رينهارد دوزي Reinhard Dozy
فرنسي الأصل ولد في ليدن سنة ١٨٢٠، وتوفي سنة ١٨٨٣، تعلم في ليدن اللغات الشرقية والتاريخ، ونال وظيفة إدارة المخطوطات الشرقية بليدن، وعُيِّن سنة ١٨٨٧ أستاذًا للتاريخ بجامعة ليدن، وقد أتقن أغلب اللغات السامية خصوصًا اللغة العربية، وكان يكتب ويقرأ جميع لغات أوروبا، ومن مؤلفاته قاموس الألبسة العربية طبع بأمستردام سنة ١٨٤٥، وتاريخ المراكشي طبع ليدن سنة ١٨٤٨، وتاريخ أفريقيا للأندلسي، ومباحث في تاريخ الأندلس في الأجيال المتوسطة، وتاريخ مسلمي الأندلس طبع ليدن سنة ١٨٦٦، ووصف أفريقيا والأندلس للإدريسي طبع ليدن سنة ١٨٦٦، وها هي صورته:
أدولف وارموند Adolf Wahrmund
ولد سنة ١٨٢٧ بمدينة فيسبادن بألمانيا، وتوفي سنة ١٩١٣ بمدينة فيينا، وتعلم في مدرسة البيداجوجيوم، وفي سنة ١٨٤٤ في جمنازيوم بلدة فيلبرج، وفاز في الامتحان، ثم التحق بجامعة جوتنجن، وتعلم بها من ١٨٤٥ إلى ١٨٤٨، وابتدأ أولًا بدراسة علم الدين، ثم الألسن القديمة واللغات الشرقية تحت إرشاد الأستاذ المشهور فيستنفلد، وقد حفظ له طول عمره في قلبه أجمل الذكرى، وكان يود الإقامة في فيينا عاصمة النمسا؛ ذلك لأنها مركزٌ معروف، ووسطٌ مشهور بدراسة لغات الشرق، ولكن قبل الحضور إليها كان في التيرول، حيث وجد وظيفة بصفة مدرسٍ خاص لإحدى العائلات الشريفة، ولكنه ذهب بعد ذلك إلى فيينا، واضطر أن يعيش على مكسبه من الدروس التي يعطيها لبعض العائلات، إلا أن رغبته الشديدة العلمية وجَّهته إلى دار الكتب الإمبراطورية، وبعد مُضيِّ زمنٍ غير طويل في هذه المكتبة أدرك اتساعُ علوم هذا العالم الذي كان لم يزل صغير السن؛ مسامعَ مدير الكتبخانة؛ فوظَّفه في تدبير الكتالوجات أولًا بصفة مأمور، وبعد ذلك بصفة مرشد من سنة ١٨٥٣ إلى سنة ١٨٦٠، وفي سنة ١٨٥٧ أرسل وارموند تأليفًا إلى جامعة تبينجن، ونال عليه لقب دكتور، وقد كرَّمت هذه الجامعة هذا العالم فيما بعد عندما بلغ من العمر الثمانين، فأرسلت له دبلومًا مع لقب دكتور شرف، وهذا الامتياز لا يناله إلا أعظم النوادر. أما أعماله بدار الكتب التي كانت عملية فقط، والتي منعته عن الاشتغال بالعلوم، فكانت لا ترضيه، بل جعلته يترك هذه الوظيفة سنة ١٨٦٠ ليوجه نفسه إلى التدريس والتأليف، فأصدر في مدينة استوثجارت كتابه المسمى «علم تحرير التواريخ عند اليونان» سنة ١٨٥٩، وترجم كتب ديودور وتوكيديدس اليونانيَّيْن إلى اللغة الألمانية، وفي سنة ١٨٦٢ عُين وارموند أستاذًا بجامعة فيينا للغات العربية والفارسية والتركية، وأصدر كتابه «الدليل في تعلم اللغات العربية» طبع جيسن سنة ١٨٦٨ Praktisches Handbuch der Arabischen Sprache، والدليل في تعلم اللغة التركية طبع جيسن سنة ١٨٧٩، وفي سنة ١٨٧١ انضم إلى الأكاديمية الشرقية المشهورة بفيينا بصفة أستاذ، حيث كان زميلًا لأنطون أفندي حسن المصري الذي درس اللهجة العامية المصرية فيها، وأصدر سنة ١٨٧٤ آجرومية اللغة العربية، وسنة ١٨٧٥ آجرومية اللغة الفارسية، وسنة ١٨٨٠ كتاب الحكايات العربية تسهيلًا للقراءة. ولهذه الكتب اللغوية خصوصًا العربية النحوية لها شهرة خالدة، لا سيما من جهة الدقة والتفصيل، وهي غاية في الإيضاح، وفي تفسير غوامض هذه اللغة وقواعدها، أما طريقة وارموند في تدريس اللغات الشرقية بالأكاديمية الشرقية بفيينا، فيصفها تلميذه الأستاذ مكس بتنر Bittner بجامعة فيينا بالعبارات الآتية: … كان الأستاذ وارموند أول من فهم أن اللغة التركية لا تُدرَس جيدًا إلا بالاتفاق مع اللغتين الفارسية والعربية، ولا يمكن تعلُّم اللغة الفارسية الحديثة إلا بتعلُّم العربي، وبكلمةٍ أخرى، إنه استهلَّ دراسة هذه اللغات الثلاث، وجاء بالبرهان بأن الواحدة لا تنفرد عن الأخرى؛ إذ إنها مع اختلاف فروعها متحدة في الجوهر العربي وقابلة لروحه. ثم قال بتنر ردًّا على طلب ابنة وارموند في شرح أسلوب التدريس الذي استعمله وارموند:
عرف وارموند إيصال الشيء النظري بالعملي؛ فقاموسه العربي لا يبلغه كتاب آخر بالنسبة إلى سعته، وبيان شرح أصول الكلمات العربية، وقد أصدر وارموند كتاب تصريف الأفعال العربية، وهو كتابٌ مفيد لكل من يرغب دراسة هذه اللغة البديعة.
كذلك أنشأ كتاب القراءة العربية مع المفتاج اللازم له، وقد أتقن وارموند ثلاثين لغة، أما أسلوب التدريس فكان فريدًا في نوعه حتى إنه تغلَّب على جميع الصعوبات في التدريس، خصوصًا اللغة العربية، فكان يُدرِّسها بغاية السهولة بالرغم من الصعوبة النحوية التي كان يخشاها التلميذ المقتدر، والشيء الذي كان يشرحه وارموند كان يفهمه تلاميذه في الحال، وقد عَلَّم تلاميذه المبدأ القائل «كل لسان إنسان» بمعنى أن الإنسان كلما أضاف إلى علمه لغة أصبح ذا شخصية أخرى، وكان وارموند دائمًا يلقي محاضرته ارتجالًا، ولا يُحضِّر شيئًا قبل التدريس، وكان أعلم الناس بمدارك تلاميذه العقلية، وبما أنه عاشر كل طالب بغاية الحنو واللطف، فكان دائمًا مستعدًّا لأداء النصائح لكل من يرى من تلاميذه اجتهادًا خصوصيًّا ورغبة للعلم. وعُين وارموند سنة ١٨٨٥ رئيسًا مؤقتًا لمدرسة الألسن الشرقية الإمبراطورية بفيينا، ورئيسًا نهائيًّا سنة ١٨٨٨. والمدرسة الإمبراطورية للألسن الشرقية بفينا كانت فرعًا منفصلًا من الأكاديمية الشرقية يدخلها من يريد، بعكس الأكاديمية الشرقية؛ فكان لا يدخلها إلا من يخدم الحكومة من السياسيين والأشراف. وفي سنة ١٩٠٠ طلب وارموند إحالته على المعاش، ومُنح لهذه المناسبة رتبة مشير الدولة، وقد أنعم عليه السلطان عبد المجيد بالنيشان المجيدي، وناصر الدين قجاه شاه إيران بنيشان شيرو خورشيد، وحصل وارموند على كل حفاوة من كل جهة، ومن تلاميذه العديدين، الذين أصبحوا من أكابر رجال الدولة والموظفين أو التجار الكبار، وليس بينهم شخص لا يحفظ له في قلبه حاسة الشكر والثناء. وجاءت ذات يوم شقيقة حاكم السودان السير رودلف سلاتين باشا أسير المهدي محمد أحمد بأم درمان، وأرادت هذه السيدة أن ترسل صندوقًا فيه كتب وملابس إلى سلاتين باشا، وطلبتْ من الأستاذ وارموند أن يكتب كتابًا إلى الخليفة عبد الله التعايشي، فوافقها على ذلك، ولما وصل الخطاب إلى عبد الله سُرَّ من حُسن الإنشاء وجميل العبارات، حتى أمر بتلاوة ذلك الخطاب في الجامع الكبير أمام الجمهور، وسلَّم الصندوق لسلاتين باشا، وعامَله أحسن معاملة. وردًّا على هذا الخطاب، فقد أرسل عبد الله إلى شقيقة سلاتين باشا لتحضر إلى أم درمان، وترى بنفسها حُسن المعاملة التي يعامَل بها أخوها، ونشر وارموند كتبًا أخرى مثل دين بابيلون، ودين اليهود، ودين النصارى طبع بلايبسج سنة ١٨٨٢، وكتاب محمد جعفر «المسيو جوردان في الكا اباغ» ورواية تاريخية عنوانها «عباسة أخت الرشيد»، ولما تقدم وارموند في العمر ضعف نظره، وفي هذه المدة المؤلمة ساعده في أشغاله العلمية وفي كتابة الأشعار التي ألفها وارموند في السنين الطوال محرِّرُ هذه المقالة، الذي كان من أقدم تلاميذه وأصدقائه، والذي قضى له خدماتٍ كثيرةً في زمن العمى، وبذل الأتعاب إكرامًا وحبًّا وشكرًا لهذا الشيخ الجليل والفيلسوف العظيم، وقد جعلت جمعية فلسفية بألمانيا مقام وارموند الفيلسوف في درجةٍ علمية أعلى من درجة أرسطو، وكان وارموند معلِّمًا للخديوي عباس باشا حلمي الثاني، وكذا لشاه إيران. وقد توفي هذا العالم الكبير إلى رحمة ربه سنة ١٩١٣ وعمره ثمانون عامًا، وصورته في [الصورة السابقة].
يتبع …..
المؤتمرات الشرقية
المراجع
كتاب يوسف جبرا