الرئيسيةمقالات

الأرمن في فلسطين (أ.د. حنا عيسى)

“أرمني أنا………نعم..ولدت في الشرق ..لكن انتمائي أرمينية .. وجذوري أرمينية .. وأنا أرمني اللهجة ..أرمني الهوية .. أرمني أنا يا أصدقاء”
الأرمن شعب ينتمي إلى العرق الآري (الهند أوروبي)، ويعود وجودهم في أرض أرمينيا التاريخية-الهضبة الأرمنية إلى الألف الثالث ق.م، حسب الدراسات اللغوية والآثارية الحديثة والتقليد المتوارث القديم. وتمتد أرمينيا التاريخية إلى الشرق من المنابع العليا لنهر الفرات وحتى بحر قزوين وإيران، وتحدها من الجنوب سلسلة جبال طوروس الأرمنية في حين تمتد أرمينيا الصغرى إلى الغرب من منابع نهر الفرات. وتبلغ مساحة أرمينيا العظمى وأرمينيا الصغرى معاً، حسب بعض المؤرخين، نحو 358 ألف كيلومتر مربع، وهي تعادل نحو اثني عشر ضعف مساحة جمهورية أرمينيا الحالية. وتنبع من أرمينيا عدة أنهار رئيسة مثل آراكس، والكر، ودجلة والفرات.
وتمتد جذور الطائفة الأرمينية في فلسطين إلى ألف وسبعمائة عام مضت، حيث جاءوا في القرن الثالث الميلادي إلى القدس واستقروا فيها مشيدين لاحقاً (في القرن السابع الميلادي) بطريركية خاصة بهم أصبحت على مر العصور مقصداً للحجاج الأرمن، الذين عملوا على تأسيس الخانات ومراكز الضيافة. ويعود أكبر توافد للأرمن إلى القدس إلى الهجرات الأرمينية الكبرى التي شملت بلاد الشام عام1915 م في أعقاب الحرب العالمية الأولى وتداعياتها. وتركز الوجود الأرميني في فلسطين في مدينة القدس بالتحديد لما لها من أهمية دينية وتاريخية وثقافية، ففي عام 1893م كان يقطن في مدينة القدس 847 أرمينا حسب الإحصاء الذي نظمته الدولة العثمانية في ذلك الوقت، وكان يسكن مدينة يافا في الفترة نفسها 92 أرمينا، فضلا عن أعداد غير محددة من الأرمن كانت تسكن بيت لحم والناصرة وعكا وغزة. وفي سنة 1945م كان يعيش في القدس وحدها خمسة آلاف أرميني، وقد تناقص العدد تدريجياً بسبب الهجرة إلى ثلاثة آلاف أرميني قبيل الاحتلال سنة 1967م، وبحلول العام 1974م لم يكن عدد الأرمن في القدس القديمة يتجاوز ألفي أرميني. وفي عام 1985م تراجع العدد إلى حدود 1200 أرميني.ويبلغ عدد الأرمن اليوم في فلسطين حوالي 3000 نسمة يتوزعون في القدس وبيت لحم ورام الله وأجزاء أخرى من فلسطين.
والمجتمع الأرميني يمكن وصفه بالمجتمع الشرقي المحافظ الذي يعتمد ضوابط سلوكية للعادات وقواعد لأصول الحياة، ويمكن القول بأن الأرمن، في عاداتهم وتقاليدهم لا يختلفون كثيراً عن مجتمعهم الفلسطيني الواسع. فالمجتمع الأرميني يحترم المرأة ويعتبرها العمود الفقري في العائلة حيث يقول الأرمن: “أن الرجل هو الرأس والمرأة هي الرقبة”، وحسب التقليد الأرميني، فإن من يعتنق المسيحية يتوجب عليه أن يحج إلى القدس مرة واحدة في حياته على الأقل. وعلى مر العصور حج إلى الأرض المقدسة الكثير من مشاهير ملوك وملكات الأرمن، ورجال دولة، وأمراء، وأناس من جميع الأوساط الاجتماعية، حاملين معهم هدايا تذكارية من بلادهم ليتركوا أثرا مميزا من الحضارة الأرمينية في القدس. ويعتبر الأرمن الحج إلى القدس بمثابة شرف عظيم يكفل للحاج منزلة اجتماعية مميزة.
والمشهود لها أن الكنيسة الأرمنية في فلسطين وقفت وقفات وطنية مشرفة ضد الاحتلال الاسرائيلي وضد قرار تقسيم فلسطين. ففي 3/3/1948 وجه ممثلو إحدى عشرة طائفة مسيحية في فلسطين نداء إلى الأمم المتحدة وإلى الهيئات العالمية الدينية والسياسية أعلنوا فيه رفض التقسيم وطالبوا باستقلال فلسطين دولة ديموقراطية يستطيع فيها الجميع، مسلمين ومسيحيين ويهود، ان يشتركوا في الحكم. ووقع هذا النداء بطريركية الأرمن الأرثوذكس وممثلية البطريركية الأرمنية الكاثوليكية. والمعروف أن البطريركية الأرمنية وظفت أموالها، إبان الانتداب البريطاني في الميدان العقاري مما جعلها أكبر مالك للأرض في القدس. ولأن الحي الأرمني في المدينة يجاور الأحياء اليهودية الاستيطانية الجديدة، فقد نتج عن هذا الأمر، احتكاك دائم بين الأرمن واليهود. وحاولت السلطات الاسرائيلية إجبار الكنيسة الأرمنية على بيع الأراضي التابعة لها للتوسع في عمليات الاستيطان، وعمدت إلى مصادرة بعض العقارات من بينها عمارة فندق فاست التي هدمت ثم بيعت أرضها إلى شركة اسرائيلية أنشأت في مكانها فندقا جديداً. وأقامت البطريركية دعوى قضائية لدى محكمة الاستئناف الاسرائيلية العليا. لكن المحكمة لم تبت هذه القضية حتى الآن. وتبلغ مساحة حي الأرمن في القدس القديمة 30 فدانا أو 6/1 مساحة القدس داخل السور.
حارة الارمن:
وتقع حارة الارمن جنوب غربي البلدة القديمة في القدس المحتلة على مساحة قدرها 300 دنم أي ما يعادل سدس مساحة البلدة القديمة في القدس، وتتكون من مجموعة من البيوت كانت في السابق للحجاج واصبحت لاحقا بيوت مؤجرة للأرمن، اضافة الى الدير المكون من مدرسة ومتحف وعيادة طبية.
الزواج عند الارمن:
الأرمن محافظون وفي الأغلب يتزوجون من نفس طائفتهم للحفاظ على الهوية الأرمنية، والزواج المختلط قليل جدا ان لم يكن معدوماً، في نفس الوقت الذي يشهد للأرمن انفتاحهم اجتماعيا مع غيرهم من الناس. وحتى في اسماء العائلات الأرمنية هناك ما يوحدها بكلمة يان والتي تعني الابن، أي ابن العائلة الفلانية وهكذا… ، وقد ساهم العثمانيون في تسمية عدد كبير من العائلات حسب مهنة رب العائلة فاذا كان حدادا حداديان أوكركشيان (كركش كلمة تركية الأصل).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق