مُراهِقَة في الأربعين …
” كوني إمرأة ..متّزنة…”
يقول المثل الفرنسي أن “عمر الرجل كما يشعر و عمر المرأة كما تبدو” ..
لكن يحدث أن تتصارع الأفكار و التصرفات و تتشابك في مرحلة منتصف العمر محدثة نوعاً من التمرّد الانفعالي ، يُطلق عليه مصطلح ” المراهقة المتأخرة ” ، و لكنها غالبا ما تقترن بالرجل …لكن في الحقيقة “المراهقة المتأخرة” لا تقتصر على الرجل، فحتى المرأة معرضة لهذا الأمر، و ربما بشكل أعنف و قاس ، قد يعرّضها الى جميع أنواع الإكتئاب و الإحساس بالفراغ العاطفي و يجعلها تبدو بأنها أكبر من عمرها الحقيقي ، الشيء الذي يدفعها بالبحث عن علاقات جديدة و إن كانت عقيمة النتائج ..
فالفتاة التي تعيش مرحلة مراهقة غير مريحة في عدة جوانب من حياتها، تعاني من حالات معينة من الكبت العاطفي، والجنسي والعلائقي، نظراً لعجزها عن ممارسة مراهقتها بصورة طبيعية، على نحو يسمح في معظم الأحيان ببناء شخصيتها مما يمهد لحياة زوجية سليمة ولو بالحد الأدنى، هذا الأمر قد يدفعها في فترة متأخرة من حياتها إلى ممارسة دور لم تتمكن من عيشه وهي فتاة مراهقة..
فقد أثبتت الدراسات أنّ نسبة النساء اللاتي يعانين من المراهقة المتأخرة بعد سن الـ 25 لا تتعدى 30 في المئة؛ في حين تبقى بحدود 40 في المئة بعد الـ 35، وترتفع هذه النسبة لتصل إلى 45 في المئة في مرحلة لاحقة من عمر المرأة، تحديداً عندما تبلغ بناتها مرحلة المراهقة، الأمر الذي قد يدفعها إلى التشبه بهنّ من مبدأ غيرة تنافسية بين الأم وبناتها، خصوصاً إذا لم تكن الأم متّزنة على المستوى التفاعلي عندها تشعر بالغيرة لمجرد رؤية بناتها محطّ الأنظار، فتراها تسعى إلى التشبه بهنّ لأسباب عدة، من بينها: الخوف من تقدمها في السن، وعدم اختبارها تلك لمرحلة – أي المراهقة الطبيعية – من حياتها، وشعورها بالغيرة من بناتها، في إطار التنافسية الأنثوية، بالأخص عندما يكنّ أكثر جمالاً.
فمرحلة المراهقة المتأخرة تعني الحنين لزمن الشباب والمراهقة ومحاولة للتخلّص من مشاعر السلبية التي يفرضها عليها تقدّم العمر والتي من أخطرها الشعور باليأس والإحباط والشعور بأنها أصبحت بلا جدوى في الحياة.
كما أن تلك المرحلة التي تمرّ بها هي دائماً مرحلة مؤقتة قد تطول أو تقصر لدى البعض لكنها في النهاية تنتهي وتعود لتصحيح مسارات حياتها من جديد واستعادة دورها الراشد.
أستحضر الآن تجربة صديقة لي ، فالتغيّرات الفكرية و التصرفات الصبيانية أصبحت تغطّي على جمالها الداخلي ، خاصة بعد الهوس التكنولوجي الذي دفع بها الى التخلّي على رزانتها التي عهدتها بها ، فأصبحت امرأة مراهقة في الأربعين تبحث عن الجمال في أعين الآخرين لا بعين نفسها …
تبحث أن تكون امرأة أخرى خطّ مسارها الكبت و العجز ..
للأسف …آلمني جدا أن أراها مرتبكة الخطوات ، منفعلة …متفاعلة بشكل سيء يؤثر على أناقة فكرها و تفكيرها ..ورفضها الإنصياع الى حقيقة أننا بمجتمع شرقي يفرض عادات و معتقدات يجب الحرص عليها و استنشاقها دون كضم الغيض و الشعور بالخوف و الفراغ …
لذلك عزيزتي المرأة ،
كوني إمرأة متّزنة في علاقتك مع الآخر …
كوني أنثى متمردة في الحب ، عاقلة في الحياة …
اجعلي من الفراغ العاطفي عالمك المضاد الذي تحاربين به لا عليه …
و تأكّدي أن الرجل يعشقك عاقلة…هادئة …ثابتة الخطى …( ما يهزّك ريح ..).
و اعلمي أن عمرك الذهبي أمامك و ليس وراءك..
و دعي أخطاءك الصغرى مصدر قوتك لا ضعفك..
و اسألي نفسك هل أيّ قرار تفكّرين في اتخاده عقلاني أم قائم على المشاعر.
اسألي نفسك هل أيّ القرار يؤثر على عملك وزوجك.
اسألي نفسك هل هذه الرغبات واقعية ويمكن تحقيقها مثل السفر في كل أنحاء العالم أو الزواج بآخر أو العودة إلى شبابك.
اسألي نفسك هل هذه القرارت تسبب الصدام لشخص آخر أو تضر مشاعره.
تعرفي على أشخاص مرّوا بنفس الشعور وتخطوا هذه الفترة، لتعرفي أنك لست بمفردك…و أنّنا معك ..
دائماً ناقشي وتحدثي مع شخص يفهم مشاعرك ولكنه غير متحيز لك، بمعنى أنه شخص يستطيع تقديم النصح والمساعدة لك دون أن يخدعك أو يتعاطف مع مشاعرك فقط.
و من الأفضل عزيزتي ألا تصطدمي بأقرب الناس إليك، واعلمي أن ما تشعرين به سيتلاشى مع الوقت.
من كتابي:
# مكاتيب_أنثوية #