تعتبر مدينة القدس المحتلة إرثاً دينياًوحضارياً وتاريخياً، تحفل حاراتها وشوارعهاوأزقتها بالأماكن الدينية من كنائس ومساجدواديرة وتكايا، اضافة للعديد من المقاماتوالمزارات والمتاحف والمكتبات، حيث يوجد فيهاحوالي 742 موقعًا، بما في ذلك 60 موقعًا أثريًّارئيسا، وحوالي 682 معلمًا تراثيا كالقبوروالكهوف والقنوات وبرك المياه والمنشآتالصناعية، إضافة إلى ما يربو عن 700 مبنىتاريخي، جعل منها قبلة للسياح من شتىبقاع الارض، للوقوف على حضارات تعاقبت،وامم تلاحقت للسكن في هذه البقعة المقدسةمن الأرض.
واعتبر القطاع السياحي في القدس مصدررزق لعدد كبير من التجار المقدسيين، لاعتمادتجارتهم على نوعين من السياحة: سياحةداخلية بحيث يتوافد للمدينة الزوار من جميعالقرى والمدن المحيطة، وتعتمد عليهم المدينةكقوى شرائية منعشة للاقتصاد فيها، وسياحةخارجية بشقها التاريخي لأهمية المدينة علىمر العصور، والديني وهو الأهم كون المدينةتعتبر مهدٌ للديانات السماوية الثلاث، وقد بقيهذان النوعان من السياحة يثلجان قلب التجارالمقدسيين حتى عام 1967 واحتلال المدينةالمقدسة.
ولكن المحتل الاسرائيلي الغاشم باحتلاله ومااقامه من تجمعات وبؤر استيطانية، وما بناهمن جدران اسمنتية أحاطت القدس وكبلتها،شوه هدوء المدينة وروعتها، وحجب جمالها عنالعالم بأسره لتكون مدينة حصرية لليهود،حيث يعملون ليل نهار على سرقة تاريخهاالعربي وحضارتها الاسلامية، وتزوير حقائقهاومعالمها لتصبح القدس كما يتمنون ويحلمون،حاضنة لكنسهم وحدائقهم التلمودية ، حيثتسبب عزل الاحتلال للمدينة المقدسة عنمحيطها عقب توقيع اتفاقية اوسلو عام 1993،الذي أجل قضية القدس للمفاوضات الأخيرة،بإغلاق نحو 37 متجرا، واضعاف نحو 50 ٪ منقوتها الشرائية، لتسطر حكاية معاناة القطاعالسياحي في مدينة القدس.
وجراء سياسات الاحتلال وسلطاته ومخططاتهالتهويدية، اصبحت القدس مغلقة، لا يدخلهاالا من ارادت له اسرائيل الدخول، لتصبح حلمالكثيرين وهاجس المئات… حيث يعتبراستمرار الاحتلال من أهم المعيقات التي تواجهنمو القطاع السياحي في القدس والأراضيالفلسطينية عموما؛ فهي تحول دون استغلالالموارد السياحية في القدس، ولذلك فإن زوالالاحتلال هو شرط أساسي لربط القطاعالسياحي بتنمية اقتصادية مستدامة. حيثيتم رفض منح التراخيص لإنشاء أو توسعةالفنادق وعدم منح التسهيلات المالية منالبنوك ثم منح الأفضلية التنافسية لقطاعالسياحة الصهيوني كالقروض طويلة الأجلوالإعفاءات الضريبية، اضافة الى أن الاحتلاليسيطر على جزء مهم من الموارد السياحية فيالقدس كسور المدينة وقلعة القدس ومتحفالآثار الفلسطيني والأنفاق الأرضية ومغارةسليمان وقنوات المياه.
قبل حرب 1967 كان أدلاء السياحة العربحوالي مائة وخمسين دليل سياحي فيالقدس، والا انه بعد عشرات السنين منالاحتلال فقد تراجع العدد بشكل كبير جراءالسياسات الاسرائيلية ضد السياح العرب وماتمارسه عليهم من ضغوطات ومعيقات، يقابلهادعم أدلاء السياحة اليهود لنشر افكارهمومزاعمهم في عقول السياح عن احقيتهمالتاريخية في الارض المقدسة، حيث عملتالسلطات الإسرائيلية على منح آلاف الرخصلأدلاء يهود، حرصت حرصاً شديداً علىإعدادهم حسب توجهات السلطة الإسرائيلية. وبالمقابل فقد حرمت مئات بل آلاف الأدلاء العربالذين تقدموا للحصول على رخصة دليلسياحي دون مبررات مقبولة مما دفع عشراتمنهم الى العمل بدون رخص كأدلاء سياحةمتجولين، رغم ما لهذا العمل من صعوبات لأنالشركات الرسمية لا تتعامل معهم ولا يحق لهمقيادة مجموعات سياحية سوى بعض الأفرادالذين يفدون وحدهم. حيث عملت وزارةالسياحة الاسرائيلية على زيادة أعداد الأدلاءالسياحيين اليهود مقابل تقليص أعداد العربمنهم، الذين وصل عددهم مؤخراً إلى (500) دليل مقابل (9000) دليل سياحي اسرائيلي.
ويعتبر التراث الثقافي أحد ساحات الصراعالكبرى في المدينة المقدسة، حيث تبذل سلطاتالاحتلال جهودا متواصلة لإنتاج روايةتاريخية أحادية جديدة تخدم مشروعهاالاستيطاني في المدينة، تقوم على نفيالتعددية والحقائق الموضوعية المتصلةبالوجود التاريخي الفلسطيني في هذهالمدينة، وقد جرى توظيف مباشر لعلم الآثار فيإنتاج الرواية الصهيونية المختلقة حول تاريخالقدس، حيث تسهم المؤسسة الأثرية الرسميةوهي سلطة الآثار والمؤسسات الأكاديميةالصهيونية والجمعيات الاستيطانية في إنتاجهذه الرواية وتكريسها والترويج لها. وتقدمهاللسائح المحلي والأجنبي من خلال شبكةواسعة من المؤسسات والمكاتب السياحية.
والفنادق ومكاتب السياحة العربية في نفسالخندق تواجه الكثير من المشاكل، حيث تناقص عدد الفنادق في القدس منذ عام 1967 من 40 فندقاً إلى 22، لكنه ما لبث أن انتعشبعض الشيء ليرتفع عددها إلى 30 بعد أن تمإعادة فتح عدد منها. حيث يتم توجيه السياحالأجانب للفنادق الاسرائيلية التي أقيمت فيالشيخ جراح وباب الخليل، وإغلاق الاحتلاللمدن الضفة وايقاف حركة السياحة المحلية،وعدم منح بلدية الاحتلال تراخيص بناء لفنادقجديدة فخمة، وارتفاع تكلفة تشغيل هذهالفنادق بالتوازي مع ارتفاع الضرائب التيتفرضها بلدية الاحتلال وبالتالي يصعب عليهاتمويل ذاتها.