منوعات

قطار الأطفال” – Gyermekvasút

في قلب العاصمة المجرية بودابست، وتحديدًا بين التلال الخضراء الهادئة التي تزيّن ضاحية بودا، يختبئ أحد أكثر المشاريع غرابة وإثارة للدهشة في أوروبا… قطار حقيقي يُدار بواسطة الأطفال!

نعم، ليست مزحة ولا قصة خيالية، بل حقيقة يمكن مشاهدتها يوميًا على امتداد أكثر من 11 كيلومترًا من السكة الحديدية التي تُعرف باسم:

“قطار الأطفال” – Gyermekvasút

في هذا القطار العجيب، الذي تم إطلاقه عام 1948، تتبدل الأدوار المعتادة:
الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 14 عامًا، يصبحون المراقبين والمنظمين والموظفين الإداريين للمحطات!

عند صعودك على متن القطار، لن تفاجأ إن استقبلك طفل بزي رسمي أنيق، يُلوّح لك بابتسامة جدية، ويطلب منك التذكرة.
هؤلاء الأطفال يتولون:

الإعلان عن مواعيد الرحلات.
تنسيق تحركات الركاب.
مراجعة التذاكر.
إعطاء الإشارات عند انطلاق القطار.
وحتى استخدام مكبرات الصوت داخل المحطات.

لكن، وبالطبع، السائق ومهندس القطار من البالغين المحترفين، لضمان سلامة الركاب.

تعود الفكرة إلى زمن ما بعد الحر*ب العالمية الثانية، وتحديدًا في الحقبة الشيو*عية، عندما أرادت الدولة إنشاء مشروع تعليمي يُنمّي روح المسؤولية والانضباط لدى الأطفال. فكان هذا القطار نموذجًا حيًا لتجربة عمل حقيقية، يُمارس فيها الأطفال مهامهم مثل البالغين، لكن تحت إشراف صارم ومنظّم.

والعجيب أن المشروع، رغم تغير الزمن والنظام السياسي، لا يزال قائمًا حتى اليوم، بل أصبح واحدة من أغرب وأجمل التجارب السياحية في المجر.

يمر القطار عبر الغابات، والوديان، وتلال بودا المذهلة، ويتوقف عند محطات صغيرة مفعمة بالحياة. الركاب من المحليين والسياح يستمتعون بمزيج نادر من الطبيعة، والحنين، والدهشة.

“قطار الأطفال” ليس مجرد وسيلة نقل، بل مدرسة حقيقية على السكة الحديدية، تعلّم الأطفال قيمًا حقيقية مثل الانضباط، الدقة، التعاون، والاحترام.

في زمن أصبحت فيه الوظائف مصطلحًا معقدًا للكبار، هناك في بودابست…
أطفال يرتدون قبعات رسمية، يضبطون مواعيد القطار، ويعلّمون العالم أن المسؤولية لا ترتبط بالعمر بل بالنية والتدريب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق