ثقافه وفكر حر
وفقة صباحية مع أجمل اللغات “في رحاب لغتنا العربية ” بين النَّجْل والنَّجلاء والنَّجيل والمِنجَل
فاطمة ابو واصل إغبارية
الفعل “نَجَلَ” في اللغة العربية معناه “رمى”، لهذا يُقال عن الابن “نَجْل”، وعن الأبوين “ناجلان”، لأن أباه رماه في رحم أمه، ثم رمَته أمه من رحمها إلى الدنيا، ورماه أبواه بعيدًا عنهما بعد أن شبّ ليعتمد على نفسه. وربما لهذا لا يُقال في اللغة العربية “نجلة”، لأن البنت في عُرف العرب -وبالتالي العربية- لا تُرمَى إلى الدنيا، بل يحفظها ويحميها أبواها حتى يسلّماها لزوجها فيحفظها ويحميها.
…
ولـ”نَجَلَ” معنًى آخَر هو “اتَّسَعَ”، فيُقال “عين نجلاء” أي واسعة (وربما لأنها من شدة جمالها كأنها “ترمي” من يراها بسهامها)، و”جُرح ناجل” أي واسع.
ومن الفعل “نَجَلَ” اشتُقّ لفظ “النَّجِيل” الذي ترميه الأرض من بطنها دون أن يزرعه الإنسان، و”المِنجَل” الذي يُقطَع به النجيل ليُرمَى بعيدًا عن الأرض.
———————
من أقوى أدلّة سيطرة “التعوُّد” على فكرة “اللغة”، أننا حين نرى كلمة مثل “هذا” ننطقها “هاذا”، وحين نرى كلمة مثل “هذه” ننطقها “هاذِهِي”، وحين نرى كلمة مثل “ذلك” ننطقها “ذالك”… وفي هذه الكلمات وغيرهما ننطق أحرُفًا غير مكتوبة.
وحين نرى كلمة مثل “مِائَة” ننطقها “مِئَة”، فنتجاهل في النطق حرفًا مكتوبًا.
وحين نرى كلمة مثل “أولئك” ننطقها “ألائك”، فننطق حرفًا غير مكتوب، ونتجاهل حرفًا مكتوبًا.
ولو كُتبَ أي من هذه الكلمات -ربما باستثناء مائة/مئة- كما ننطقه، لاستنكرنا شكله الذي تَعوّدناه…
هكذا هي اللغة، موروث ضخم متراكم متراكب على مرّ القرون،
المرجع : كتب النحو