مجال للشك أن الديمقراطية لا يمكن التنعم بثمارها إلا في ظل حالة انتعاشة و استقرار إقتصادي ، و الانتخابات الاخيرة من جملة المعطيات التي عبر عنها الوعي الجماعي هي الحاجة لتغيير اقتصادي نوعي و كمي .
من المؤكد أن تونس لها قطاعات ارتكز عليها نهجها الاقتصادي لسنوات و هي الفلاحة و السياحة و بعض القطاعات المنجمية خصوصا الفسفاط ، اليوم كل هذه القطاعات تشهد اشكاليات عميقة منها قدم المنهج و ضعف البنى التحتية و غياب الرؤية الاستراتيجية فيما يتعلق بهذه القطاعات مما جعل التعامل معها بسياسات تقليدية يقف دون تحقيق الثروة المطلوب انتاجها من هذه الثروات .
و سأأخذ مثالا صارخا للمعالجات الرعوانية في هذه القطاعات ، ففائض انتاج القمح للسنة الماضية تم التعامل معه بطريقة متخلفة من حيث التوقع و الاعداد و التصرف حتى أن فائض الانتاج تم التعامل معه كأزمة ليس كحدث ايجابي ، ضف إلى ذلك أن عدد الليالي المقضاة الذي شهد ارتفاعا في السنة الماضية لم يتم استثماره في اطار نظرية الاستفادة الشاملة التي تجعل قطاعات مجاورة للسياحة تستفيد من ذلك خصوصا قطاع الصناعات التقليدية ضف إلى ذلك أن الاستقرار الاجتماعي الملحوظ الذي شهده الحوض المنجمي في الثلاثة سنوات الماضية لم يتم استغلاله في ترفيع الانتاج و اعادة موقعنا في الاسواق العالمية .
إلى جانب ذلك نجد المؤسسات العمومية تعاني من اشكاليات حوكمة و برمجة و عصرنة منهج التسيير .
كل هذه مهمات سياسية لو تم التعامل معها بالذكاء المطلوب و الحنكة المطلوبة نستطيع تحركيك دواليب الانتاج بالتالي الثروة و كل عام خارج عن هذه الرؤية لن يجدي نفعا .