اخبار العالم العربي

مراسيم دفن الشاب وسيم القضقاضي الذي اضرم النار في جسده يوم السبت الخامس من فيفري الجاري أمام منطقة الحرس الوطني بطبرقة

كتب الاعلاني التونسي المعز بن رجب

دفن اليوم الشاب وسيم القضقاضي الذي اضرم النار في جسده يوم السبت الخامس من فيفري الجاري أمام منطقة الحرس الوطني بطبرقة قهرا وهو في مقتبل العمر ، وذلك على خلفية حجز إحدى الفرق الأمنية المختصة مواشي والده وشاحنته رغم استظهاره بما يفيد شرائه ل 39راسا من الماعز وتقديم البائع شهادته في الحين وبشكل مباشر أثناء تحرير المحضر وإفادته بأنه لازال ينتظر من الشاري تسديد ما تبقى من ثمن المبيع.

لست مع هذا الأسلوب في الاحتجاج وانا الذي كثيرا ما وقفت في وجه العديد من الشبان الذين هموا في أمكنة مختلفة باضرام النار في أجسادهم وكان والده آخر الناجين خلال الاسبوع المنقضي من هذا الأسلوب وساهمت بما امتلكت من قدرة في الاقناع في إنقاذه بعد أن بلغه أن مواشيه ذبحت .

المشكل يظل دائما في التعاطي الأمني مع هؤلاء المحتجين وكان آخرهم هذا الشاب الذي يعيش في افقر بقاع تونس فمن منا لا يعرف أولاد مفدّة من معتمدية فرنانة التي تتذيل مؤشرات التنمية في معتمديات الجمهورية التونسية؟

الاتهام الذي وجه لوالد الضحية هو تهريب المواشي من الجزائر والحال ان الدورية حجزت له مواشيه المحتملة بشاحنته داخل التراب التونسي وعلى مسافة تبعد اكثر من 15عشرة كيلومتر وفي دائرة العمادة التي يقطنها اولا مفدة بعد أن قطع هذه المسافة الطويلة والتي تتمركز فيها دوريات قارة من الحرس والديوانة.

ومهما يكن مصدر البضاعة التي لا ترتقي إلى ما يهرب من مواد خطرة وقاتلة كالمخدرات مثلا والأدوية التي كثيرا ما تورط فيها مسؤولين بلغت حد ايداع بعضهم السجن.

والد الضحية تحدث إلى عدد من المسؤولين في وزارة الداخلية التي استدعته جهويا ومركزيا بما في ذلك الرئيس المباشر للدورية وتحدث وباح بأسرار تدور في فلك الابتزاز والاهانة ولكن وباستثناء موقف مساعدة مالية سلمت له من والي الجهة وتعهد بتسديد الدين المعلق على ذمته أو ممثل النيابة العمومية الذي تعهد والتسريع في فصل القضية العالقة في عنقه دون ذلك كان الصمت واللامبالاة أقرب في التعاطي مع وضعية هذا الرجل وهذا الشاب الذي لم تفصله على وفاة جده سوى بعض الساعات ليوارى الثرى بجانبه تاركين وارئهما صرخات ومعاناة تهتز لها جبال المنطقة.

قبل هذا الشاب وفي هذه الجهة بالذات ضحايا كثر من الشبان والاطفال انضافوا إلى قافلة المعينات المنزليات في أعمار الزهور في سردية وانت تشاهد أو تستمع الى معاناة تستحضر كل مقومات الاستعباد، فحتى دفتر العلاج المجاني أو غيره يباع عن طريق الوسطاء وجهاء الامس واليوم الذين لم يتغيروا بمئات الدنانير في غياب تام لاجراءات قادرة على إنهاء مسار ا من الظلم والاستغلال و أسواق العبودية التي باتت عنوان استثمار.
.
والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا يضحي شبابنا بحياته في مثل هذه المناطق المعزولة التي تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة،مناطق كانت ولازالت يفترس أهالينا نبتة الديس ويتقاسمون اكواخهم ومعاميرهم مع مواشيهم واحمرتهم وكلابهم ودجاجاتهم؟
كثيرا ما تحدثت مع مسؤولين وقلت بان معتمدية فرنانة هي الأختبار الاصعب لأي حكومة كانت ،فكم من وعود ضربت وكم من مساعدات وجهت وكم من أموال ضخت ولكن لا طريق اتقن انجازه ولا ماء ضخ رغم شواهد الإنجاز ولا مدارس جهزت ولا مستوصفات قرّبت ولا استثمارات عامة أو خاصة أقيمت في مثل هذه الربوع التي كان أهالينا ومتساكنوها زلا يزالون جدارا منيعا في وجه مجموعات الموت التي كثيرا ما حاولت أن تستوطن في الجبال والمغاور والوديان التي يقطعها أطفالهم لساعات من أجل انارة عقولهم غير متأكدين من العودة احياء…ومن اقيم منهم في المبيت فبوخلوط ينتظر موائدهم.

هذه المناطق وعلى امتداد الشريط الحدودي التونسي الجزائري وعلى مسافة تفوق 800كلم لا زالت شاهدا على عجز الحكومات ومنذ دولة الاستقلال عن عجز الحكومات المتعاقبة تغيير مشاهد الفقر المدقع فيها.

مناطق لا زالت إلى حد اليوم محل استعراض للمتاجرة بفقر هؤلاء الغلابة والمساكين الذين لا تهمهم لا معارك القضاء ولا معارك البرلمان ولا معارك الاستشارات ولا المبادرات ولا الخطابات التي تستحضر فقرهم وخصاصتهم.
زارها بورقيبة وبن علي و المرزوقي وسعيد، و زارها رؤساء حكومات وعشرات الوزراء والسفراء الاجانب والجمعيات والمنظمات والاحزاب التي واكبت جزء هام منها ولم يتغير شيئا يستحق الإشادة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق