مقالات

كتبت المريبة و الشاعرة كحلاء عن حياة الطفولة التونسية قديما

الاعلامي التونسي المعز بن رجب

كتبت المريبة و الشاعرة كحلاء عن حياة الطفولة التونسية قديما
وصف رائع لمرحلة ممتازة مرت جعلت من طفل امس مبدعا اكتسب التفكير المنطقي والرياضي و مرحلة حديثة يشهدها تعليمنا جردت اذهان الناشئة من الابداع وحلاوة البحث عن المعلومة مهم كان مجالها للاسف وحقرت من شأن المعلم
أي سعادة تستقطب أطفالنا إلى المدرسة العمومية ؟…
حتى لا أتهم بالشعبوية سأنطلق من حيث بدأت رحلتي مع القلم والحرف. نحن أطفال الأرياف لم نكن نملك من الدنيا سوى وجوه أمهاتنا و آبائنا ولا نعرف من الجغرافيا سوى حدود بساتيننا و كانت المدرسة حلم كل طفل منا. يوم ذهبت إليها أول مرة صحبة أخي كنت سعيدة جدا ولم أنتبه إلى المسافة المقطوعة. سلمنا شقيقي الأكبر إلى حارس المدرسة عمي الباهي الشطي رحمه الله رحمة واسعة وعاد أدراجه. لم يسأل شقيقي عن المعلم ولا عن المدير ولا عن توقيت الدراسة وهذا كاف لنستخلص أننا كنا في أياد أمينة.
كنت و إخوتي ورفاقي نقطع يوميا خمس كيلومترات ذهابًا ومثلها إيابًا ونحن لا يزيد عمر أكبرنا عن العاشرة. كنا نستفيق والنجوم في كبد السماء وما تذمرنا يوما من حر أو قر بل ننطلق فجرا وخطواتنا تسابق الشروق نحو مدرسة عين بومرة الحبيبة ونقطع المسافة متحدين ومتحدين تضاريسها الوعرة و مناخها المتقلب وحيواناتها السائبة وشوق خفي يدفعنا إليها حتى إذا وصلنا هناك استقبلنا عمي الباهي بموقد حطب ضخم نتقاسم حرارته بوجوه باسمة و أياد مرتعشة وبعد الدفء نحول الوجهة إلى دفء ثان ألا وهو كأس السحلب السخن وما فيه من لذة ودروس فكلنا سواسية أمامه فقيرنا وغنينا ومنه تعلمنا الإعتماد على الذات في المحافظة على نظافة الأواني فكل واحد منا مطالب أن يمرر كأسه في آنية الماء والغسول ثم الماء ثم نرصفها فوق الطاولة.
الدروس المجانية لا تنتهي في مدرستي فبعد سعادة الدفء نصطف أمام أقسامنا صفا مستقيما واليد اليسرى على كتف من أمامنا كفيلق جنود يتهيأ لمعركة حامية و في هذا تجهيز للطفل وتعويد له على الحفاظ على النظام داخل المجموعة. ونحن في الصف يراقب معلمنا أظافرنا و هندامنا ونظافتنا ثم ندخل قاعة الدرس وهنا يستقبلنا المعلم بتمارين رياضية بسيطة فيها من البهجة والبساطة الكثير على سبيل الذكر لا الحصر لعبة الجلوس والوقوف وما فيها من تركيز سمعي بصري وما فيها من مرح يملأ القلوب الصغيرة غبطة قبل الشروع في الدرس حتى إذا شرعنا تكون أذهاننا صافية جاهزة لاستقبال المعلومة وتحليلها وفك شفراتها ومن ثمة تخزينها في الرؤوس.
لم أعش في مرحلتي الابتدائية كابوس الامتحان والتقييم فالمعلم هو الوحيد المخول له تقييمنا من خلال كراريسنا ومشاركتنا اليومية ولا نتفطن أبدا للامتحان إلا يوم تسلم الدفاتر وكانت جوائزنا كلمات شكر يمطرنا بها معلمونا فقط فنطير فرحا إلى بيوتنا ويتواصل تنافسنا البريء في قاعة الدرس.
تلك العلاقة الجميلة البسيطة بين الطفل وفضاء المدرسة بما فيه وتلك السعادة التي كانت تدفعنا نحو الدرس و ذاك التنافس البريء وتلك المحبة والتقدير والاحترام لمعلمينا رغم العقاب الجسدي المفرط أحيانا ،كل هذا أين هو الان في مدارسنا العمومية.هل مازالت المدرسة تقوم بدورها التربوي والاجتماعي ؟هل هناك علاقات حب بين الطفل ومعلمه الان ؟هل هناك عناوين سعادة في مدارسنا اليوم تجلب أطفال القرن الحادي والعشرين ؟ هل معلم اليوم مجرد موظف حكومي مهضوم الحق مفقر الجيب يطلبون منه تربية جيل كامل ؟ أم أن العملية التربوية اليوم مجرد شعارات وطرائق مستوردة لا تصلح لشعب لا يشبه شعب الطريقة الأم ؟ أسئلة تؤرقني أطرحها و أمر فأنا لست من أصحاب القرار… الطفولة اليوم مجزئة أصحاب الحظوظ الوافرة و أصحاب الحظوظ العاثرة وقلبي محزون لأجل الفئة الثانية فرجاء أنقذوا الطفولة قبل فوات الأوان…

احدي،متابعي المريبة التونسية كحلاء الرحال ، السيدة ليلي البرهومي تعلق
أ حلى ذكرى عشناها في مدرسة عين بومرة .
وداد الفالح أتذكر و تغرد
كفيت ووفيت كحلوشتي وعدت بي الى مقاعد الدراسة في ارياف القصرين والجهينات حين تولى الوالد ادارتها وعم ابراهيم الحارس وتوزيع الحبر على المقاعد صباحا قبل وصول التلاميذ ومعاناة الوالد في اصلاح الكراسات على قازة نومرو 5 والراديو الذي يستمع به اخبار العالم الخارجي كم كانت اياما جميلة على بساطتها وكانت قيمة المعلم لا يعلوها الغبار لانهم يلجؤون اليه لحل مشاكلهم من توزيع الميراث وفض مشاكل الزوجية ويتولى بنفسه توزيع الاعانات التي تاتي بها الهلكوبتر اثناء الفياضانات …ابيييه اعدتني الى عهد خلتني نسيته .رحم الله والدي وجعله في ميزان حسناته وكل رجل تعليم ادى الامانة على اكمل وجه مراعيا رب العالمين.
بالتونسي تقول و بلهجتها نفتخر
يا حسرة على المعلم كنا نخافو منو اكثر من والدينا وكل مانعملو حاجة خايبة في الدار يشكيو بينا للمعلم الذي كان بالفعل مربي . أما الوقت الحاضر أنا نحمل المسؤولية اولا للأولياء إلي يبعثو أطفالهم للمدرسة بحجامة الشعر متاع كلوشارات ونسبة ضعيفة لبعض المعلمين .أنا تعتبر العدو الأول المعلم لا المدير ولا المفقد هو الولي يبوك تظربلو ولدو غدوة يصبحلك قدام المدرسة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق