أحيى العالم أمس، اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء، والحديث هنا يدور عن القضاء على العنف بحق المرأة، ولكن تحقيق ذلك لن يتم سريعًا وعاجلًا، وإنما يتطلب ويحتاج لنضال طويل ومثابر ومتواصل، ومضاعفته يومًا بعد يوم، وعامًا بعد عام.
فنحن لا نعيش في عالم يسوده العدل والمساواة حتى يستطيع ويتمكن نصفنا الأخر المتمثل بالمرأة والفتاة، العيش والحياة في مأمن وطمأنينة واستقرار، بعيدًا عن الخوف والعنف والقتل. ويظهر التقرير الصادر عن الأمم المتحدة أن 35% من نساء العالم تعرضن لعنف أسري أو جنسي أو جندري.
وفي مجتمعنا العربي الوضع أشد شراسة وقتامة وسوءًا، فالمرأة العربية تعاني القهر المضاعف والتهديد المستمر، وتتعرض للضرب والتعذيب والتحرش الجنسي.
ولا جدال في أن العنف ليس من فراغ، بل هو نتيجة النظرة الدونية تجاه المرأة، والمفاهيم الرجعية والتقاليد البائدة، والبنية الهرمية الذكورية في المجتمع، وهو ليس مسألة منعزلة عن المسائل والظواهر الاجتماعية الأخرى.
إن المعيقات لتصفية العنف ضد المرأة والقضاء عليه واجتثاثه من جذوره عديدة، وذلك لأن المفاهيم السائدة المسيطرة، والرؤى الهدامة التي تكرس واقع القهر والظلم الاجتماعي ضد المرأة، وانعدام مساواتها الكاملة بكل معانيها واشكالها، ما زالت مهيمنة.
وفي حقيقة الامر أن المواقف التي تستنكر وتدين الممارسات وجرائم العنف ضد النساء تحت مسمى ” الشرف “، هي عنصر هام من جميع النواحي الاجتماعية والسياسية والفكرية والحضارية، في المعركة الطويلة للقضاء على العنف ضدها، وكل موقف فكري واخلاقي وإنساني، شجاع وصارخ، هو اضافة نوعية لهذا النضال في سبيل ذلك ولأجل تحررها، ولكن هذا الموقف يجب أن يتحول إلى فعل يومي وممارسة وعادة اجتماعية، نحو تغيير واقع القهر والظلم والعنف والتنكيل ضد المرأة، جذريًا وجندريًا، كي نصل إلى واقع لا مكان فيه لشرعية وشرعنة ارتكاب واقتراف الجرائم ضد المرأة لكونها امرأة، بدافع مفاهيم ” الشرف ” وأفكار التعصب والتملك والهيمنة والذكورية والنظرة الاجتماعية الدونية بأنها خلقت للمطبخ والسرير ولإشباع الغرائز الجنسية ليس إلا.