أخبار عالميهاخبار الفنالرئيسيةمقالات
صانع المهرجانات محمد قبلاوي نموذجًا لرحلة ثقافية وإنسانية بدأت من سوريا، مرورًا بتجربة الاغتراب في السويد، وصولًا إلى تأسيس واحد من أبرز المنصات الأوروبية المعنية بالسينما العربية، مهرجان مالمو للسينما العربية.
كوبنهاجن – ماهر حشاش

يمثل المخرج وصانع المهرجانات محمد قبلاوي نموذجًا لرحلة ثقافية وإنسانية بدأت من سوريا، مرورًا بتجربة الاغتراب في السويد، وصولًا إلى تأسيس واحد من أبرز المنصات الأوروبية المعنية بالسينما العربية، مهرجان مالمو للسينما العربية.

وُلد قبلاوي في سوريا لأسرة فلسطينية، وبدأ مسيرته الفنية في سن مبكرة من خلال المسرح والتلفزيون، حيث انخرط في العمل الفني الاحترافي واكتسب خبرة عملية في الإخراج والعمل الثقافي. ومع انتقاله إلى السويد أواخر ثمانينيات القرن الماضي، واجه تحديات الاندماج وبناء مسار مهني جديد، لكنه واصل نشاطه الفني واضعًا الثقافة والسينما العربية في صلب مشروعه.

في السويد، عمل قبلاوي في مجالات فنية وثقافية متعددة، شملت الإنتاج والإخراج التلفزيوني والسينمائي، لا سيما الأفلام الوثائقية، إلى جانب عمله كـ خبير ومستشار فني وإداري للعديد من المشاريع والمهرجانات وصناديق الدعم السينمائية حول العالم. وقد راكم خبرة واسعة في إدارة المشاريع الثقافية والإعلامية وتطوير الأعمال الفنية الإبداعية، مع تركيز خاص على التنوع الثقافي والحوار بين الثقافات.

ومن هذا المسار، تبلورت رؤيته بتأسيس منصة سينمائية دائمة تُعرّف الجمهور الأوروبي، ولا سيما في الدول الإسكندنافية، بالسينما العربية، وتفتح آفاق التعاون والإنتاج المشترك أمام صُنّاعها. وفي عام 2011، أسس قبلاوي مهرجان مالمو للسينما العربية، الذي تحول خلال سنوات قليلة إلى أكبر مهرجان متخصص بالسينما العربية في أوروبا. ولم يقتصر دور المهرجان على العروض السينمائية، بل توسع ليشمل برامج الصناعة، وورش العمل، والندوات المتخصصة، وسوقًا سينمائيًا ساهم في دعم مشاريع أفلام عربية وبناء شراكات إنتاجية مع مؤسسات أوروبية ودولية.

وإلى جانب عمله التنفيذي كمؤسس ورئيس تنفيذي للمهرجان، شغل محمد قبلاوي عضوية لجنة ترشيح الأفلام الوثائقية المنافسة على جائزة “الخنفساء الذهبية” السويدية (الأوسكار السويدي) خلال الفترة من 2015 إلى 2017، كما كان عضوًا في لجان تحكيم مهرجانات عربية ودولية، وعضوًا في الهيئة الإدارية لاتحاد المهرجانات السينمائية السويدية منذ عام 2022 وحتى اليوم.

كما عُرف قبلاوي بدوره الأكاديمي والتدريبي، حيث ألقى عشرات الندوات وورش العمل حول العالم المتخصصة في الإنتاج السينمائي وتطوير المشاريع، إضافة إلى مساهمته في تأسيس وتطوير عدد من صناديق الدعم السينمائية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.
وعلى صعيد الإنتاج، أنجز قبلاوي عددًا كبيرًا من الأعمال التلفزيونية والسينمائية، من أبرزها المسلسل التلفزيوني “الياسمين والإسمنت”، الذي صُوّر في السويد وسوريا وألمانيا وحظي باهتمام واسع على المستوى الدولي.

وقد حظيت مسيرته بتقدير واسع، تُوّج بعدة جوائز وتكريمات، أبرزها جائزة مدينة مالمو الثقافية لعام 2025، وجائزة الصناعة الإبداعية من مدينة مالمو عام 2023، إضافة إلى جائزة شخصية العام السينمائية العربية لعام 2022 ضمن نتائج مركز السينما العربية على هامش مهرجان برلين السينمائي الدولي، إلى جانب جائزة مالمو للمساهمة الثقافية لعام 2021 التي مُنحت له على مدار ثلاث سنوات تقديرًا لدوره الثقافي المستدام.
وكان آخر هذه التكريمات احتفاء مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بمسيرته، في لفتة خاصة تُكرّس جهوده الطويلة في إيصال السينما العربية إلى المحافل الأوروبية والدولية.
اليوم، يُعد محمد قبلاوي أحد أبرز الفاعلين الثقافيين العرب في أوروبا، حيث تحولت رحلته من تجربة شخصية في الهجرة إلى مشروع ثقافي متكامل ومستدام، جعل من السينما العربية أداة للحوار، والتواصل، وبناء الجسور بين الثقافات.


