مكتبة الأدب العربي و العالمي
حكاية الصياد والملك وبنت منصور وراء السّبعة بحور عروس المغارة (حلقة 2 )
ذهب نسيم في طريقه يبحث عن مكان يعيش فيه، وسار حتى دخل وادي بين جبلين ،فصاح به الرّعاة يحذرونه من الذئاب . فردّ عليهم : كم تعطوني لقتل كل الذئاب وأخلّصكم من شرّها ؟ فقالوا: نعطيك قطيعاً من الأغنام، فأخذ قوسه ،وقضى علىها ، وفرح الرّعاة .ثمّ ترك القطيع عندهم أمانة حتى يعود ، واستمرّ في طريقه، حتى دخل أرض قبيلة مليئة بالنّمور ، فخلّصهم منها، وظفر بصرّة من الذّهب ،ثمّ ودّعهم ، وسار حتى أشرف على مدينة كثيرة النيران عظيمة البنيان ،فخرج له ضبع في الليل ،وأراد نسيم قتله ،لكنّه قال : له ،قد تحتاجني يوما ،فتركه في حاله ،وقصد منزلاً فأطلت عليه عجوز وسألته عن حاجته ،فردّ علبها أنه غريب،فرحبت به،،وأطعمته من قدرها ، فأثنى عليها ،وطلب شربة. فقالت: يا ولدي الماء شحيح عندنا ،وهو بالكاد يكفيني، فردّ عليها مستغرباً: لقد رأيت عينا كبيرة وافرة الماء قرب مغارة في الجبل ،فلماذا لا تملئين قلّتك منها ،وتسقينني !!!
أجابت العجوز: يا ولدي أنت لا تعرف ما هنا من أسرار، فرد بدهشة واستفهام، يريد معرفة الاخبار، تنهّدت العجوز ،وهمست العين يحرسها ثعبان له سبعة رؤوس ،يفتحها مرّة في الشهر عند اكتمال القمر، ثم يغلقها ويمنع ماءها عن الرعيّة والسّلطان ،ولا يقترب منها لا إنس ولا جان ،وفي أوّل كلّ شهر تقدّم له صبية ،وقصعة من اللحم هدية وقربانا، وفي هذه المرّة وقعت القرعة على إبنة السلطان الأميرة دلال وهي الآن في الكهف تنتظر قدومه، وأبواها لا يتوقّفان عن البكاء حزنا عليها ،وليكن الله في عونهما !!! هبّ نسيم واقفا،وقال لها : سأنقذ الأميرة ،وركب فرسه غير آبه بتحذير العجوز ،وقصد الكهف ،ثمّ أشعل عودا من الحطب ،ومشى حتى رمق صبيّة ذات حسن وجمال جالسة دون أن يبدو عليها الخوف والجزع ،فتعجّب من شجاعتها ،وأقرأها السّلام فردّت عليه بأحسن منها ،فأخذ قصعة اللّحم ،وأكل ما فيها و،لم يترك سوى العظم، ثم رماها ،ووقف ينتظر الثّعبان .
فجأة دخل الضّبع ،ونهش ما تبقى في العظام ،ثمّ إلتفت لنسيم ،وقال له: سأردّ لك معروفك،إسمع !!! إذ تقاتلت مع تلك الدّابة، فإني أوصيك بعدم قطع رأسها السّابع ، فستنبت سائر الرّؤوس ،وتعود أقوى من قبل .واعلم ان قدومها يصاحبه رعد وبرق. طال الوقت ،فغفى نسيم قليلا وفجأة أتى الثعبان وله صليل و فحيح ،وبدأت البنت ترتعد ،فأحسّ الصّياد بخوفها ،فاستفاق في الحال، وشاهد الثعبان يقترب من القصعة ،ولمّا عرف أنّها فارغة ،إنتصب على ذنبه ،وصاح : من أكل طعامي ؟ فخرج له نسيم ،وقد حمل سيفه، وقال: أنا من قام بذلك ،وسآخذ أيضا عروسك ،فأرني ما أنت فاعل !!! فاندهش الثعبان لجرأة هذا الأقرع وقال :إذن سأجعل لحمك لقمة ودمك شراباً في رشفة، فانقضّ عليه برؤوسه السّبعة. لكن قفز الولد بخفّة و تفادى أفواهه التي انغمست في التراب ،وبسرعة البرق ضربه بسيفه ،وقطع له رأسا ،فزاد هياجه ،وجرى خلفه فدخل في شقّ في الصّخر ،وصار كلّما مدّ أحد رؤوسه، قطعه، وقدح الشّرر من عيون الثعبان، لكن نسيم لم يخف ، واستمرّ القتال على هذا المنوال حتى بقي رأس واحد فجثم الثعبان، وخرج الولد ليقطعه ،لكنه تذكّر ما قال له الضّبع ، فمشى إليه ، ثم ضربه قطعته نصفين، ورمى كلّ نصف في جهة، صاح الثعبان صيحة عظيمة،ويحك كيف علمت بسرّي ؟ ثم بدأت حركته تهدأ ،حتى توّقفت تماما ..
…
يتبع الحلقة 3
طارق السامرائي