اخبار العالم العربيالرئيسية
عمر وعادل.طفلان توأمان يجاهدان ليحتضنا أباهما
سفراء الحرية أو أطفال النطف المهربة حكاية بدأت بفكرة وانتهت بحقيقة واقعية، وهي الوسيلة الوحيدة أمام الأسرى الفلسطينيين للإنجاب، وخصوصاً أصحاب المؤبدات العالية منهم.
الأسير أنور عليان وهو خلف القضبان نجح في تهريب نطفه، لترزق زوجته آمنة في 3/12/2014 بطفليها عمر وعادل، واللذين سيبصران النور ويكبران سنة تلو الأخرى ليدركا بأن والدهما يقضي حكماً بالسجن لمدة 23 عاماً في سجون الاحتلال.
عمر وعادل نموذج لقصص الطفولة لأبناء الأسرى الفلسطينيين، من حياة ذويهم في مدافن الأحياء، مروراً بذاكرتهم عن وجوه آباءهم وأمهاتهم الأسرى، وصولاً إلى شبابيك الزيارة ورفضهم الطفولي لإذلال المعابر ومشاهد رؤية الجنود المدججين بالسلاح.
تفاصيل الزيارة
عمر وعادل لم يتعرفا على والدهما إلا من خلال الصور التي تملأ زاوية المنزل قبل اللقاء الأول، ففي حين كان الأسير عليان متواجداً في سجن النقب الصحراوي، لم يكن يسمح لتوأميه عمر وعادل أن يدخلا لرؤيته، لكن حين تم نقله إلى سجن ريمون أصبح بإمكانه أن يحتضنهما في كل شهرين مرة، أن يشتم رائحة بيته من ملابسهما، وهواء مخيمه من أنفاسهما الطفولية.
تماماً كل شهرين، بعد جولةٍ من سحب التصاريح ومنع الزيارة، تتحضر أم عمر، زوجة الأسير أنور عمر حمدان عليان (42 عاماً) من سكان مخيم نور شمس، لزيارته، ومن قبل كانت تزوره في سجن النقب الصحراوي، واليوم تزوره في سجن ريمون.
تروي زوجة الأسير عليان مشهد لقاء طفليها أصحاب الثلاث سنواتٍ الهدية الربانية لوالديهما، واللذان وفدا للحياة عن طريق النطف المهربة، وكانا بلسم الشفاء للعائلة، وفي الوقت نفسه تتحدث عن ألمها القاتل في كل مرة تلاحظ أنهما لا يتذكرانه جيداً ويخافان من اللحظة.
تقول أم عمر: “يردد أطفالي دائماً: بابا في السجن، ينتظرون زيارته بفارغ الصبر، يحبونه حباً جماً، لكن الطريق لزيارته متعبة ولا يعلم أحد بمرارتها الا من ذاقها”.
وتضيف: “أُصاب بالإرهاق من حملهما، وأقطع مسافة ثلاث ساعات ذهاباً وثلاثة أخرى إياباً للانتصار لوالدهما ولهما بحقهم في أن يروا بعضهم البعض”.
وعن تفاصيل الزيارة تقول أم عمر: “الزيارة مرة وحلوة في ذات الوقت، فعمر وعادل يخافان من الجنود، ويبكيان طلباً للعودة فهما طفلان، والأكثر ألماً هو أنهما يستغربان والدهما في كل مرة، لأن فترة الزيارات تكون متباعدة وأنا أحزن كثيراً لأجلهما”.
حين وفد عمر وعادل للحياة، كانت والدتها بحاجة لأبيهما ليكون موجوداً الى جانبها، وحتى اليوم تبحث عنه كثيراً في منزل عائلته في مخيم نور شمس، بعد أن انتقلت مع عائلتها الصغيرة لصيدا، وتستوحش الليل كثيراً، وتتألم لأسئلة طفليها ليلاً حين يسألانها عن سر غياب والدهما، وعن موعد قدومه ليشتري لهما الألعاب كما يعدهما دائماً، ويأخذهما لدكان الحي، وينام الى جانبهما، لكن أم عمر لا تملك إجابات لعمرهما الصغير.
عمر وعادل قصة قصيرة لحياة أطفال الأسرى الذين كبروا قبل الأوان، ولاحظت أمهاتهم نضوج أسئلتهم، فهم خاضوا تجربة الدخول للمعابر والتفتيش والإرجاع بعد مسافات طويلة دون أن يروا أسيرهم، ورأوا مشاهد العائلات في غرف الزيارة، واضطروا للدخول لاحتضان آباءهم على مرأى من ضباط يعلمون أنهم لا يشبهون ما اعتادوا عليه من مناظر الناس في شيء.
الأسير أنور عليان أنهى عامه السادس عشر في سجون الاحتلال، ودخل عامه السابع عشر، ولم تملك زوجته أن تصف بكلمات وأبجديات اللغة ما معنى هذه السنوات كلها، وكل ما أوجزته بطريقتها المحبة هو أن زوجها سندٌ وفخرٌ لها ولأبنائها.
القدس