اقلام حرة

ما المتوقع …بعد عملية المكبر…؟؟ راسم عبيدات

واضح حتى اللحظة بأن كل الوان الطيف السياسي الإسرائيلي الحزبي والحكومي تجمع على ان الحل في مدينة القدس امني – عسكري وليس حل سياسي،فالحل السياسي في عرف الحكومة الإسرائيلية يعني التنازل امام ما يسمى بالإرهاب… على الرغم أن الحكومة الإسرائيلية منذ هبة الشهيد محمد ابو خضير في تموز /2014 وحتى اللحظة جربت كل اشكال القمع والتنكيل بحق المقدسيين واهالي الشهداء هدم منازل، طرد وابعاد خارج مدينة القدس، اغلاق منازل ومداخل القرى بالمكعبات الإسمنتية والسواتر الترابية ،احتجاز جثامين الشهداء ،القتل بالدم البارد والتصفيات الجسدية ،الحد من حرية التنقل والحركة والإبعادات عن الأقصى،الإعتقالات بالجملة والمستهدفة الشبان والفتيان وحتى الأطفال…الخ من الإجراءات والعقوبات الجماعية،ولكن كل ذلك لم يوفر الأمن والأمان للمجتمع الإسرائيلي،وهذه العملية وغيرها من العمليات واشكال المقاومة التي يخوضها المقدسيون والفلسطينيون ضد المحتل، ترسل رسائل واضحة للإسرائيليين بأن القدس غير موحدة وهي محتلة وفق القانون الدولي،هذا القانون والإتفاقيات الدولية التي لا تريد لا اسرائيل ولا أمريكا تطبيقها أو الإلتزام بها كمدخل لحل سياسي،حتى الأصوات الداعية من أعضاء كنيست وجنرالات عسكريين وأمنيين ووزراء سابقين للإنفصال عن سكان القدس الشرقية،هي لا تأتي في إطار حل سياسي أو الإعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والإستقلال والخلاص من المحتل،بل التخلي عن أكبر عدد من المقدسيين وحشرهم بجدران عزل عنصري من أجل الحفاظ على ما يسمونه بنقاء يهودية القدس. العقوبات التي أقرها “الكابينت” الإسرائيلي وفي مقدمتها هدم بيت الشهيد،واعتقال كل من يبدي فرحه بالعملية،بالإضافة الى زيادة عدد الحواجز الشرطية والأمنية وقوات الشرطة وحرس الحدود في منطقة القدس،والعقوبات الجماعية مثل اغلاق مداخل المكبر وغيرها من القرى المقدسية بالمكعبات الإسمنتية والإعتقالات وتشديد الأحكام على المعتقلين وتسريع عمليات هدم المنازل تحت ذريعة البناء غير المرخص،ومطاردة المقدسيين في تفاصيل حياتهم اليومية اقتصاديا واجتماعياً وغيرها من عمليات القمع والتنكيل بالمقدسيين،يجري العمل بها وتطبيقها بعد كل عملية تحدث في القدس،ويستهدف المقدسيون بالمزيد من العقوبات الجماعية،ويتبارى قادة حكومة الاحتلال من اجل كسب ود وثقة الجمهور الإسرائيلي والمستوطنين في أيهم سيتخذ عقوبات أشد بحق المقدسيين،حتى ينال مقاعد أكثر في الانتخابات الإسرائيلية القادمة،وهم جميعن يدركون بانه لا حل امني،فمهما قالوا وصرخوا وصرحوا يومياً بان القدس موحدة وعاصمة لدولة الإحتلال،فالواقع يؤكد بأن القدس غير موحدة،والقانون الدولي يقول بأن القدس الشرقية محتلة،ولعل القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي الذي أكد على عدم شرعية الإستيطان ودعا حكومة الإحتلال الى وقفه في القدس والضفة الغربية،وكذلك القرار الذي اتخذته أيضاً لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو قبل ذلك،بأن كل الإجراءات الإسرائيلية في البلدة القديمة ومحيطها غير شرعية ومخالفة للقوانين والإتفاقيات الدولية،هي رسائل واضحة لحكومة الاحتلال،لا اعتراف بشرعية الضم للقدس والقدس غير موحدة، ونقل سفارة أمريكا او غيرها من السفارات من تل ابيب الى القدس،على الرغم من خطورته،واعتباره انقلاب على القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة التي تنظم السلم والأمن في المنطقة،فهذا ليس من شأنه شرعنة إحتلالها،بل هذا من شأنه صب الزيت على النار،ودفع الصراع نحو مدايات وسقوف أعلى في فلسطين والمحيط العربي،فعلى الرغم من حالة الإنهيار العربي،والدخول في الحروب المذهبية والطائفية وتراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية،فالقدس تبقى محط اجماع عربي واسلا مي، لا يمكن لأحد أن يتخلى عنها،او يقدم تنازلات تمس بطابعها العربي- الإسلامي. جزء من القيادة الأمنية الإسرائيلية خلصت الى قناعات بأن استهداف الفتية والشبان من حملة السكاكين بالقتل،من شأنه ان يدفع نحو المزيد من العمليات،وكذلك هناك منهم من خلص الى نفس النتيجة في قضية العقوبات الجماعية وهدم البيوت،ولكن حتى هذه اللحظة لم نشهد لا من اليسار او اليمين الصهيوني من يقول،دعونا نجرب طريق الحلول السياسية والإعتراف بحق هذا الشعب،أن يحيا بحرية وسلامة وأمن بعيداً عن الاحتلال،فأقصى ما يتم طرحه هو الإنفصال من طرف واحد،دون الاتفاق على حل سياسي. القمع والتنكيل بالمقدسيين واسنداد أفق العملية السياسية،كلها عوامل ضاغطة تجاهه تفجر الأوضاع على شكل هبات شعبية جماهيرية،أغلب عملياتها كانت في الإطار الفردي أو ما يطلق عليه الإحتلال “الذئب” المنفرد،وهي تعلو حيناً وتهبط حيناً أخر ارتباطاً بشدة القمع والإجراءات التنكيلية والعقوبات الجماعية الإسرائيلية،وهذه العمليات التي تحمل الطابع العفوي والفردي، لا توجد لها حواضن تنظيمية او قيادة مؤطرة تقودها،وواضح بأن عملية الشهيد القنبر أتت في هذا السياق،والتي حاول الاحتلال ان يربط بينها وبين تنظيم “داعش”،لكي يحقق مجموعة اهداف بالقول بأن الإرهاب واحد في تركيا ،في العراق في باريس في لندن وكذلك في القدس،أي يريد أن يجرم النضال الوطني الفلسطيني ويعطيه صفة الإرهاب،لكي يأخذ مشروعية دولية في تنفيذ حروب عدوانية على شعبنا الفلسطيني،ربما تكون غزة مرشحة لمثل هذا العدوان،بالإضافة الى شن حملة شرسة على الضفة الغربية والقدس،والحملة في القدس ستحمل طابع العزل للأحياء المقدسية كل قرية تشكل معزل ووحدة اجتماعية منفصلة عن الأخرى،أي تقطيع المقطع من اوصال المدينة،وتحويلها الى جزر متناثرة في محيط إسرائيلي واسع عبر اغراقها بالمستوطنات،فالحديث عن إقامة (19000) وحدة استيطانية في المدينة،جزء منها أقيم بالفعل،يعني طرد وترحيل قسري وتطهير عرقي بحق العرب المقدسيين،أما في الضفة الغربية،ففي ظل عهد الرئيس الأمريكي اليميني المتطرف “ترامب” الداعم لدولة الاحتلال وحكومتها اليمينية بلا حدود، ما ينتظرها خطة “بينت” زعيم البيت اليهودي ضم مستوطنة معاليه ادوميم للقدس كمقدمة لضم مناطق (سي) من الضفة الغربية والتي تشكل (60)% من مساحتها لدولة الاحتلال،مع تأبيد وشرعنة الإحتلال مقابل تحسين شروط وظروف حياة الفلسطينيين تحت الاحتلال باموال وصناديق عربية ودولية،أي مقايضة الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني بتحسين أوضاعه وظروفه الاقتصادية تحت الاحتلال. على ضوء ذلك فلا مناص امام المقدسيون قوى ومؤسسات ولجان سوى المزيد من الوحدة والتلاحم من أجل الدفاع والمحافظة على وجودهم وبقائهم في مدينتهم وعلى أرضهم،والقيادة السياسية الفلسطينية والقوى والأحزاب يجب أن ترتقي الى مستوى الخطر الداهم المحدق بالمدينة المقدسة وأهلها، من خلال توفير مقومات وعوامل الصمود الفعلي والحقيقي لهم،وليس الشعارات والبيانات والخطب الرنانة،وكذلك العمل على فضح وتعرية الاحتلال أمام كل المحافل والمؤسسات الدولية،وكذلك التوجه الى المحاكم الدولية لجلب ومحاكمة مستوطني وجنود الاحتلال وقادته على ما يرتكبونه من جرائم حرب بحق المقدسيين وشعبنا الفلسطيني. القدس المحتلة – فلسطين 8/1/2016 0524533879 [email protected]

إنهاء الدردشة

مقالات ذات صلة

إغلاق