ثقافه وفكر حر

المقامة المدرسيّة / بقلم منير صويدي

المقامة المدرسيّة..
*******
حدّث حنظلة قال : قـدِم إلى المدينة منذ شهور.. معلّم مغمـور.. لكنّه مغرور..يُخيَّـلُ إليْه أنّه مشهور.. .فهو مهـذار.. ثـرْثار.. إن تُجالسْه ساعة.. يُصِبْــكَ الدّوار.. وتوشك على الانهيار..
كان يجُوب الملاهي.. ويُطيلُ الجلوس في المقاهي.. يتبجّح.. بصوْلاته.. ويتباهى بمغامراته.. فتجمّع حوله ثـلّـة من المغفّلين.. يَـقضُون السّاعات الطّوال ضاحكين مستبشرين.. بما يبيعه لهم.. من أوهام ..وأحلام.. وهو يُمنّيهم بتدريس أبنائهم.. علوم العارفين.. وجعلهم من المتفوّقين.. فأقبلوا على ذلك في الحين.. وتسابقوا لتسجيل فلذات أكبادهم في زمرة “المتميّزين”..
تتالت الشّهور والأيّام..و حلّ موعد الامتحان.. فأقبل التّلاميذ على المناظرة .. مُدجّجين.. باللّغة والآداب.. ومُسَرْبَلين بعلوم الحساب.. ببركات سيّد المُعلّمين.. الذي يُمنّي النفس بالشّهرة والرّفاه.. على مرّ السّنين.. إنْ حقّق لهؤلاء النّجاح المُبين..
..وفي اليوم المشهود.. تحلّق الجميع في الباحات.. والسّاحات.. ينتظرون أفضل النتائج.. وأجمل النّجاحات.. وجوه يومئذ ناضرة.. وأخرى بائسة فاقرة.. وماهي إلا لحظات .. حتّى كبّر المنادي . وتعالت الصيْحات.. فزغردت أمّ النّاجح.. وناحت الأخريات.. وسارع الآباء وبعض الأمّهات.. إلى مصّاص الدّماء.. الذي اختفى في الظلمات.. فأخرجوه مقيّدا مغلولا.. إلى أشهـر السّاحات.. وانهالوا عليه بالعصيّ والهراوات..حتّى ظنّ الجميع .. أنّه ودّع الحياة..
وفي غمرة ثورة الأهالي.. صرخت في وجوههم غير مُبال بالأهوال:
بئس المخادع.. ليس إنسانا..
خان الأمانة.. فأصبح شيطانا..
غرّه الدّينار.. دهورا وأزمانا..
فتجرّع العلقم.. كؤوسا وألوانا..
***
منير صويدي
02 / 10 2017

مقالات ذات صلة

إغلاق