نشاطات

لقاء الكلّ الفلسطيني (1) حسن عبادي/ الخليل-حيفا

تحيّة حيفاويّة للخليل وأهلها،

بدايةُ اسمحوا لي أن أشكر أسرانا الخليليّين في باستيل عسقلان الذين بادروا لهذا اللقاء، وهذا شرف لي أن أكون بينكم اليوم، حاملًا تحيّاتهم ومعبّرًا عن سعادتهم بإقامة هذا اللقاء، فهم مهمّشون ومنسيّون، ورغم ذلك يعيشون الوطن ويحملون همّه ليل نهار.

من خلف القضبان أقام الصديق الأسير معتز الهيموني مؤسّسة “الشعلة الثقافيّة” في الخليل، ومن خلف القضبان اهتم الأسير أيمن الشرباتي وزملائه الأسرى بدعم مبادرة “شدّ الرحال” إلى الحرم الإبراهيمي والبلدة القديمة في مدينة الخليل، في حراك ثقافي تربوي، من مسرح، (وبالمناسبة أعلن من على هذه المنصّة التعاون مع مسرح الدمى، الطنطورة، لصاحبه نضال الخطيب)، مشروع جداريّات في البلدة القديمة بالتعاون مع الفنان العكيّ وليد قشاش الذي رسم لوحة المليون أسير، وأهدى النسخة الأصليّة لمبادرة “شدّ الرحال” في الأمسية التي أقيمت يوم الأسير هنا في الخليل، ومبادرات أخرى قيد التنفيذ.

ولقاء اليوم الذي يجمع الكلّ الفلسطيني، بحضرة أدباء الاتحاد العام للأدباء الفلسطينيّين الكرمل 48 ممثّلًا بأمينه العام، زميلي لسعيد نفاع وكلّ الزملاء من شتّى أرجاء الوطن السليب.

بدأت مشواري التواصلي مع أسرى خلف القضبان ويكتبون في حزيران 2019 لاهتمامي بأدب السجون، وتبيّن لي أنّ الكتابة خلف القضبان متنفّس للأسير، تجعله يحلّق ليعانق شمس الحريّة؛ وحين يُنشر له كتاب يعتبره عرسًا شخصيًا وثقافيًا ووطنيًا رغم أنف السجّان وقيوده.


نعم؛ الكتابة متنفّس لأسرانا، ولديهم الكثير ممّا يقولونه عبر أقلامهم الحرّة، وإنسانيّتهم العالية المستوى، واختراق كلمتهم للزنازين وأسوار السجون حريّة لهم؛ وهناك صعوبات جمّة في إيصال تلك الكلمة لتحلّق في سماء الحريّة.
من تواصلي مع أسرى يكتبون لمست خيبتهم وحسرتهم من التسويفاتِ التي لا أولَ لها ولا آخر، من الوعود الرنّانة، ومقولة “أقلُّ الواجب” التي باتت شعارًا وقولًا فارغًا يطلقونه في سماء الحريّة الغائبة المفقودة.
على الرغم من الصعوبات أصدر أسرانا في السنة الأخيرة العديد من الإصدارات لتكون شوكة في حلق السجّان ووردة أمل بحريّة مشتهاة قادمة لا محالة؛
ومنها على سبيل المثال كتاب “أسرى وحكايات” للأسير أيمن ربحي الشرباتي (المواطن)، ومعنا ابنه علاء مع نسخ من الكتاب لمن يتعهّد بقراءته؛


ورواية “سراج عشق خالد” للأسير الخليلي معتز الهيموني ومعنا أهله وطاقم الشعلة الذي يقوم بتوثيق اللقاء ممثّلًا بياسمين وسجى؛
قصّة أسرانا لم تُحكَ بعد؛ بقيت مُهمّشَة، منسيّة ومُغيّبَة؛
من رحم هبّة الكرامة/ هبّة الكلّ الفلسطيني التي أزالت الحواجز الواهنة كبيت العنكبوت، قرّبت المسافات بين الشيخ جرّاح وحيفا، بين غزة واللد ومخيّمات الشتات، تولّد هذا اللقاء بين جناحي الوطن وكلّي ثقة بجهود الزميل سعيد نفاع وزملائي واتحاد الأدباء الفلسطينيّين الكرمل 48 أن تكون له استمراريّة.
لكلٍّ اسم وحكاية؛ كلّ أسير له قصة لم تحكَ بعد؛ وهناك ضرورة ملحة لتوثيقها، لأن في توثيقها تشكيل “فسيفساء لأسطورة نضالية يشهد لها التاريخ.


قال لي الأسير ناصر أبو سرور: “الأديب يعيش أكثر من السياسي”، فالأدب يُعمّر أكثر من السياسة وتحفظه الأجيال وتتناقله بينما السياسة تموت على الغالب مع صاحبها، وتبقى كلمات أسرانا وكتاباتهم أبديّة.

من على هذه المنصّة أناشد كلّ القيّمين على الكلمة الإبداعيّة بواجب تبنّي كتابات الحركة الأسيرة، وبالأخصّ تلك الوليدة خلف القضبان والزنازين، وليس مِنّة، فعلًا وليس قولًا، فعلًا وليس ضريبة كلاميّة موسميّة.
كما وأناشد أدباءنا الأخذ بيد أسرانا الكتّاب، مساعدتهم بالتنقيح والتنضيد والتحرير، قراءة ما يكتبون وتناوله نقدًا لإثرائهم وتوجيههم دون مجاملة ومراءاة.
الحريّة لكافّة أسرى الحريّة.

الخليل 10.07.2021
مفيد الشرباتي
@highlight
@followers

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق