مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية #بنت_السلطان_والمكتوب النصف الثاني والاخير الفارس الملثّم..

يوم السّباق لاحظ الحضور فارسا جديدا لم يوه من قبل، وقد لثّم وجهه ،وكان بارعا في الفروسيّة ،وجواده سريعا ،وفي الأخير غلب فرسان السلطان الذي أحسّ بالغضب .ابتسم الوزير ،وقال له : هذه المرّة خسر مولاي ،وتاج الزّهور سيكون من نصيب محمّد، وهو ولد استبنيته ،وأدّبته !!! ولمّا تقدّم من الأميرة ،ونزع لثامه ،سقط تاج الزهور من يديها ،وأخذت تنظر إليه بدهشة ،ولم ترفع عينيها عنه ،صاح أبوه في وجهها : تاج الزّهور يا بثينة، لا تضيعي وقتنا !!! أرادت أن تتكلّم ،لكنّها تلعثمت ،وفي النّهاية إلتقط محمّد التّاج، ووضعه على رأسه، وإنصرف ،وهو يلتفت إليها .
عند العشاء كان السّلطان وزوجنه يأكلان ويضحكان ،أمّا بثينة فكانت صامتة تقلّب الطعام بالملعقة، ولا تأكل ،قال لها أبوها: إن لم يعجبك ذلك سيأتيك الخدم بشيئ آخر ،لكنّها قالت : لا أشعر بالجوع ،في الغد جاء ليطمئن عليها في غرفتها، فوجدها تنظر من النّافذة بشرود ،سألها : هل أنت مريضة ؟ أجابته: لا يا أبي!!! ليس بي شيئ ،لكنه بدأ يحسّ بالقلق ،فنادى الوزير ،وقال له: إبنتي لم تعد تعجبني حالتها ،فقد توقّفت علن الأكل والشّراب ،ولا أعرف ما بها !!!
أجابه الوزير: إنّها عاشقة ،فصاح السّلطان: ويحك كيف تقول ذلك عن إبنتي ؟ قال الوزير : سألتني فأجبتك يا مولاي !!! ردّ السّلطان: لا تقل لي أنّها تعشق ذلك الفارس الذي غلبني!!! أجاب الوزير : ذلك الفارس إبني، ولقد تزوّجت أمّه واستبنيته ،وأحسنت تأديبه ،سكت السلطان، وقال :إن كان الأمر كذلك، فسأراه ،وأسئله ،فإنّ ما بالطبع لا يتغيّر . في الغد جاء الوزير مع الفتى فلمّا رآه السّلطان إستغرب من وسامته، فقد كان قويّ البنية، فاتح العينين، و سأله من أبوك يا فتى ؟ قال له :
خلقني أبي بين المها
والوزير في القصور رباني
أنتم أبناء خير النّاس
وأنا إبن الخيّرين
معدني صخر ولُجيْن (فضّة )
لم تره العينان
لم يجد السلطان ما يقوله ،فقد فاجأه الفتى بهذا الشّعر ،فقال له : أتحسن ركوب الخيل : فوقف بزهو،وقال له : يا مولاي أعزك الله !!!
أنا والخيل صنوان
أنشد الشعراء حبّنا
وكتبه القصّاص في صحائفهم
ووضعوه تحت كل عنوان
قال السلطان للوزير: لم أر أجمل من هذا الولد وجها ،ولا أحسن منطقا ،ولا أعذب لسانا : فوالله لقد ادّبته يا أبا محمد ،فصار منك ،وإن لم يكن من دمك. في الغد جاء الوزير لخطبة بثينة ،فانبسطت نفسها وزال ما بها من غمّ ،ويوم زواجها كان السلطان بجانب الوزير مزهوا ،فقد حسدت جميع بنات الأعيان بثينة على زوجها ،وهمس في أذن الوزير: أرأيت يا رجل، لم يتحقّق المكتوب الذي حدثنا عنه الشيخ ذو اللحية البيضاء !!!
ردّ الوزير: بلى يا مولاي ،فزوج ابنتك هو راعي الغنم الذي أردت قتله، لكن الله نجّاه ، وجعله أحسن الفرسان وأفصح الشّعراء ،وأعجبك أنت وابنتك !!! ما هو مكتوب على الجبين يا مولاي تراه العين، ولو تعلّق المرء بأذيال السّماء ،وتلابيب الغيوم ،صمت السّلطان، ثم قال والحيرة بادية عليه : لا أرضى أن يكون زوج ابنتي بدويّا !!! أجاب الوزير: ما زلت لم تفهم بعد ،كلّ واحد يأخذ ما كتب له ،وسبحان الله الذي خلق وقدّر ما فيه الخير لنا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق