مقالات

رياح الجنوب التي تهب على حماس! بقلم الكاتب أكرم عطا الله

ببساطة بسبب انعدام الأمل بالمصالحة لم يبقَ أمام الغزيين من وسيلة للخروج من سجن غزة إلا يتقارب بين حماس والقاهرة هكذا أصبحت المعادلة، انتظروا إنهاء الانقسام طويلا لكن الأمل تبدد وبات البديل في ظل الاستعصاءات المركبة بين كل الأطراف فقط هو أن تبدي حركة حماس قدر من المرونة تجاه مصر وتتراجع عن كل المواقف التي اتخذتها متسرعة من التحولات في القاهرة، لأن ذلك قد يمكن من السماح بفتح المعبر ولو جزئيا مثلما كان في فترة حكم المجلس العسكري إذ لم يكن أفضل فالغريق يتعلق بقشة. حدث ذلك بعد عامين ونصف من الصعود

 

على شجرة العدم وإن كانت فاتورة الصعود مكلفة جداً للغزيين الذين يتابعون نزول حماس بارتياح كبير، لأن غضب القاهرة بوابتهم الوحيدة يعني تدمير مستقبل أجيال فقدت فرص التعليم ومصالح كبيرة ضاعت تحت الأقدام.. من الواضح أن الحركة الفلسطينية ذهبت هذه المرة وهي تدرك حدود الجغرافيا وقدرتها الهائلة في صناعة التاريخ وبعد أن انغلقت كل بوابات النجاة أمامها وخصوصا بعد الفيتو المصري على أي تقدم في المفاوضات التركية الإسرائيلية في ملف غزة. كنا نتمنى أن تدرك حماس مبكراً لتجنبنا مزيداً من المعاناة ولكن أن تأتي متأخراً أفضل من أن لا تأتي أبداً، وإن كان يمنع أي خطأ في إدارة الشعوب فليس مسموحاً للسياسيين أن يتعاطوا بالتجربة والخطأ، لأن الكلفة عالية والشعوب ليست

 

حقول اختبار لأنها من دم ولحم وعواطف.. بكل الظروف نحن أمام حقيقة أنه لأول مرة حماس والقاهرة وجهاً لوجه وحين تلتقي الأطراف وتتقابل العيون لا بد وأنها ستقول الكثير بلا كلام وحين توضع الناس أمام الحقائق لا بد وأن التعاطي معها يحمل قدرا من المنطق خصوصا في السياسة. ملفات كثيرة تم تداولها بين طرفين مرت بينهما العلاقة إلى حد الصدام ،تقول المصادر أن حركة حماس قدمت ما يكفي من المرونة في القضايا التي يمكن للوفد البت فيها ضمن صلاحياته.. فالحركة ذهبت وتعرف ماذا ينتظرها ولم تذهب من غير أن تحمل في حقيبتها ما يكفي من المرونة، إشارات أولية صدرت عن بعض الناطقين لحركة حماس يمكن الاستنتاج منها أن المفاوضات حملت قدر من التقدم في الملفات

 

وخصوصاً الملف الأهم وهو ملف الاتهامات التي ملأت الفضاء العام منذ سنتين وتصف آخرها اغتيال النائب العام. من غير المتوقع أن وفد حماس قادر على تقديم الردود على كل التساؤلات، فإرث اثنان وثلاثون شهراً من الصدام يحتاج إلى ما هو أكبر من الوفد لتقديم الإجاباتوان مان مرنا في كثير من القضايا، لكن القضية الأبرز والتي ظلت عالقة وهي قضية العلاقة بين حماس من جهة وتركيا وقطر من جهة أخرى وهي قضية صعبة، حيث تعتبر القاهرة أن التدخل التركي القطري في غزة هو مساس بالأمن القومي المصري وكأنها تطلب ما يشبه فك الارتباط مع أنقرة والدوحة وهذا يحتاج إلى قرار يتجاوز الوفد، لأن مقر رئيس المكتب السياسي في الدوحة، وقد ألقت حركة حماس في السنوات الأخيرة كل

 

بيضاتها في السلة التركية القطرية ويحتاج ذلك أيضا إلى إعطاء الحركة ضمانات مصرية بديلة عن ما تعطيه تلك العواصم من امتيازات هذا ما جعل الوفد يغادر لنقاش تلك المسألة وغيرها وهي ليست بسيطة بل تعني الانتقال الكلي من محور نحو محور آخر. لكن السؤال ما هو موقف قطر

 

وتأثير قطر في تلك المسألة خاصة أننا نعرف حجم المنافسة الإقليمية والصراع الذي تعبر عنه الجزيرة بين الدولتين وموقف قطر من الأخوان الدولية المصرية، فقد سبق وأن انفراجة كانت ستحدث في ملف المعبر قبل أشهر تطلب حضور أطراف معينة استدعتها مصر لكن قطر وضعت فيتو لم يمكن وفد حماس من الوصول للقاهرة ففشلت المسألة وبقي المعبر مغلقا. الآن هل سيناقش وفد حماس في الدوحة فك الارتباط معها .. ما مدى تأثير الجغرافيا وإذا كانت حماس الداخل قد تدفع بهذا الاتجاه خاصة أن بعض كوادرها حتى اللحظة لم تقبل بأن تكون برئاسة المكتب السياسي هناك فما موقف حماس الخارج ورئاسة المكتب السياسي؟ أسئلة معلقة وحماس بحاجة إلى اتخاذ قرارات صعبة لقد بدأ التراجع ….تغيير كبير في الموقف إن استمر وإن استطاعت تحييد عواصم أخرى ستكون أمام انفراجة ولكن علينا الا نفرط في التفاؤل لأن الأمر يعني انتقال حماس من المحور القطري التركي إلى المحور المصري وهو ليس بالأمر السهل ..!

مقالات ذات صلة

إغلاق