الرئيسيةشعر وشعراء

استعادة الذات

الشاعر حسن منصور

اسْـكُـــني فـالفـــؤادُ بَــرُّ أَمـــــانِ || إنَّـهُ لـلأحْـــبـابِ خـــيْــرُ مَــكانِ
وَاسْرَحي وَامْـرَحي بِكلِّ هُـــدوءٍ || في رُبــوعٍ خَـلَـتْ مِــنَ السُّــكّانِ
أنْتِ مِـلْءُ المَـكانِ مِـلْءُ فُـــؤادي || وَإِهــابي، وَأنتِ فــوْقَ الـزَّمــان
طالَـما كُـنـْتِ في خَـيالِيَ طَــيْـفــاً || راوَدَ الـعَــيـْنَ عـابِراً غــيْرَ وانِ
وَمْـضَـةً أوْ شِـهـابَ نــورٍ تَـدَلّـى || لـمْ يَغِــبْ لَحْـظَـةً عَـنِ الأَذْهــانِ
أنْتِ حُـــلْــمٌ مُجَــنَّـحٌ ظَــلَّ حَـــيّاً || في فـؤادي، وَذِكْــرُهُ في لِســاني
طالَما قُـلـتُ أَقْـبِـلي وَاسْـمَعــيـني || أوْ فَــثـوبي إِلَيّ بَـعْـــضَ ثَـــوانِ
فَـأنا مُـحْـــتاجٌ إِلَـــيْـكِ وَأَهْــــفــو || باشْـتـِيـاقٍ إلى الـلِّـقــاءِ الْحـــاني
مُـنْذُ أنْ مَـسَّنا الفِــراقُ فَضِـعْـــنا || في زَمـانِ الشَّــقــاءِ وَالأَحْـــزانِ
في قِــفـــارٍ بِلا مَـعـــالِــمَ تَـبْــدو || فَــكِلانــا يَســيـرُ في كُــــثْـــبـانِ
حَــوْلِيَ النّـاسُ إِنَّما لَسْـتُ أَلْـــقى || في وُجـــوهٍ مَـــلامِــحَ الإنْــسان
بَلْ دُمىً أوْ وُحـوشُ غابٍ تَلاقَتْ || فهْيَ تَحْــيا بِالـظُّــلْـمِ وَالـعُــدْوانِ

أَخَــذَتْــني سـودُ الـلَّـيالي بَعــيـداً || فَــأنــا تــائِــهٌ، وَحـــيـداً أَرانــي
لَسْتُ أدْري كيفَ افْـتقَـدْتُكِ يَوْماً || في زِحــامِ الأضْـدادِ وَالأقْــــرانِ
فَـفـقَـدْتُ السّبيلَ وَاخْـتَلَّ سَـيْري || وَأَنـا لي عَــيْـنانِ مَـفْــتـوحَــــتان
آهِ كـمْ في تَـأَوُّهــي مِـنْ دُمــوعٍ || صامِــتاتٍ سِــتارُهـا عُـــنْـفُـواني
غُـصَصٌ لَـوْ خَـنـقْـتُـها لـتَلاشَتْ || إنَّـما وَقْـعُـهـا يَـضــيـر جَــــناني
وَتَــراني مُــكابِـراً في عِــنـادي || وَكَــيـاني مُـضَـعْــضَعُ الـبُـنْــيـانِ
فَـأنـا مَــيّــتٌ وَإنْ كُــنْـتُ حَـــيّـاً || مــا حَــياةٌ تَغَــصُّ بِـالأَشْـجــانِ؟!
********
فَــلْـتَعـــودي إِلَيَّ أيَّـتُـــهــا الــــذاّتُ، فَــأَنْـتِ الّــتي سَــتُحْــيي كَـياني
وَلْـتَـعُـدْ بَهْــجَةُ الرّبيعِ لِـروحــي || فَـــأَنا ظــامِــئٌ لِـنَـيْــلِ الْأَمــانـي
وَأَرى العُــمْــرَ وَالزَّمانَ خَــيـالاً || رَقَـمـاً يَخْـلو مِنْ عَميقِ الْمَـعانـي
إنّـمـا نحْـــنُ مَـنْ نُـتَـرْجِـــمُ فــيهِ || ما تُـكِـنُّ النّــفـوسُ أوْ مـا نُعـانـي
أَقْــــبِـلي يـا ذاتِي إِلَـيَّ وَثــوبــي || وَامْنَحيني بَعْضَ الرِّضى وَالْأَمان
لا تَـقــولي أَراكَ قَـحْـمـاً كَـبـيراً || وَغَـــــداً أنْـتَ ذاهِــــبٌ أوْ فـــــانِ
فَـفُـــؤادي فَــتىً يَـظَــلُّ عَــفِــيـاً || بِـكِ دَوْمــــاً مُـحَـــصَّـنَ الأَرْكــان
فَـاسْـكُـبي نــورَكِ السَّمـاوِيَّ فيه || وَاسْـتَمِــرّي سَـخِــيَّـةَ الإِحْـســــانِ
ليـسَ يَـكْـبـو وَلا يَـشـيخُ وَفـــيـهِ || فَـيْـضُ نــورٍ يَشِــعُّ بـالإيــمـــــانِ
في صَقيعِ المَشيبِ يَلْـقـاكِ مأْوى || فــيهِ دِفْءٌ يَـقــيـهِ مِـنْ رجفان
الشاعر حسن منصور
من المجموعة الثالثة عشرة (ديوان جديد) ص 50

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق