اقلام حرة

(من الأزدهار إلى السلام. . رؤية مناهضة للمشروع الوطني

بقلم محمد جبر الريفي

في ورشة البحرين الاقتصادية لم يطرح شيئا عمليا يمس جوهر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لأن القضية الفلسطينية هي بالأساس قضية سياسية وطنية تحررية وليست مشاريع ومخططات اقتصادية فالتنمية الاقتصادية الحقيقية هي بحاجة إلى سيادة وطنية واستقرار سياسي حتى تحقق أهدافها في الخلاص من علاقات التبعية والوصول بالبلادإلى مرحلة التحرر الاقتصادي كما حصل في كثير من بلدان العالم الثالث والاسيوية منها بشكل خاص التي قطعت أشواطا كبيرة في عملية التنمية حققت من خلالها تقدما اقتصاديا بحيث أصبحت تنافس في إنتاجها السلعي الاستهلاكي إنتاج الدول الصناعية الراسمالية الكبرى .. الأزدهار مقابل السلام اول ما يطلق عليه السلام الاقتصادي التي تطرحه الإدارة الامريكية عبر كوشنر مستشار الرئيس ترامب كعنوان لإنهاء الصراع في المنطقة هو مشروع سبق أن طرحه وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري في عهد الرئيس الديموقراطي أوباما وهو متصل بهدف سياسي كبير متمثل بخلق شرق أوسط جديد خال من الرابطة القومية يتبوأ به الكيان الصهيوني والولايات المتحدة بالهيمنة السياسية والاقتصادية على دول المنطقة التي ستتحول إلى أطراف تدور حول المركز الراسمالي الامبريالي لكن المشروع لم يجد الحماس من الرئيس أوباما نفسه الذي ظل على تمسكه بمخطط السلام الذي يقوم على مشروع حل الدولتين ووصول ترامب إلى البيت الأبيض تحول الموقف الأمريكي جذريا لصالح مشروع التصفية الكاملة للحقوق الوطنية الذي يعطي دورا أكبر للعامل الاقتصادي على حساب العامل السياسي ..المشاريع الاقتصادية التي تطرحها الإدارة الأمريكية من خلال الشق الاقتصادي من مشروع صفقة القرن التصفوية تقوم على قاعدة مادية كبيرة من المصالح الاقتصادية التي تأتي أولا على حساب عدم إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وهو امعان أكثر في عملية التطبيع مع الكيان الصهيوني وفي وقت لم يبد هذا الكيان أي استعداد للتعاطي مع عملية السلام وذلك مقابل وعود أمريكية بمسار سياسي لاحقا للمسار الاقتصادي ومن الطبيعي أن ذلك يعتبر ضربة لكافة الإنجازات التي حققها النضال الوطني الفلسطينيي وفي مقدمة ذلك ما تحقق على المستوى الدولي باعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطين كعضو مراقب وهو ما أغضب الإدارة الأمريكية وآثار الفزع لدى الخارجية الإسرائيلية..يبقى أن نرى ان الخاسر الأكبر من مشروع الأزدهار مقابل السلام التي ترتكز عليه ما تسمى بصفقة القرن التصفوية هي القضية الفلسطينية التي ستفقد رمزيتها النضالية والكفاحية ومكانتها السياسية الوطنية والقومية التحررية من جراء تحولها إلى قضية اقتصادية وكذلك ايضا الدول العربية الخليجية التي ستمول مشاريع هذه الصفقة من أموال النفط مقابل الحفاظ على انظمتها السياسية المرتبطة بالنظام الرأسمالي الامبريالي العالمي وحمايتها مما يشاع في أجهزة الإعلام الأمريكية من التهديد الإيراني الطائفي وبذلك يفقد النفط الخليجي وظيفته الحقيقية المفروض أن يؤديها في استخدام أمواله في التنمية الحقيقية حيث تصبح تلك الأموال اما مادة للإنفاق على مشروع التسوية الأمريكية الصهيونية أو رهينة في المصارف الأمريكية والأوروبية كودائع ليس من السهل سحبها أو نقلها إلى مصارف بلدان أخرى وقد تتعرض عند حدوث الأزمات السياسية إلى التجميد أو حتى المصادرة وبذلك تصبح عنصرا من عناصر استقرار النظام النقدي الاقتصادي الرأسمالي تساهم في تعاظم نشاطات الشركات الاحتكارية التي تخلص النظام الرأسمالي العالمي من حدة ازماته المتفاقمة بتضاعف إنتاجه خاصة في المجال العسكري والاستهلاكي. . اما الرابح الأكبر فهو الكيان الصهيوني الذي يتحقق له التطبيق الكامل للرواية اليهودية المزعومة وكذلك ايضا حليفه الاستراتيجي الولايات المتحدة الممول له بالمال والسلاح …اما فيما يخص مشاركة بعض رجال الأعمال الفلسطينيين في ورشة البحرين من الذين سبق أن عقدوا عدة لقاءات مع رجال أعمال إسرائيليين في تل أبيب وعمان ودافوس فهذا عمل في الحقيقة مدان وطنيا على المستوى الرسمي والشعبي لأنه يحمل بداخله إمكانية بداية الافتراق في التحالفات الوطنية الفلسطينية لأن اصطفاف بعض فئات الرأسمالية المحلية أو ما يطلق عليها بتعريف البرجوازية الوطنية في هكذا مشاريع تامرية مرفوضة من شأنه أن يضر بطبيعة التحالف الوطني الاجتماعي العريض بين الطبقات الفلسطينية. .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق