ثقافه وفكر حر

من مخطوطات شن المفقودة المخطوطة الرابعة والاربعون على اريكة الماضي

بقلم الاديب أمين زيد الكيلاني

هيقول الراوي :شاهدت شنا جالسا على أريكة الماضي القريب،يرقب شوارع الزمن فيه.فوجدها مظلمة رغم اضاءتها،ضيقة جدا رغم وسعها،وسرعة بطئها نفاثة،والصعود الى هاويتها كمن تحمله الريح في مكان سحيق.وأحزانها مولودة من افراحها دون تزاوج. بسيماتها شاحبة،افراحها شاحبة،أحزانها شاحبة،شموسها وغيومها شاحبة.اغنياؤها فقراء.وفقراؤها فقراء.وكل فقير منهم على شاكلته. جوعى وبطونهم مليئة.أدركهم البطر وهم مفلسون.
تسارع عليها الزمن فغير ألوانها ثلاثا:
ولادتها – كانت بيضاء من غير سوء،فرصفت بالرخام والمرمر.
شبابها – كان اسود كلباس الليل،عبدت شوارعها بما يسمى(بالزفت).فحملت اسمه طباعها وانجبت كل زفت من بعده.
كهولتها – ارتدت فيها ثوبها الاحمر ،فنزفت فيها دماء ابنائها بثمن بخس، بل بدون ثمن.
لجأ شن بعد هذه المعاينة الى الحائك المنسي خلف خيوط الترقيع المهترئة.وطلب منه ان يلج في سم الخياط ضربا للمستحيل، لعله في ذلك يعيد رشد ماضيه القريب البعيد الى ما كان عليه سابقا،فيرتدي ثوبه الرخامي،وتنتشي ليالي العنب والتين احتفالا بشذرات نجومها،والنخلة تساقط على ثكالى العصر رطبا جنيا.
إلتفت شن الى زاوية حاضره،فوجد طيف طبقة حاضرا
فناداه قائلا :-
يا طبقة : حين ضاق بي طوق الحب ذرعا،ذرعت الارض أمنا فلم أجد.
يا طباق : لقد بلغني نبأ،علمت من خلاله ما بك من غضب على بنات الدهر الخؤونة. لكن لا اعلم ان كنت تعلمين مدى غيظي على أبناء زمن الرويبضة الغادرين.هؤلاء الذين نهلوا من لبان الرذالة ومن ثدي الدنيا الدنية،ونشأوا على الدناءة وشبوا على الرذالة نهجا. هؤلاء الذين امتازوا بل وتميزوا بالخيانة والغدر.فتراهم يمطرون الارض رجسا وهم يظنون أنهم يتطهرون.
يا طباق : هل تذكرين حين حدثتك علنا عن الفرزدق شاعرا، وعن قصيدته العصماء”هذا الذي تعرف البطحاء وطأته”
ضربة جزاء.؟ وهل تذكرين يا طباق حين أفشيت لك سرا، بأن الفرزدق – وهو همام بن غالب بن صعصعة الدارمي التميمي، المكنى بأبي فراس.كان من أنصار أجدادي جهارا وقد بكاهم حبا.؟
فحينها بلغ الزهو مني مداه،تماما كما بلغ الزهو لدى الفرزدق بجده صعصعة. فكدت ألمس السماء وأن أتخذ منها مقعدا.
وهل اعلمتك يا عزيزتي أيضا بأني ولدت من رحم الشمس ومن صلب القمر.فلا يجهل حقيقة امري الا جاهل ولا ينكر حقيقة وجودي الا جهول.
ودوا أن يطفئوا شعاع أنواري حسدا من عند انفسهم،لكن هيهات لهم،إنهم قوم لا يفقهون.بل هم قوم عمون.
همس الفرزدق ذات يوم في أذن شن قائلا له بتفاخر.
هل تعلم يا شن بان الصحابي الجليل الاقرع بن حابس -رضي الله عنه – انه خالي . اي ان الاقرع اخ امي ليلى بنت حابس.
فرد عليه شن هامسا في أذنه وهو يبتسم.هل تعلم يا ابا فراس.بانني من سلالة الحسن بن علي صلبا ومن نسل أخيه الحسين رحما.رضي الله عنهما،وعلى جدهما نور البرية وعلى والديهما افضل الصلاة وازكى التسليم.
فشمر الفرزدق عن ذراعه. وحد بالحروف لسانه.وقال يا شن
ساهجو كل من حام في سمائك محاولا قنصك.
فابتسم شن وأسرها في نفسه.
أمين أسعد زيد الكيلاني(شن)
عاره – قضاء حيفا
الثلاثاء : 8/12/2020

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق