الرئيسيةمقالات

الإستيطان جزء أساسي ومركزي من المخططالإسرائيلي يجب مواجهته على كافة المستويات

بقلم: د. حنا عيسى - أستاذ القانون الدولي

تعاني مدينة القدس المحتلة من السياسة الاسرائيليةبالتوسع الاستيطاني وخاصة داخل البلدة القديمة منالمدينة حيث إن الإستيطان بها يعتبر جزءا أساسياً ومركزيامن المخطط الإسرائيلي الجاري منذ عام 1967 للسيطرةعليها واعتبارها عاصمة أبدية وموحدة لإسرائيل ولمنع إعادةتقسيمها، وبالتالي عدم تمكين الشعب الفلسطيني منتحقيق حلمه الوطني في جعلها عاصمة لدولته العتيدة.

ومن أجل تحقيق هدفها الاستراتيجي هذا دأبت إسرائيلوعلى امتداد سنوات الاحتلال على خلق أغلبية يهودية داخلالقدس بشقيها الشرقي والغربي، وعملت على السيطرةعلى الوجود السكاني الفلسطيني في المدينة والتحكم فينموه بحيث لا يتجاوز 27% من المجموع السكاني للمدينة(بشقيها(.

من هنا عملت دولة الاحتلال على ثلاثة محاور، أولها انشاءحلقة المستعمرات الاستيطانية الخارجية التي تحيط بمدينةالقدس لمحاصرتها وعزلها عن بقية أجزاء الضفة الغربية،وتضم 20 مستوطنة تشكل أكثر من 10% من مساحةالضفة الغربية وتعتبر جزءا مما يسمى بالقدس الكبرى.

ومن هذه المستوطنات: معاليه أدوميم شرقا،وراموت غرباً، وجبعات زئيف شمالا، وجيلوجنوبا.

المحور الثاني هو إنشاء الحلقة الداخلية من المستوطناتالتي تهدف الى تمزيق وعزل التجمعات الفلسطينية داخلمدينة القدس الشرقية وضرب أي تواصل معماري أوسكاني بها. بحيث تصبح مجموعة من الاحياء الصغيرةالمنعزلة بعضها عن بعض، فيسهل التحكم بها والسيطرةعليها، وقد أقيمت المستعمرات على أرض بيت حنينا – النبيصموئيل شعفاط الشيخ جراحبيت صفافاواديالجوز صورباهرسلوان وأم طوبى، ومن هذه المستوطناتماونت سكوبيس ورامات اشكول وشرق تلبيوت وعطروتوالتلة الفرنسية”.

المحور الثالث هو الاستيطان داخل البلدة القديمة وخلقتجمع إستيطاني يهودي يحيط بالحرم القدسي الشريفوخلق تواصل واتصال ما بين هذا التجمع الاستيطانيوبلدات الطور وسلوان ورأس العامود ومنطقة الجامعةالعبرية ومستشفى هداسا وذلك من خلال ربط الحياليهودي وساحة المبكى وباب السلسلة وعقبة الخالديةوطريق الواد وطريق الهوسبيس مع تلك المناطق.

هذا وهناك خطة عرفت بخطة الأحزمة، اقدمت سلطاتالاحتلال على وضعها لمحاصرة القدس من جميع الجهاتوخاصة سد منافذ تواصلها جغرافياً وديمغرافياً مع الضفةالغربية، لعزلها ووضع الفلسطينيين داخلها وخارجها أمامالأمر الواقع.

اما البناء في مدينة القدس المحتلة فيواجه عراقيل كبيرة تموضعها أمام المقدسيين، من رخص البناء والتكاليفالباهظة التي تصل إلى 30 ألف دولار للرخصة الواحدة،بالإضافة إلى الفترة التي تستغرقها إصدار رخصة البناءوهو الأمر الذي دفع بالسكان إلى البناء بدون ترخيص أوالهجرة باتجاه المناطق المحاذية لبلدية القدس حيث أسعارالأراضي المعتدلة وسهولة الحصول على رخصة أسهل واقلتكلفة مما هو موجود داخل حدود البلدية.

من هنا المؤسسات الحكومية الفلسطينية مطالبة بدعمصمود المقدسيين في مواجهة هدم البيوت ومصادرةاراضيهم بتقديم الدعم المادي لهم لاستصدار رخص البناء،ولحماية الأراضي بالقدس، بشرائها ولبناء مشاريع عليهامن شأنها تقوية عزيمة وصمود المواطن المقدسي فيارضه، خاصة أن الاستيطان او السكن في البلدة القديمةمن القدس هو استيطان ديني ايديولوجي سياسي مبرمجومخطط له منذ زمن بعيد، وعبر جميع الحكومات التيتعاقبت على هذه الدولة والقادمة.  

والعرب والمسلمون شعوباً وحكومات مطالبة بالقيام بفعلحقيقي ببرامج متفق عليها لمواجهة المخططات والسياساتالإسرائيلية الرامية لتهويد مدينة القدس وبخاصة تلك التيتسعى إلى فرض الطرد الصامت للعرب المقدسيين منأرضهيم وعقاراتهم ومحالهم التجارية ومصادرتها لصالحتنشيط وتسمين المستوطنات وتركيز أكبر عدد من اليهودفيها لفرض الأمر الواقع الديموغرافي.

ويجب إحياء صندوق دعم القدس وأهلها في مواجهةالسياسات الإسرائيلية، وبالعمل العربي والإسلاميالمشترك في الحقل الدبلوماسي والسياسي، والأمم المتحدةوالمنظمات المنبثقة عنها بتطبيق القرارات الدولية الخاصةبقضية القدس، وفي المقدمة منها تلك التي أكدت علىضرورة إلغاء الاستيطان الإسرائيلي في القدس وبطلانه،الأمر الذي من شأنه أن يعزز الخطوات لتثبيت المقدسيينفي أرضهم ومحالهم وعقاراتهم، وبالتالي تفويت الفرصةعلى السلطات الإسرائيلية لفرض الأمر الواقع التهويديعلى مدينة القدس.

والأهم فلسطينيا هو وجوب اعتماد مرجعية واحدة موحدةللقدس، جراء سياسات الاحتلال والاجراءات التعسفية بحقالمقدسيين في المدينة المقدسة، ويتوجب تعزيز دورالمؤسسات المقدسية وخاصة التابعة لمنظمة التحريرالفلسطينية والتي صدرت بمرسوم رئاسي من السيدالرئيس، وتنسيق العمل السياسي للمدينة وفقا لرؤيةاستراتيجية سياسية تستند على اساس ان القدس منطقةمنكوبة من الطراز الاول، ولابد من رسم الخطط  التي منشأنها تعزيز صمود المقدسيين في القدس بكافة الاشكال والاعلان بشكل رسمي وسياسي ومن قبل الجهات ذاتالاختصاص عن قانون العاصمة لدولة فلسطين (القدس).

اسرائيل منذ حرب الـ1967 واعلان اسرائيل بضم مدينةالقدس الشرقية اليها واعتبارهاالعاصمة الأبديةلاسرائيلعمدت سلطات الاحتلال لتهويد المدينة وتوطيدالسيطرة عليها من مصادرة الأراضي واقامة المستوطنات،حيث اتبعت استراتيجية التهويد العمراني ومصادرةالاراضي واستخدام اساليب مصادرة الأراضي المتنوعة،منها مصادرة أراضي الغائبين ومصادرة الأراضيلأغراض عسكرية وأمنية، كما هناك مخططات هيكلية تهدفالى زيادة عدد السكان اليهود عبر التطور الاسكاني،وشملت مصادرة أراضي القدس الشرقية ومنع توسيعالأحياء الفلسطينية وتحويل مساحات واسعة منها الىمناطق خضراء يحظر البناء فيها، ناهيك عن شراءالأراضي عن طريق الصندوق القومي والتي تعتبر مؤسسةهيمنوتاالمسؤولة عن عملية الشراء هذه.

وهناك مسألة ازدياد ضرائب الأرنونا على المقدسيين وفرضاجراءات تعسفية بحقهم لاستصدار أوامر تراخيص البناءالتي يتوجب دعمهم ماديا بالدرجة الأولى دوليا ومحليا و منالمؤسسات الخاصة و رجال الأعمال، من أجل الحفاظ علىتواجدهم في المدينة وعدم لجوئهم للنقل الى قرى ضواحيالقدس خارج جدار الفصل العنصري كبلدة كفرعقب عناتا سميراميسالخ.

على المستوى التعليمي بالقدس علينا ضرورة تفعيل دورمديرية التربية والتعليم كمرجعية للتعليم، وشراء وإستئجارأبنية لإستعمالها كمدارس وتفعيل المواثيق الدولية ذاتالعلاقة، وتأهيل المعلمين (من خلال المديرية) وزيادة الرواتبوالحوافز وتسديد التأمينات الإجبارية، وعلى الصعيدالصحي هناك أهمية تعزيز واقع المؤسسات الصحيةالوطنية من خلال تعزيز موزاناتها المالية. وزيادة عددالعيادات والمراكز الصحية في القدس للزيادة الملحوظة فيتعداد السكان . والعمل على فتح مستشفى في البلدةالقديمة والتفكير بغيره في باقي أحياء القدس و تزويدالمراكز الصحية بأجهزة طبية متطورة، وفتح مراكز إسعافأولي في مختلف أحياء المدينة .

ومؤسسات القدس فهي تعاني سياسة إغلاق المؤسسات ،وتهدف هذه السياسة لحرمان أهالي القدس من حقهم فيالخدمات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي حرمهمالاحتلال منها. وتلك السياسات غير معزولة عن سياساتالاحتلال التي تمارس ضد المقدسيين وتهدف بمجملهالتهويد المدينة وتفريغها من سكانها ضمن إغلاق المؤسساتالمقدسية ومصادرة الأراضي وبناء المستعمرات وهدمالمنازل وسحب الهويات وإغلاق المدينة وعزلها عن باقيأجزاء الوطن من خلال الحواجز العسكرية وإقامة جدارالفصل العنصري، لذلك يتوجب على السلطة الوطنيةالفلسطينية تخصيص مبالغ للحفاظ على هذه المؤسساتواعادة افتتاحها، وذلك كي لا يلجأ المواطن المقدسي للعمللدى دولة الاحتلال، أو كي لا تسيطر المؤسسات الأجنبيةعلى المدينة بموجب شروطها الخاصة.

أسرى القدس فيتوجب دعمه ماديا ومعنويا وذلك لما يعانيهالأسير المقدسي من قوانين جاحفة بحقه، ويتوجب دعمالجرحى المقدسيين بتوفير العلاج لهم مجانا داخل البلاد أوخارجها، والدول العربية مطالبة الإيفاء بما تعهدت به منالتزامات مالية لدعم الموازنة الفلسطينية وفق قرارات قمةبيروت لعام 2002، والوفاء بشبكة الأمان المالية المقرة فيقمة بغداد لعام 2012، وتفعيل عمل الصناديق التي أنشئتمن أجل القدس دعماً لصمود أهل القدس وتثبيتهم فيمدينتهم. وهناك أهمية إجراء عمليات توأمة بين القدسعاصمة دولة فلسطين وعواصم ومدن الدول العربية لدعمصمود الأهل في القدس الشريف في جميع المجالات.

الجهات الفلسطينية الرسمية يقع على عاتقها اقرارضريبة الواحد بألف من موظفي القطاع العام (منظمةالتحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية) لصندوق القدسالوطني، واصدار طابع القدس، ودفع ضريبة القدس علىالمعابر بمبلغ محدد وضريبة المعاملات المالية والتجارية وضرائب موزاية كمتقطعات من القطاع الخاص وادراجالقدس بشكل دائم على جدول اعمال اللجنة التنفيذية ممايؤدي الى استمرارية اتخاذ اللجنة التنفيذية للقراراتالسياسية والاجتماعية واتخاذ المعالجات المستمرة لواقعالقدس ومتطلباتها.

المجتمع الدولي مطالب بالضغط على إسرائيل لوقفالنقل القسري المهدد للمقدسيين وتأمين الحمايةللفلسطينيين في الأرض المحتلة، ووقف انتهاج سياسةالتطهير العرقي التي تستهدف الوجود الفلسطيني فيالقدس، وتحريك دعاوى امام محكمة العدل الدولية ولجنةحقوق الإنسان في الأمم المتحدة لوقف اسرائيل  تنفيذقرارها المخالف للعرف والقانون الدولي والمطالبة بالغاءقانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل، لما ينطوي عليه منتمييز عنصري ضد الفلسطينيين، وضمان حريةالفلسطينيين في القدوم إلى القدس والخروج منها، والإقامةوالعيش فيها“.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق