مكتبة الأدب العربي و العالمي

الوفاء الحقيقي.

ورغي نجلاء حكايات زمان

يحكى أنه في أحد البلدات المجاورة للمدينة ، عاش مزارع متقاعد من الجيش في مزرعة كبيرة ورثها عن والده، وكانت زوجته قد توفاها الله قبل أعوام ، و كان لديه حصان يركبه ويذهب به إلى وسط المدينة ، وكلب جاء به معه من إحدى الدول التي كان يسافر إليها .
عمل المزارع في تلك المزرعة لسنوات وسنوات ، بقي معه الكلب والحصان كظله طوال الوقت ، تقدم بهم العمر جميعا ، وفي أحد الأيام ، مرض الرجل ، ولم يصبح قادرا على العمل في المزرعة فاستدعى أحد أبناءه الذين يعيشون في المدينة ، كان شرط الإبن ان يستلم العمل كله دون تدخل الأب ، لم يكن بيد الأب حيلة ، فوافق .

وبعد فترة من الزمن ، بدأ الإبن يتذمر من أن الحصان يأكل كثيرا ويكلف كثيرا نظرََا لكبر سنه وحاجته للعلاج المستمر ، واراد أن يتخلص من الكلب أيضا لأنه هرم ولم يعد له فائدة تذكر نظر الأب إلى ابنه وقال له ، اليوم ستتخلص من حصاني رفيقي ومن كلبي حارسي المخلص، وبعد فترة أنا متيقن بأنك ستريد التخلص مني ووضعي في بيت للعجزة وبعد ذلك ستقول انني اكلف كثيرا ولا فائدة مني ، فستمتنع عن دفع الاقساط ليقوموا بعدها بطردي ووضعي بدار المسنين التابع للدولة ،حيث سابقى هناك ذليلا حتى يوم وفاتي رفض الإبن كلام والده وأصر انه لن يفعل ذلك .

لم يقبل الأب ، ولم يتنازل، وبقي الإبن يثير المشاكل حتى يوم وفاة أبيه والذي كتب في وصيته أن يدفن في مزرعته وأن يدفن بجانبه حصانه وكلبه عند موتهما
اجتمعت العائلة ، حضروا من كل مكان للمشاركة بتشييع جنازة أبيهم ، وعندما قرأوا الوصية ، دب الخلاف بينهم ، فدفن الأب في المزرعة سيخفض من سعر الأرض والتي أصبحت قريبة من المدينة تعارك الاخوان والأخوات بين من يرغب بتنفيذ الوصية وبين معارض ، بقي الخلاف دائرا اياما عديدة ، وفي النهاية، قرروا عدم تنفيذ الوصية لأن ذلك سيخفض من سعر الأرض والذي وصل للملايين من الدنانير .

بعد ذلك ، قاموا بدفن الأب في مقبرة البلدة ، وقاموا بطرد الكلب وبيع الحصان كبير السن، وبعد أيام ، اتصل بهم مالك الحصان الجديد واخبرهم أن الحصان قد هرب وسألهم فيما إذا كان الحصان قد رجع لمزرعتهم، فأجابوه بالنفي،وبعد أيام من البحث، وجد حارس المقبرة الحصان ميتا فوق قبر صاحبه، ووجد الكلب يئن ويبكي ويعوي بصوت حزين منخفض، خسر رفيقيه، حاول الحارس التخلص من الكلب وكان يقوم بطرده يوميا ، إلا انه كان يرجع وينام بجانب قبر صاحبه ، مرت الأيام واختفى الكلب، وبعد فترة وجدوه ميتا عند سور المقبرة الخارجي .

الوفاء والإخلاص لايحتاج لقرابة أو نسب، بل يحتاج لمخلصين لا ينسون فضل من أحسن إليهم مات الأب وتخلى عنه أبناءه ورفضوا تنفيذ وصيته ، وبقي بجانبه رفيقيه حتى وفاتهم.

الإخلاص عملة نادرة، قلما نجدها في هذا العالم المادي الذي يدعي التحضر، اخواننا يموتون ويقتلون ونحن ننظر اليهم ونرمي لهم بكسرات من الخبز الجاف ، لم ننصرهم ولم ندافع عنهم ، ولكن بفضل الله عليهم ، رزقهم بأغراب أجانب قدموا لهم العون واعترفوا بهم كدولة ، ووقفوا صفا واحدًا في جامعاتهم ومنابرهم وبلداتهم دفاعا عن أصحاب قضية هم ابناء جلدتنا بعد أن تخلينا عنهم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق