مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية جُليد أبو حمار من الفلكلور اليمني نبوءة غريبة للعرّافة ( الحلقة 1 )

طارق السامرائي / حكايات زمان

يحكى في قديم الزّمان عن أسرة صغيرة تعيش في أحد قرى اليمن ،وهي مكوّنة من تاجر وزوجته وابنهما الوحيد نعيم الذي رزقه به الله بعد طول إنتظار،وكان ذلك الرجل يؤمن بالعرافين ،ويذهب دائما إليهم ذات يوم نوى على السّفر للتجارة ،وكعادته إتّصل بعراّفة من الغجر تقرأ الكفّ لتعلمه بما سيجري اثناء غيابه عن القرية ،فنظرت في كفّه، وقالت له:ستلد زوجتك بنتا تتسبّب في قتل أخيها !!! إنزعج الرّجل من قولها، لأنّ زوجته كانت حاملا ، وخاف على ابنه الوحيد من الموت لو ولدت المرأة أنثى ،وتمنّى أن تلد قبل السفر ليقتل المولود إذا كان بنتا، إلا أن الولادة كانت متعسّرة ،وحان وقت ذهاب القافلة ، فقال يوصي إبنه: دون شكّ لقد سمعت ما قالته العرافة ،وأنا على سفر ، فاذا وضعت أمك بنتا ،فلا تتركها تعيش، لأنها ستجلب لأسرتنا الخراب ، واياك ان تهمل وصيتي، فإن تلك الغجرية لا تكذب ،وكلّ ما تقوله صحيح !!! كان الرّجل يتكلّم ،والابن يصغي له ،وعندما انتهى ،اجابه :إني أسمع ما تقوله، وسأعمل بوصيّتك، ولن أعصي أمرك مهما كان الأمر .
سافر الرجل ،وهو واثق بأنّ ابنه سينفّذ الوصيّة. عندما ولدت المرأة صحّ ما قالته العرافة ،وكان الرّضيع طفلة جميلة كأنّها القمر،سمتها أمها لمياء، فأحبّها الولد، وقال في نفسه إنها لا تزال صغيرة ،ولا أريد أن أحزن أمّي ،وسأنتظر قليلا حتى تكبر ،وكلّ مرّة يأجل قتلها ،وفي الأخير تعوّد عليها، ،وقرّر تركها تعيش، فربّما لو رآها أبوه عند عودته غيّر رأيه فهي لطيفة جدا ،وإذا أصر على قتلها سيحاول إقناعه أنّها لا تمثل خطرا على أحد. أخذت الطفلة تنمو وتكبر وهو يزداد تعلقا بها ، مرت سنة ونصف ،وحان موعد رجوع التاجر فخاف الولد من أبيه أن يأذي أخته الصّغيرة، فتفاهم مع جارهم بأن يحتفظ بالفتاة على أنها ابنته ،ويسلّمه ابنه ليقدّمه لأبيه على أنّه أخوه فوافق الجار بعدما علم بنواياا لتّاجر ، ريثما يألف الرجل إبنته. فلما وصل الأب قدم له إإبن الجار على أنه أخوه الصغير ،وكانت البنت تجيئ من دار جاره وتبقى معهم ،ودام ذلك فترة الزمن ،الا ان تلك الحيلة لم تدم طويلا فقد عرف الرجل الحقيقة ،و سمعها تنادي زوجته: يا أمي ،ولاحظ عطفها الشديد عليها ،فغضب من إبنه على تجاهله وصّيته ،وصاح به يأمره:بقتلها أو بدفنها حية ،وطلب منه أن لا يريه وجهه إن لم ينفذ ما أمره به !!!.
إحتار الولد ،ولم يجد بدّا من طاعة أمر والده ، الا أنّه رأى دفن أخته حيّة أهون على نفسه من قتلها ،فأخذ المعول ،وركب حصانه وأركب أخته وراه وسار إلى مكان بعيد عن القرية ،فتوقف ونزل من فوق الحصان ، وراح يحفر حفرة ليدفن أخته فيها،عندما رأته أخته يحفر اللأرض، أخذت تساعده في نقل التراب، وجمع الأحجار ، فبقى يشاهدها ،وهو صامت،والألم يعتصر قلبه إلى أن صارت الحفرة على مقاسها:وطلب منها النزول وسطها !!! ولم تمانع البنيّة ، فقفزت إلى داخلها ، وبدأ هو يبني عليها قبّة بما جمعه من أحجار والفتاة تضحك ،وتبدي إعجابه بما يبنيه فوق رأسها ،وترشده ببراءة إلى الشّقوق ، التي لم يسدها، قائلة له:الضوء يدخل من هذا الشقّ. فيسده ، ثم تشير لمكان آخر ،وتقول هذا يدخل منه الهواء .فيحكم إغلاقه ، حتى إنتهى، وهي تجهل حقيقة نواياه واعتقدت أن الأمر لعبة ،.ولمّا رأت الفتاة نفسها في ظلمة حالكة ،بدأت تبكي ،وطلبت منه أن يخرجها لأنّها تشعر بالخوف ،وبقي الولد متردّدا هل يذهب في سبيله ،ويتركها لتموت ،أم ينفّد وصية أبيه ؟

يتبع الحلقة 2

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق