مكتبة الأدب العربي و العالمي

في مركز الشرطة- قصة قصيرة / عامر عودة

كان رامي ينتظر دوره للدخول إلى غرفة الشّرطي المسؤول عن شكاوى الجمهور. وكان في نفس الغرفة أربعة أشخاص ينتظرون دورهم هم أيضًا لتقديم شكواهم، بينهم امرأة كانت تشكو وتبكي زوجها لأنه كان يهددها أحيانًا بالقتل، والشّرطة لم تفعل شيئًا جديًا حتى الآن لحمايتها كما تقول. وبجانبها كان يجلس رجلًا في العقد السابع من عمره، علَّقَ على ما قالته تلك المرأة قائلًا:
– بلا شك أن الشّرطة لا تقوم بواجبها.
وأردف:
– قَدَّمت للشّرطة أسماء شابّين قاما بسرقة بالونات الغاز من ساحة منزلي. ماذا فعلت؟ اعتقلتهما لثلاثة أيام ثم أطلقت سراحهما، دون أن يعيدا ما سرقاه، أو أن يدفعا ثمنه! واليوم سُرقت بالونات الغاز مرة أخرى!
وأكمل موجهًا حديثه لشاب يقف بجانب النافذة يدخن سيجارة بعصبية:
– ماذا تعتقد سيفعلون بالذي مزّق عجلات سيارتك؟ لا شيء! سيعتقلونه لعدة ساعات او لعدة ايام فقط. وربما لن يعتقلوه أبدًا!!
وأردف:
– من أنتَ لتكون أحسن مني؟!
وتعالت بعض الضحكات الكئيبة في غرفة الانتظار.

..بدأت أعصاب المنتظرين بالنفوذ؛ فالشّرطي يعمل ببطئ شديد. ولا يوجد شرطي آخر يستقبل شكاوى الجمهور غيره! أمن الطبيعي أن يكون فقط شرطيًا واحدًا يستقبل شكاوى الجمهور، في مركز شرطة يخدم مدينة كاملة وبعض القرى حولها؟!

يرن هاتف رامي وتكون زوجته هي المتّصلة. تُعرب له عن قلقها لأنَّ الجماعة الذين هددوه، ربما يعدّون العدة للاعتداء على بيتهم؛ إنهم في الشارع المحاذي للبيت يسبّون ويشتمون. وطلبت منه ألايعود إلى البيت إلّا بمرافقة الشّرطة.

جنَّ جنونه واعتصره الغضب؛ دخل إلى مكتب الشّرطي دون استئذان، وقد كان يستمع لشكوى أحد الأشخاص الذي يجلس قبالته ويسجلها، وأبلغه أنه لم يعد قادرًا على الانتظار أكثر، لأن عائلته بخطر؛ وطلب إرسال سيّارة شرطة حالًا لتحمي العائلة.
لكن الشّرطي ردَّ عليه ببرود:
– دورية الشّرطة ستنهي مهمة ذهبت إليها وتأتي بعد ذلك لمرافقتك إلى بيتك. لا يوجد دورية أخرى غيرها هذه الليلة. عليك بالانتظار قليلًا.

لم ينتظر رامي قدوم دورية الشرطة؛ فمن الممكن أن يعتدوا على البيت في أية لحظة؛ خرج من مركز الشّرطة غاضبًا متجهًا إلى سيّارته. وقبل أن يصلها، تردد كثيرًا- لأنه يفعلها لأول مرة- قبل أن يتّصل بأحد الأشخاص الذي تربطه علاقة بالعالم السفلي.. ثم ركب سيّارته وانطلق مسرعًا كالسهم إلى بيته..
(عامر عودة)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق