أخبار عالميه

عزل وزير الاقتصاد ضربة لليبيراليّين في روسيا

هزّت روسيا أمس، فضيحة فساد طاولت وزير التنمية الاقتصادية أليكسي أوليوكانوف، أبرز شخصيات الفريق الاقتصادي في الحكومة، والذي عزله الرئيس فلاديمير بوتين، بعد اتهامه بتلقي رشوة من شركة «روسنفت» المملوكة للدولة لتسهيل بيعها شركة «باشنفت» العملاقة للنفط. وتباينت ردود الفعل بين مرحّب بـ «إبعاد أحد رموز الطابور الخامس»، ومحذّر من «استهداف التيار الليبرالي المتحفظ عن تصعيد المواجهة مع الغرب».

الوزير الذي شكّل نبأ توقيفه ليل الإثنين -الثلثاء صدمة في أوساط المال والأعمال، مَثُل امس أمام قاضي التحقيق الذي أمر بتوقيفه واتهمه رسمياً بتلقي رشوة قيمتها مليونَي دولار. وأعلنت أجهزة التحقيق أن أوليوكانوف خضع لمراقبة الأجهزة المختصة سنةً تقريباً، مشيرة إلى تسجيل مكالماته، واقتحام مكتبه ليل الإثنين وتوقيفه أثناء تسلّمه المبلغ من ممثل لـ «روسنفت» التي اشترت في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي 50.08 في المئة من أسهم «باشنفت» المملوكة للدولة، في صفقة قيمتها 329.7 بليون روبل (5 بلايين دولار).

وأخضعت محكمة الوزير لإقامة جبرية لشهرين، علماً أنه نفى الاتهامات الموجّهة إليه. ويواجه حكماً بسجنه 15 سنة، إذا أدين. وأوليوكانوف (60 سنة) أبرز مسؤول روسي يُعتقل خلال توليه منصبه، منذ العام 1993.

وتتضمّن لائحة الاتهام تفاصيل عن وضع الوزير «تقويماً إيجابياً» أتاح إنجاز الصفقة، في مقابل حصوله على رشوة. وأشارت لجنة التحقيق إلى أن أوليوكانوف استخدم سلطاته لابتزاز «روسنفت» التي أبلغت السلطات وشاركت في خطة للإيقاع به بـ «الجرم المشهود». واستدركت أن ذلك لا يعرّض الصفقة لخطر، إذ «جرت في شكل قانوني والتحقيق لا يستهدفها».

وأثار الأمر هزّة كبرى، واعتبرته أوساط إعلامية غربية مؤشراً إلى «تصدّع في فريق بوتين». لكن جهات روسية ربطته بحملة واسعة أطلقها بوتين قبل شهور لمحاربة الفساد، وأطاحت حتى الآن حكام أقاليم ومسؤولين بارزين في وزارات، إضافة إلى جنرالات في وزارتَي الدفاع والداخلية. وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن «الاتهام في منتهى الخطورة، ويتطلّب أدلة قوية جداً، والمحكمة تقرّر». وأشار إلى إطلاع بوتين على وضع الوزير تحت مراقبة. أما رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف الذي يُعتبر أوليوكانوف أبرز أعمدة حكومته، فلفت إلى أنه «لا يفهم» ماذا حصل مع الوزير، مشيراً إلى أنه تحدث إلى بوتين الذي أعرب عن رأي مشابه. ودعا مدفيديف إلى إجراء «تحقيق جدي جداً»، مؤكداً أن لا حصانة لأحد.

ولم يستبعد معلقون روس أن تمهّد فضيحة الوزير لتسريع إعادة تشكيل الحكومة. لكن بيسكوف استبعد ذلك، مشدداً على أن «المسألة تنحصر في توجيه اتهام لشخص، لا للحكومة». واعتبرت أوساط روسية معارضة أن هذا التطوّر يشكّل ضربة قوية أخرى إلى الفريق الليبرالي في الحكومة، الذي دعا مراراً إلى الامتناع عن تصعيد المواجهة مع الغرب، محذراً من تداعيات العقوبات الاقتصادية على روسيا. وكان لافتاً أن مايكل ماكفول، السفير الأميركي السابق في موسكو، أعرب عن صدمته، لافتاً إلى أن أوليوكانوف «يُعتبر واحداً من قادة الليبراليين في روسيا، ونشط في تطبيق برامج علمية». لكن زعيم الحزب الشيوعي غينادي زيوغانوف اتهم الوزير بالـ «عمل لإثارة صراعات، وهو جزء من طابور خامس داخل البلاد».

وشكّكت صحيفة «نوفاي غازيتا» المعارضة برواية لجنة التحقيق، مشيرة إلى أن «روسنفت» وضعت مليونَي دولار في خزينة مصرف روسي لمصلحة الوزير الذي «لم يلمس المبلغ»، في تلميح إلى «مؤامرة ضده». لكن هذه الفرضية قوبلت بنفي قاطع من أجهزة التحقيق التي أعلنت امتلاكها أدلة «دامغة» على أن توقيف أوليوكانوف تمّ خلال تسلّمه الرشوة شخصياً.

وكان الوزير يرفض الصفقة بين «روسنفت» و «باشنفت»، لكنه وقّعها واستُكملت الشهر الماضي. وأثارت وسائل إعلام غربية تساؤلات، إذ إن الرشوة دُفعت، نقداً، بعد شهر على إنجاز الصفقة، كما أن مبلغ المليونَي دولار زهيد بالنسبة إلى وزير. واستغربت أن يهدد أوليوكانوف «روسنفت» التي يرأسها إيغور سيتشين المقرّب من بوتين ويُعتبر من الشخصيات الأكثر نفوذاً في روسيا. ولفت سيرغي شفيتسوف، النائب الأول لمدير المصرف المركزي الروسي، إلى أن الوزير الذي تولى منصبه عام 2013 «هو آخر شخص يمكن الاشتباه به في أمر مشابه»، مضيفاً أن «ما كُتب في وسائل الإعلام يبدو سخيفاً، ولا شيء واضحاً حتى الآن

مقالات ذات صلة

إغلاق