الرئيسية

ما الذي سيبقى لدى الكوبيين من قائدهم الراحل فيدل كاسترو؟

 

رفض قائد الثورة الكوبية الراحل فيدل كاسترو في حياته وبعد وفاته أن يكون موضع “عبادة الشخصية”. فقد منع تشييد أي نصب يخلد ذكراه أو تسمية أي شارع باسمه؟ فكيف يرى الكوبيون ذلك؟ وما الذي سيبقى لديهم من صورة عن “الكوماندانتي”، الذي وري الثرى الأحد بمدينة سانتياغو دي كوبا؟

يعجبك في فيدل كاسترو أنه كان يتولى السلطة في بلاده بشكل فردي مطلق من 1959 عندما أطاح بالديكتاتور فولخينسيو باتيستا لغاية 2006 عندما نقل الحكم لأخيه راوول. ولكنه دائما رفض، بل أنه منع قيادات حزبه كما الشعب الكوبي أن يكون موضع “عبادة الشخصية”، لا في حياته ولا بعد مماته.

وقد كشف راوول كاسترو مساء السبت في خطابه التكريمي الأخير لفيدل بمدينة سانتياغو دي كوبا (شرق البلاد) عشية دفن رفات شقيقه، أنه سيلبي رغبة “القائد الأعلى” بإقرار قانون يمنع منعا باتا أي مظهر يقترب أو يبتعد عن “عبادة الشخصية”. ما يعني أن فيدل لن يكون له موقعا في ساحات الثورة المتعددة بالبلاد كما هو الشأن بالنسبة إلى أب الاستقلال خوسي مارتي أو زميل دربه إرنستو “تشي” غيفارا.

فيدل كاسترو ليس بحاجة إلى نصب ولا شارع
فكيف يرى الكوبيون ما يبدو أنه تناقض؟ أم أنه شيء بديهي بالنسبة إليهم؟ عالم الاجتماع خوان فالديس باز، العضو في اتحاد الكتاب والمثقفين الكوبيين، يقر أن هناك تناقض بين رفض فيدل “عبادة الشخصية” وممارسته ما يقترب في ذلك مع زعماء كوبا الآخرين، وعلى رأسهم خوسي مارتي. وأكد باز لفرانس 24 أن فيدل كاسترو “دائما رفض مبدأ عبادة الشخصية، ولكنه في الوقت ذاته كان يدرك جيدا أن الكوبيين وحتى رجال السلطة كانوا يعتبرونه أكثر من قائد نظرا لشخصيته القوية وتاريخه الكبير”.

وأضاف خوان فالديس باز أن راوول كاسترو سارع إلى الحديث عن إقرار قانون يمنع “عبادة الشخصية” لعلمه مدى احترام وحب غالبية الكوبيين لقائدهم. وذكر عالم الاجتماع أن “عبادة الشخصية في الحقيقة مرسخة في ضمير الكوبيين منذ الاستقلال”، وأن “فيدل سيظل حيا في قلوب وذاكرة شعبه أكثر من أي وقت مضى”.

صدق أو لا تصدق: فيدل كاسترو ليس له لا نصب ولا شارع في هافانا ولا في غيرها من مدن كوبا، ولكن الحقيقة أن كل شيء في العاصمة يذكرك بهذا الشخص البارز في القرن العشرين.

“يو سوي فيدل”
فإذا تحدثت إلى بائع متجول بشارع أوبيسبو الذي يعج بالسياح في وسط هافانا، أجابك “يو سوي فيدل”: أنا فيدل. وكذلك فعل هذا العامل بمطعم “كاستيو دي فرنيس” لما سألناه ما اسمه وما الذي سيبقى من كاسترو بعد وفاته؟ “اسمي؟ أنا فيدل! فيدل الذي ليس بحاجة لنصب ولا شارع لأن أفكاره غرست في قولبنا ولن تموت. وهي أفكار رجل جديد، حديث، يحب السلام والصداقة والعدل ومساعدة الفقراء”.

ومطعم “كاستيو دي فرنيس” هو المطعم الذي قصده فيدل في يناير/كانون الثاني 1959 بعد نجاح ثورته ضد باتيستا.

وكذلك أيضا قال مانويل العامل بمطعم “مونسيرا” المجاور لمسرح هافانا، بين المدينة القديمة والوسط الحديث. مانويل، 76 عاما، تذكر بفخر عندما كان فيدل يجلس إلى جانب الشعب ويأكل ما يأكله الشعب، “فقد كان رجلا متواضعا قريبا من الفقراء”، مشيرا إلى أنه “ليس من الذين يبحثون عن النصب التذكارية”.

“فيدل هو أبرز شخصية جنوب أمريكية في القرن العشرين”
وبانتظار إقرار قانون راوول، لا يزال فيدل كاسترو يصنع أفراح بائعي الكتب والمجلات والملصقات بساحة “الأسلحة”، غير بعيد عن شارع أوبيسبو. واعترف راوول (26 عاما) وشريكة حياته إليزابيت (27 عاما) أن المبيعات ارتفعت منذ وفاة كاسترو.

وقالت راوول: “الإقبال على الكتب والمجلات المتعلقة بفيدل زاد بكثير في الأيام الأخيرة، ولكن السياح هم غالبا من يشترونها، ذلك أن الكوبيين ليسوا بحاجة ماسة إليها، فكثيرون من يملكون كل شيء” عن “الكوماندانتي”. أما راوول، فيقول إن إعجاب مواطنيه بفيدل لن يرقى لعبادة الشخصية كما لدى قادة الاتحاد السوفيتي سابقا”. ويضيف: “فيدل هو أبرز شخصية جنوب أمريكية في القرن العشرين، فقد صمد أمام رؤساء الولايات المتحدة طيلة حكمه”. فهل يصبح يوما ما موضع “عبادة الشخصية”؟ جواب راوول قصير: “التاريخ سيفصل في ذلك، عزيزي”.

فمهما فكرت في أب الثورة الكوبية، فإنك تبتعد لا محال عن الموضوعية، لأن الشخص متعدد ومعقد، ولأنه قد يثير الإعجاب كما يثير الاستياء. فيدل الثائر فارق الحياة، ولكن إرثه ما زال حيا!.

مقالات ذات صلة

إغلاق