نشاطات
وزال عهد الظلام – بقلم احمد حسين عبد الحليم
خاطرة رقم : ( 35 ) *** وزال عهد الظّلام ***
———————————————————————————
ما أجمل وما أروع تلك العائلة الّتي كانت منغمسة عقودًا طويلة في معاداة عائلة ثانية لأتفه الأسباب ….وقد أفاقت من سباتها لترى أنّ الحياة بالمحبّة والودّ أقوى من حياة المشاحنة والبغضاء ….وأنّها الآن تبصر ما لم تكن تبصره من قبل وهي منشغلة بعدائها المتواصل …لا تفكّر إلّا باتّجاه واحد فقط ……….. ثمّ يصحو الضّمير لتتحوّل الرّؤية الصّحيحة لمنحى الحياة السّويّ بكلّ ما فيه من فضيلة وصلاح.
إنّها العائليّة النّتنة الّتي تُذهِبُ العقل وتعبث بالقلوب ….وتجعل الإنسان لا يرى سوى صورة الظّلام أمامه ولا يريد أن يرى بادرة رجاء تُخرجه ممّا هو فيه ….فلا مصاهرة ولا زواج من العائلة الثّانية …ولا معاملات طبيعيّة بينهما …. فدكّان فلا ن لا يشترون منه وكأنّه عدوّ يجب محاربته ….وهكذا تتغذى الأجيال حليب البغض وتتربّى على الكراهية دون أيّ مبرّر.
لو سألت أحد أفراد العائلة عن الأسباب لهذا الوضع القائم لوقف عاجزًا لا يجد أيّة إجابة ….. وكلّ ما يعرفه أنّه وجد الآباء والأجداد على هذا الحال فاستمرّ به دون تفكير ولا وعي …. إلى أن حدثت المعجزة الّتي لم يتوقّعها أحد ….فقد سطا بعض اللّصوص على أحد بيوت العائلة الأولى وصادف ذلك مرور أحد أفراد العائلة الثّانية الّذي سمع صرخات الاستنجاد ….فما كان منه وبلا تفكير أو تردّد أن دخل ذلك البيت للمساعدة واستطاع أن يُفشِل عمل اللّصوص بعد أن أشبعهم ضربًا وفرّوا هاربين .
لقد وصلت قصّة هذا الشّخص إلى مسامع أفراد العائلة الأولى ….وشعروا بالنّدم الكبير على موقفهم السّلبيّ من العائلة الثّانية ….فما كان منهم إلّا أن اجتمعوا وقرّروا الذّهاب عند المساء لتقديم الشّكر لذلك الشّخص ….وحين علمت عائلته بالأمر اصطفت لتستقبل بكلّ حفاوة وترحاب هؤلاء الضّيوف …. وما أن وصلّوا حتّى بدأ العناق بين الأفراد سيّد الموقف ….فانهمرت الدّموع من الجميع لتمسح سنوات من الجفاء ….. وتعلن أنّ أوان الظّلام قد انتهى ….وأنّ العائلتين أصبحتا بما قدّر لهما الله من محبّة أن يتوحّدا كعائلة واحدة ليزيلا بذلك تلك العائليّة البغيضة من القلوب …..ويزرعا بأيديهم البيضاء النّاصعة دروب المحبّة والألفة…. إنّا المحبّة الّتي تزرع الخير في القلوب النّديّة وتحارب العنصريّة الرّذيلة الّتي لا دين لها .