عالم الأزياءعواصم ثقافيهنشاطات
مدينة السلط العريقة, الأردن
بقلم د. سناء عباسي/ بروفيسور في تصميم الأزياء والمجوهرات
مدينة السلط العريقة, الأردن
السلط، وما أدراك ما السلط
بقلم د. سناء عباسي/ بروفيسور في تصميم الأزياء والمجوهرات
صباح يوم رحلتي الي السلط لم يكن صباحا عاديا بل كان يحمل حماساً لرحلة داخلية لأحدى مدن الأردن التاريخية واللتي قامت وزارة السياحة، مشكورة، بتنظيمها عبر برنامج ” أردنا جنة” لتشجيع السياحة الداخلية للمواطنين ولتعريفهم بأجمل المدن والاثار التاريخية الهامة في الأردن. كانت البداية في ” متحف آثار السلط” والذي يعود لآل طوقان، إحدى عائلات مدينة نابلس التي انتقلت وسكنت المدينة ببدايات القرن الماضي. ويعتبر أحد بيوت السلط التراثية الذي يضم قطعاً نادرة حصل عليها المتحف من العصور الرومانية والبيزنطية والإسلامية. عند الوقوف في واجهته؛ استطعنا من مشاهدة قريبة لبيوت ومبان ومساجد تراصّت وتدرّجت على سفح الجبل المقابل بكل تنظيم وأناقة بالرغم من قِدمها ومرور السنين الطويل على بنائها. ثم انتقلنا في جولة ل ” سوق الحمّام”، السوق الشعبي لمدينة السلط، الذي ترامت على جانبيه؛ المحال التجارية لبضائع ومستلزمات أساسية وإكسسوارات بالاضافة للخضروات الطازجة والبهارات والسماق لبلدي وغيرها من خيرات بلادنا. سمّي سوق الحمّام بهذا الاسم، بسبب وجود حمام تركي كان قد أنشأ بالمكان بنهاية ثلاثينات القرن الماضي و تم تبليط الطريق الذي ضم على جانبيه السوق بعناية, وهو اليوم جزء من مسار السلط التراثي الذي تم تحديثه بالعام 2010
كان ” متحف أبوجابر للتراث الشعبي” وجهتنا الثالثة وهو الأبرز تراثيّاً ويعود تاريخه لنهايات القرن التاسع عشر. يتضح بالبناء استخدام الحجر الأصفر والذي استحضر من مدينة نابلس ، المقابلة لمدينة السلط على الضفة الغربية من النهرواللذي انفردت به مدينة السلط في بناياتها التراثية والتي شملت عددا كبيرا من الكنائس والمساجد التي يتجاوز عمرها المئة عام. يعد متحف ابو جابر أهمّها وهو بناء مؤلّف من ثلاثة طوابق تم بناء كل منها بمراحل متباعدة لتلائم الزيادة بعدد أفراد العائلة. كما وتميّز كل طابق عن سواه بنوعية المواد المستخدمة وتفاصيل البناء من الداخل ، كشكل الأسقف وسمك جدران النوافذ والقناطر. يضم المتحف قطعا أثرية تمثل الحياة اليومية التي كان يعيشها أهل المدينة والأدوات التي كانوا يستخدمونها في اللباس التقليدي للنساء والرجال و أدوات التّعلم والتّرفيه وألعاب التسلية و أدوات الطبخ وتحميص البن وماكنة الخياطة التقليدية والمكواة وبابور الكاز. إنها بالحقيقة أدوات تستحق الوقوف عندها والتعرف بها. أما محطّتنا الرابعة فكانت “كنيسة الخضر” القابعة على أحد أدراج السلط العالية. فقداسة المكان ورمزيته يستحقّان هذه الزيارة لما يضيفونه من شعور بالرّاحة النفسية التي تحظى بها عند تواجدك بداخله. فهو المكان الذي ظهر فيه القديس جوارجيوس لأحد الرعاة وطلب منه أن يذهب ويخبر مجتمعه عن هذا الظهور وأن يبني فيه كنيسة للصلاة والتعبد للإله الواحد واتخذ هذا القديس على عاتقه حماية الأغنام من الذئاب والعديد من العجاءب.