مكتبة الأدب العربي و العالمي
حكاية ثأر النسوان من قصص بلاد الصعيد رجل ليس كبقية الرجال (حلقة 2 )
رانيا بطرس / حكايات زمان
بعد اسبوعين كان نفس الرّجل الحاج فرغلي وولديه بدوي، وهمّام عندنا في البيت من جديد، وهذه المرّة ،تكلّموا عن تفاصيل الزّواج مع أخي الذي شرح لهم ضعف حاله ،فقالوا له : لا تشغل بالك يا شعبان، فنحن سنتكفّل بكلّ شيئ ،وسيكون العرس يوم الخميس القادم ،فخير البرّ عاجله !!! طبعا انا جمعت ملابسي ، وانا أشعر بالخجل فليس لي حتى قميص نوم جديد ألبسه أمام عريسي ،وطبعا إمرأة أخي لم ترض أن يصرفوا عليّ جنيها واحدا رغم أنّ أبي ترك لنا قطعة أرض فيها الزيتون، المهم يوم الخميس جاء الحاج فرغلي وأركبني سيارة إلى داره وكانت كبيرة تشبه القصر،ودخلت وأنا مکسورة الخاطر ،وراسي في الارض لأني لم آتي بجهازي كبقية البنات ..والأكثر من ذلك ذهبت وحيدة دون العريس ، وأنا لحدّ الآن لا أعرفه ولم يحاول أحد من أهله أن يحدثني عنه ،وبقيت أقنع نفسي أنّه ربّما يكون مريضا ،أو عاجزا عن الحركة ،لم أتصوّر وجود سبب آخر .
المهمّ كان الإستقبال حسنا، وكان الحاضرون يغنّون ويرقصون على أنغام الطبلة والمزمار ،وانا جالسة وسطهم بفستان الفرح الذي أهداه لي أبو العريس.والحقيقة لم يقصّر معي في شيئ ،وبالغ في دلالي ،فنسيت ما ألمّ بي من حزن ،وإنبسطت نفسي ،وبعد ذلك حضر الماذون ،وجاء الحاج فرغلي مع إبنه، رفعت عينيّ ببطئ لأنظر للعريس، و استغربت كثيرا لمّا وجدته طويل القامة ،ووسيما ،لكن لاحظت انه عابس الوجه ،وكانّه مغصوب علي هذا الزّواج ،فقلت في نفسي: بسيطة، سأعرف كيف أجعله يحبّني، فأنا جميلة وممشوقة القدّ ،وبعد عقد القران ،تعشّينا ،ودارت أكواب الشّاي والحلوى، وكنت أرمق زوجي بطرف عيني ،فلم يبد منه أيّ إشارة أو نظرة ،كأنّي لست موجودة ،وبعد أن إنتهت السّهرة ،أمسكني الحاج من يدي، وأوصلني لغرفتي في الدور العلوي ، وهمس لي: إسمعي هناك ملابس جديدة لك في الدولاب ،وعلبة ماكياج، وعطور ،ثم تركني وذهب .
لمّا دخلت ،كان كلّ شيئ مرتّبا ،فجلست على الفراش لأستريح ، لكن في تلك اللحظة دخل زوجي وهو متجهم ، وقال لي بحدة :إبتعدي عن فراشي يا بنت !!! ثم وضع البيجاما ،وانزلق تحت الغطاء ،ولما سألته وأين سأنام هذه الليلة؟ أشار لي إلى المقعد ،وقال لي: لا أريد أن أسمع صوتك !!!ولم اصدّق نفسي إلا عندما رأيته يغمض عينيه ،ويروح في نوم عميق ،لقيت نفسي واقفة بفستاني، ولست أعرف أين سأنام هذه الليلة ،ولماذا هذا الملعون يتصرّف معي هكذا ليلة عرسي؟ واخذت انظر الي المرآة،وأتسائل :هل إحتقرني لأنّه ليس لي أب أو أم يرفعون قدري أمامه؟ أم أنّه علم بفقري ،وأنّني أتيته بحقيبة ملابس قديمة ؟ ثمّ خلعت الفستان الذي لم أفرح به ،ولبست قميص النوم الذي كان على طرف السرير و إنكمشت في أحد الأركان وراسي علي الجدار، وبدأت أرتجف من البرد .وقلت :اللعنة ، هذا الزواج فاشل من يومه الأوّل يا نعيمة .
ثم أطفأت النور ،واخذت انظر لذلك العريس الذي كتبة عليّ القدر، وهو يتمرغ علي سرير دافئ وأنا هنا على الأرض،ثم اغمضت عينيّ ،ولم أصح إلا لما سمعت صوت ضربات علي باب الغرفة، فنهضت سريعا ،وقمت اسرح شعري ،وارتديت روبا علي قميصي، وعندما فتحت الباب وجدت سلفاتي واقفات علي الباب وقلن صباحية مباركة يا عروسة ،ثمّ مدّت لي إحداهنّ صينية ،وقالت : أنا ليلى إمراة بدوي أخو زوجك ،هل لا يزال نائما ؟ وبعد ان إنصرفت النّسوان، أغلقت الباب. ووضعت الصينية على منضدة صغيرة ، ،وبقيت أنتظر زوجي
ولمّا قام ،توقّعت ان يتكلم معي ويقول ولو كلمة واحدة ،ولكنة راح للحمّام دون الإلتفات لي لي، وكأني غير موجودة، ولمّا خرج قلت له بدلال : تفضل نفطر مع بعض ، لكنه نهرني وقال:..اسمعي..لا أريد أن آكل آكل معاك ، ولا تقتربي من السرير الذي أنام فيه، ولا تجلسي في المكان الذي أجلس فيه!!! حملقت فيه ،وانا ارتجف..وعيناي تغرقهما الدموع، وأجبته: حاضر ،بعد ذلك أمسك ذراعي بعنف ، وقال :أعلمك يا بنت النّاس ان هذا الحال معي إن أعجبك ذلك ،فابقي معي، وإلا اذهبي مع السّلامة،ولا تريني وجهك!!!.وقفت دون ان انطق بكلمة واحدة.. وبعد ذلك هدأ قليلا ،وطلب مني أن أرتدي شيئا ،وأن أخرج لمساعدة أمّه في شغل البيت ،ثم صاح :هيّا امش من قدّامي ،رديّت : حاضر يا بيه ،وبالفعل بدّلت ملابسي، وخرجت اندب حظي السيئ وانعي حالي..
…
يتبع الحلقة 3