مقالات

الفساد هو نتاج لعدم الكفاءة المؤسسية وضعف الاستقرار السياسي / بقلم: د. حنا عيسى – أستاذ القانون الدولي


“إن الفراعنة والأباطرة تألهوا ؛ لإنهم وجدوا جماهير تخدمهم بلا وعي”(محمد الغزالي)

“مكافأة الفساد لم تكن يومـًا سوى إطعام ديناصور لا يعرف معنى الشبع!”(ياسر ثابت)

يعزى الترهل والفساد الإداري في المجتمع إلى تراجع في المستوى الحضاري والتراجع في القواعد التنظيمية والضعف في المساءلة، وعليه فلا يمكن اعتبار الفقر السبب في الترهل والفساد كما ينادى الآخرين.

فالفقر هو نتيجة للترهل والفساد الإداري وليس سببا فيه. ففي حال فقدان مبالغ كبيرة من الأموال بطرق غير مشروعة يؤثر ذلك سلباً في النتيجة الاجتماعية والاقتصادية تأثيرا يتمثل في حرمان المواطنين من حقوقهم الأساسية.

إن الفساد بهذا الشكل الكبير هو نتاج لعدم الكفاءة المؤسسية وضعف الاستقرار السياسي والرتابة الحكومية البيروقراطية وضعف الأنظمة التشريعية والقضائية. وهذا يدعو إلى ضرورة إيجاد مبادرات جريئة وواعية لمحاولة فهم الفساد بجوانبه من حيث الأسباب والنتائج ولكن المحاولات التي تعالج الفساد كمشكلة قليلة وذلك يعود إلى انه متى نشأ النظام الفاسد واستقر وكانت هناك أغلبية تعمل داخلة فلن تكون هناك حوافز لدى الأفراد لمحاولة تغييره أو الامتناع عن المشاركة فيه حتى لو كان كل شخص سيصبح في حال أفضل لو زال الفساد. وهذه معضلة كبيرة نعانى منها جميعاً. ومن هنا يمكن الاستنتاج أن الفساد وعدم الاستقرار السياسي وجهان لعملة واحدة. فالسلطة المطلقة تقود إلى فساد مطلق.

إن ما سبق يقتضى إنشاء بيئة سياسية تتصف بالقيادة الأمنية وحماية موظفي الحكومة من التدخلات السياسية وإيجاد حوافز تقلل من الفساد وتحد من انتشاره. هذا بالنسبة الجانب السياسي، أما في الجانب الاقتصادي فيمكن العمل على الحد من الفساد من خلال خفض الرسوم الجمركية وغيرها من الحواجز!!! ، وإيجاد أسعار صرف وأسعار فائدة موحدة يقررها السوق ، والحد من اللوائح التنظيمية واشتراكات التراخيص وغير ذلك من الحواجز والعراقيل ضد دخول الشركات الجديدة والمستثمرين الجدد ، والقضاء على احتكارات المؤسسات المملوكة للحكومة وخصخصتها وإنفاذ قواعد الحيطة المصرفية ومعايير المراجعة الحسابية والمحاسبة بطريقة تتسم بالشفافية. ولكن هذه الإصلاحات يجب أن تكون مبنية على أساس تغيير الهياكل والإجراءات الحكومية وتوجيه اهتمام اكبر إلى التنافس الداخلي والحوافز في القطاع العام وتدعيم نظم الرقابة الداخلية والخارجية. وذلك لابد من وضع استراتيجية لمكافحة الترهل والفساد الإداري بجميع مؤسسات الوطن.

• وضع أنظمة وقوانين صارمة لمعاقبة المتورطين في قضايا الفساد.
• إنشاء لجنة عليا مستقلة للتحقيق في التجاوزات والشكاوى المتعلقة بقضايا الفساد.
• إتباع سياسة المصلحة العامة والكفاءة في تولى المناصب الإدارية وغيرها.
• إشراك الجمهور في تشخيص الظواهر الفاسدة. (فالجمهور هو الأكثر معرفة بمواقع حدوث الفساد وشكل الفساد وهم بذلك مصدر للمعلومات عن مواقع حدوث الفساد، وشكل الفساد المنتشر، وتشكل استشارة الجمهور جزءاً مهماً لمعرفة الخلل في أنظمة الدولة.
• التركيز على الوقاية عن طريق إصلاح الأنظمة الفاسدة.
• تحسين مستوى المعيشة للعاملين .

لكي ننجح في تطبيق الإستراتيجية السابقة يتطلب منا جميعاً التركيز على الجوانب التالية:

1. الجانب الديني: تنمية المنظومة القيمية الدينية لدى المواطن.
2. الجانب التثقيفي: زيادة الوعي بمخاطر الفساد من خلال المؤسسات التربوية والمجتمع المدني وكافة أجهزة الإعلام.
3. الجانب السياسي: بإيجاد نظام قائم على الديمقراطية والتعددية والانفتاح.
4. الجانب الاقتصادي: توفير فرص عمل والحد من ظاهرة البطالة والفقر.
5. الجانب التشريعي: متابعة وتطوير القوانين والتشريعات لمواكبة التطور المستمر في شتى جوانب الحياة ولمحاربة الفساد بكل شفافية.
6. الجانب القضائي: استقلالية الجهاز القضائي والنزاهة وان يمارس دورة بمعزل عن الضغوط والتدخلات.
7. الجانب الإداري: من خلال الالتزام بأخلاقيات المهنة.
8. الجانب البشرى: باختيار الموظفين على أساس الجدارة والكفاءة.
9. الجانب الرقابي: تعزيز هذا الجانب يزيد من التزام الموظف بعملة قدر الإمكان.
10. جانب المشاركة: وذلك يجعل القرارات مبنية على النقاش والحوار وأخذ الرأي العام في أجواء من الحرية والمسؤولية.

مقالات ذات صلة

إغلاق