منوعات
المجنونة
تقول بعد أن عدت من جامعتي في يوم شتاء بارد
جلستُ مع عائلتي لتناول طعام الغداء كان الطعام شهيًا وساخنا يتصاعد البخار منه وكما عادتي أخذت اتناول الطعام بكل شراهة بعد تعب العمل بطريقتي العفوية البعيدة عن التصنع إلى أن أُمليء معدتي متجاهلة كلمات أمي وجدتي وتمتماتهن علي التى لاحدود لها
بينما كان والدي يحبني كما أنا ودوما يراني وأنا اتناول الطعام ولااخجل من طريقة أكلي هكذا أمامه ويضحك فقط ويقول لي بصحا إلا أمي وجدتي من أول الطعام لأخره كانت طريقة تناولي للأكل قضيتهن الكبرى التى تشغل تفكيرهن
ملاحظات وارشادات إلى أن تمتلىء معدتي طعام وعقلي بكلامهن
وإذا بجدتي تهمس لأمي بصوت غير مسموع قائلة :هل أخبرتي المجنونة بالعريس
نظرت أمي إلي وقالت : أي عريس من سيتقبل المجنونة إبنتنا وحركاتها التى لاتخفى عليكِ الا ترين ماتفعله
طريقة أكلها وجنونها وتصرفاتها كلهت
عندما يأتي شاب لخطبتها بكل مرة تفشل خطبتها ومن ثم لايعود مرة ثانية شيء مخجل والله
اصغيت للحديث بينهما وضحكت رفعت حاجبي والملعقة بفمي وأكملت تناول الأكل غير آبهة بالكلام كله
بعد أن انتهينا من الطعام قمت لجمع الصحون قالت لي أمي بصرامة دعي الصحون الأن من يديكِ
واذهبي وجهزي نفسكِ وارتدي الفستان كذا وتزيني بعد ساعات يصل الشاب مع أهله لخطبتك أنتِ اليوم عروس
نظرت إليها والدهشة تعتلي وجهي وعيني ماذا قلتِ : عريس وضحكت بأعلى صوتي ضحكتي المجنونة المعتادة وقلت : هههه كان الله في عونه يالله عليك توكلنا
وضعت يدي على فمي فأنا لاأنوي الخير أبدا واثقة أنه سيهرب كما فعل ثلاثة شبان من قبله بيوم رؤية لي إذ تكون المرة الأولى والأخيرة
فقط لأني إنسانة عفوية أتصرف دون تصنع وهذا جعلهم يذهبون دون عودة
ومايثير جنون أمي وجدتي مني ويزيد من وتيرة غضبهن بعد كل مرة
استفزت كلماتي وضحكتي والدتي الحنونة مما جعلها تخرج عن صمتها وأخذت ترشقني بالملاعق التى امامها وحدة تلو الأخرى وتقول لي حسابكِ معي لاحقا أيّتها المجنونة
هي نفذي ماقلته لكِ اغربي من هنا
قبل أن ارشقكِ بكل الصحون والأواني الفارغة هيا
فقلت بشقاوة مختبئة تحت الطاولة : حسنا أمي كما تريدين لكن توقفي ارجوكِ قبل أن تفتحي رأس ابنتكِ فلذة كبدكِ
وتبقى بوجهكِ بقية العمر كالسيارات القديمة المركونة توفقي يا نبع الحنان
انسحبتُ رويدا من تحت الطاولة وركضت باتجاه غرفتي
اقفلت الباب الجو بارد جدا حان وقت النوم الشهي بعد الغداء بهذه الساعات تكورت على نفسي ووضعت الغطاء وغطيت في نوم عميق غير آبهة بموعد قدوم العريس الذي أخبرتني به الغالية
ربع ساعة لم أكملُ نومتي واستيقظت على ضربات أمي المتتالية بعد خمس دقائق على الباب لم أشعر بشيء ونومي ثقيلاً جدا مما جعلها تتوتر مني
قمت وفتحت الباب ومسحت عيني الناعسة ماذا هناك أمي
فقالت مندهشة بغضب : ماهذا الذي تفعلينه تنامين
قبل قدوم العريس بساعتين الم اقل لك جهزي نفسك ها
تحمل عصا جدتي بيدها
هل يجوز أن تبدو عيناكِ متورمة أمامه بسبب النوم ؟
ضحكت واختبأت خلف الباب حسنا حسنا سأتجهز
لتعيس الحظ ولكن إهدِئي من غضبكِ أمي ثم لن تتوقف الدنيا عنده إن أعجبته أو لا …
فقالت : ياإبنتي لاتردي الجواب هيا وإلا أورم كل وجهكِ بهذه العصا واجعلكِ تخرجين عليه بكل الألوان حذاري ياشقية سأعود بعد قليل لرؤيتكِ جاهزة وعلى فكرة
اياكِ أن تفكري بوضع الملح للعريس بالقهوة كسابقيه لقد خبأت الملح عنكِولا تأكلي من الفاكهة التى نضعها أمامه
و لاتضحكي هذه الضحكة الجنونية
لاتنسي ارتداء الكعب العالي الذي اشتريته لكِ للحفلات
ضعي القليل من مستحضرات التجميل على وجهكِ الأصفر هذا ولاتتكلمي إلا للضرورة وإلا قتلتكِ هذه المرة
اردفتُ قائلة لها : لكن ياأمي لماذا كل هذا تريدين التخلص مني بأسرع وقت ثم من يريديني عليه تقبّلي بكل ما أنا عليه
فقالت بحنان : لا يامجنونة أنتِ في التاسعة عشر من عمركِ
وانا وجدتكِ عندما كنا من سنكِ كنتِ طفلة بين يدي وكان أخيكِ في رحمي وجدتكِ ايضا كانت أم لثلاثة أما أنت عجيب أمرك كل من يتقدم لكِ تجعلينه يطفش ولايعود ماذا دهاكِ
فقلت لها : لكن يا أمي زمانكِ أنتِ وجدتي غير زماني
فقالت أمي : هيا يافتاة يكفيكِ كلام وثرثرة تجهزي بالحال
بعد أن خرجت والدتي من غرفتي قمت لبست بنطال الجنز وجاكيت الجلد الطويل الدافىء مثل سر الأشخاص الثلاثة لم اضع الميكب وارتديتُ خفافتي المريحة
لم أفعل ماقالته نبع الحنان لإن هذا اللباس يبدو لي مريحا أكثر
رن جرس الباب الأمامي حضر العريس وأهله كانت أمه صديقة مقربة لأمي وهي من استدلت علي لابنها وبعد أن دخلوا غرفة الضيوف جلسوا برفقة أهلي لكن أمي لم ترى ما ارتديته وأرسلت لي أخي الشاب ليخبرني بوصولهم و أن أدخل إليهم فورا
لكن أنا من سماعي لجرس الباب هربت من الباب الخلفي الى حديقة منزلنا
بحث عني أخي مرات عديدة ولم يجدني ودخل الى أمي وهمس لها قائلً : يبدو أن ابنتك المجنونة هربت
تفاجأت أمي وتغيرت ملامحها أمامهم وقامت بالضغط على يده وهمست اخرج ابحث عنها مرة ثانية وابتسمت للضيوف وقالت : عروستنا مازالت تتزين
وجدني أخي أخيرا وقال : ها لقد وجدتك أيا شقية المجتمع ماذا تفعلين هنا ؟
قلت له : أني اتفقد عناقيد العنب ولا أريد الدخول
قال واضعا يده على وجه : لكن آي عنب وعناقيد أنه الشتاء يامجنونة وشجرة العنب ماتزال مجرد حطب
دخل واخبر أمي فقالت له هامسة : لا هذه البنت جنت قل لها أن تدخل الى هنا قبل أن آتي واعلقها بالمعرش عنب اذا
قررت الدخول وقلت له : حسنا أتية حان وقت الكوارث
وبكل ما أوتيت من قوة مسكت بقفل الباب فتحت الباب عليهم حتى أن العريس ارتعب ودخلت وابتسامة شريرة تتعالى على وجهي سلمت على أمه كانت تريد تقبيلي ، فابتعدت للوراء معتذرة منها إذ لدي حساسية في وجهي
مد العريس يده ليسلم علي ولكني وضعت يدي في جيبي
خجل واحمر وجهه من أولها ..
جلست بجانب جدتي ونظرت باتجاه أمي : إبسمت لها
لكن أمي كانت تفور وتغلي وباتت تتحلف لي من تحت الطاولة معالم الغضب تصب منها صبا علي
مالت علي جدتي وقالت ماهذا يا مقصوفة الرقبة الذي ترتديه وماذا فعلت لتوك ..
لم أتمالك ضحكتي الحبيسة من كلمتها ورحت اضحك بأعلى صوتي ههههههه
أمي راحت تفرك يديها ببعض وتنظر الى وتضع يداها على
فمها اي اسكتِ
نظرات العريس كانت غريبة كان يضحك يبدو أن أعجبته الضحكة المفاجئة البعيدة عن التصنع
مشكلتي عندما تتملكني الضحكة لااستطيع كتمها ويبقى تأثيرها علي لفترة
وأبي ينظر إلي و يضحك معه ويقول الله يهديكِ
بينما أمي قامت فورا معتذرة منهم وقالت لي : هيا ابنتي لنجهز الفاكهة تعالي لتساعديني
فقلت مبتسمة لهم : جاء لك الموت ياتارك الصلاة دعواتكم
العريس لما سمعني لم يتمالكَ نفسه وانفجر بالضحك ينظر أمه وكأنه يقول ياسلام أين نحن بينما أمه تحفظني عن ظهر قلب وتعرف طبيعتي الشريرة
خرجنا من غرفة الضيوف وبعد أن اغلقتْ الباب عليهم سحبتني من أذني وقالت هامسة غاضبة لقد فضحتِنا يامجنونة ماهذا الذي تفعليه ولكن حسابكِ ليس الأن حتى يغادروا
جهزنا الفواكه ودخلت بها بعد عدة توصيات من الحنونة أمي أن الأكل أمام أهل العريس عيب وممنوع ماعلينا
وقالت أمي : إنهض بتقشير بعض الفاكهة للعريس ابنتي وقدميها له
نظرت إليه وقلت : لا أحب تقشير الفاكهة أنا فقط أجيد أكلها ضحك هو بفرط
وقال : طيب لاعليكِ أنا اقشر لكِ وأنت تأكلين مارأيكِ ؟
توردت خداي من طلبه ونظرت اليه وصفقت وقلت نعم موافقة اما عن أمي وجدتي كانتا تتوعدان لي بسكاكين تقشير الفاكهة
فقام العريس مد يده وقشر لي الفاكهة وقال تفضلي
-اكلتها بنهم لقمة والثانية فقط ضحك لم يتمالك حاله
وشارّ لي حبة ثانية تفاح أي شيء
بقيت صامتة فأخذ حبة الفاكهة وقام بتقشيرها وقدمها لي
أكلتها بلقمتين أمامه وهو ينظر لطريقة أكلي ابتلع ريقه وضحك
امي جنت وقالت لي : اذهبي وجهزي القهوة ابنتي بينما هو كان منهمك بتقشير البرتقالة بين يديه فقال لها
حتى تأكل هذه لقد قشرتها لها ..
قالت أمي لا كل أنت يا بني ودعك منها وهي تنظر الي بتصبر
والدي ووالد العريس منهمكين بالحديث عن غلاء الأسعار
وأمه منهمكة بالتقشير وجدتي بالأكل وتراقبني بصمت
ناولني الصحن فتحت البرتقالة وأخذت أكلها بشراهة واضعة الشوكة من يدي وعصيرها ملىء أطراف يدي وهو يضحك لاأدري مااصابه وكأنه بعرض سينمائي ساخر ويردد بصحتك
جدتي نهرت أمي خذي المجنونة من هنا قبل أن تلتهم كل الفاكهة من أمامه
وقفت أمي وشدتني من يديّ : تعالي ساعديني يا حلوتي وأخذت تلملم صحون الفاكهة
ضحكت فقلت أمامهم : هههه اي حلوة يا أمي قصدك بلوة
حسنا حاضر يانبع الحنان
نظرت للعريس وقلت له دعواتكَ لي فأمي تحمل كل تلك السكاكين الأن وتنوي ذبحي لم يتمالك نفسه وغرق بموجة هستيرية من الضحك بسبب ماقلته واضعا يده على بطنه رفع يده للسماء يتمتم لاادري مابه لعله يقول ربي نجني ومن معي من القوم الظالمين
تقول وما إن وضعت الصحون من يدي بالمطبخ قامت أمي وشدت اذني كادت تخلعها من مكانها ياشقية ماهذا والله أنتِ كارثة لايجوز عيب يامجنونة ما تفعليه
وقالت بتهكم : الله يمضي هذه الزيارة على خير وأكملت : جهزي القهوة ريثما أقدم لهم الحلوى حالًا وأعود وأنا بهذه اللحظة بحثت عن الملح والله فعلًا أمي خافت أن أضعه بالقهوة كالمرات السابقة وقامت بإخفائه عني ولكن لايهم القليل من الفلفل الأحمر بفنجان العريس سيكون أجمل من مشهد الملح المكرر
سكبت الفلفل الأحمر بفنجانه وسكبت القهوة فوقه
عادت أمي بسرعة خوفا أن أضع بها شيئا وقالت لي : هل وضعتي بداخل القهوة شيئًا اعترفي ياشقية ؟
قلت مبتسمة لا أمي كل خير فقط مع أنها لم تقتنع
دخلت أمامي وقمت بتوزيع القهوة على الجميع
وبينما كانوا منهمكين بالحديث همست له وأنا أقوم بضيافته صنعتها خصيصًا لك سلامتي بالخارج
وجلست مواجهة له اراقبه انتظر أن يرتشف من فنجانه وكلي حماس كيف ستتغير معالم وجهه وبدأ بارتشاف قهوته متذوق الطعم بشدة وفجأة بدأ وجهه بالإحمرار ،
شعرت كأن الدخان يتصاعد من أذنيه الحمراوتين وادمعنت عيناه تنحنح وقام وفك زر قميصه الأول وشرب كل كأس الماء دفعة واحدة ..
نظر أبي على العريس متسائلًا وقال له مابكَ ياعمي
فقال ضاحكا وهو ينظر إلي لا ياعم الجو حر فقط لاشيء
بينما التعرق بان على جبهته وهو يخفي ما اصابه المسكين
فقال له والدي أين الحر والله الجو بارد جدا الليلة درجة الحرارة اخفض من كل ليلة حتى أخذت أمي تهمس على جدتي وترمقاني بنظرات الغريبة المليئة بالتوعد والتهديد أي ماذا وضعت له
بينما أنا ارتشف من فنجاني بشقاوة واتناول الحلوى الشهية
وهو مازال يزيل العرق عن جبهته حابسا ضحكة مجنونة
غادروا وقالوا لنا سنتشاور بالأمر وكذا ونعود لاحقًا كما العادات حتى يتسنى لوالدي أن يسأل عن العريس وأخلاقه
لا أدري فهل أعجبته أو سيغير نظراته تجاهي ويصرف النظر عني نهائيا كالذين سبقوه
أخيرا ملأت السعادة قلب أمي وجدتي لخطوبتي واستغربنّ كيف اصر العريس علي رغم مافعلته بيوم الرؤية فبعد أن قام أبي بالسؤال عنه وعن أخلاقه وشاورني بالأمر
ردّ لهم الجواب أننا موافقين على الخطوبة وكان العريس وأهله ينتظرون الجواب على أحر من الجمر رأيت به شاب لطيف ضحوك وقلبه نظيف متعلم
و بعد أن تمت خطبتنا كان يزورني باستمرار متأنقًا ببدلات رسمية وورد وعطر وهو وسيم وأنا أيضًا استعد لقدومه بأجمل الثياب والتسريحات…
وبعد مضي اسبوع اتصل بي مرَّة أنه آتي لزيارتي كنت متعبة جدًا وأقرأ بكتاب مستلقية على الأريكة وبعد أن وصل قمت لأفتح الباب وبعد السلام ضحكَ واسند جسده على الباب ،
فقلت تفضل مابك كان بكامل وسامته وبرائحتهِ الجذابة
نظر إلى شكلي وقال تستقبلين خطيبكِ ببجامتكِ الشتوية وشعرك الفوضوي هذا لهذا اضحك والكتاب بيدك هه
فقلت له : وهل يزعجكَ هذا الأمر
رد ضاحكا : لا بالعكس تماما أتعلمين تبدين كطفلة صغيرة بريئة هربت من أمها عند تسريح شعرها وأكمل قائلًا : ثم ياصغيرتي كلانا يمل التأنق الدائم أمام الناس والالتزام به
وسيأتي يوما يرى كل منا الأخر على طبيعته وماهيته الاصلية صح ؟
ضحكتُ وقلت له : رافعة حاجبي متسائلة أصبحت أشك بأمركَ ماخلف هذا التأنق وينتابني الفضول
ضحك بشدة لم يتمالك نفسه
فقلت مابك يا شرير تضحك كسجين هارب من السجن ثم هل سنبقى على الباب اليوم
وبعد أن جلسنا سألته : هل لك أن تبوح لي لماذا اخترت فتاة شقية وفوضوية مثلي بذلك اليوم ؟
شعرت إنك كنت تضحك جدا وكأنه أعجبك جنوني وحركاتي البسيطة العفوية
صمت لدقائق وهو مبتسم لطريقتي بالكلام وغارق بالنظر إلى فقال متنحنحا يا عزيزتي اللطيفة : منذ أن رأيت ضحكتكِ فتنت بملامحكِ البسيطة البعيدة عن التصنع و شعرت أن السعادة باتت قريبة مني جدًا
وتتملكني بساطتكِ باللباس وطريقتكِ بالكلام وجنونكِ وحركاتك الطفولية أسرتني وسرقتِ قلبي بوجهكِ المريح بدون مستحضرات التجميل والخداع وأيضا طريقتكِ بأكل الفاكهة أتذكرين وكأنك طفلة صغيرة رقيقة بنظري تحتاج الكثير من الإهتمام والرعاية
وخفت أن تكوني غليظة بالرغم إنك نحيلة لا أعلم أين يذهب الطعام بجسدك وكأنه يتبخر
أكمل خطيبي قائلا : وعندما تذوقت القهوة الممزوجة بالفلفل الحار واجهش بالضحك بدا لي إنكِ بنت ذكية ولطيفة ومرحة كما أخبرتني بذلك أمي كونها تعرفك أكثر
رغم أنني لن أنسى ذلك الطعم المر المفلفل يوما إلا أنني رأيت أن حياتي معكِ ستكون مليئة بالمغامرات والتشويق والكثير من السعادة لأنني هذا ما أبحث عنه فتاة بسيطة تشبه روحي وبعيدة عن التصنع والمظاهر التى تزول وتكشف منذ أول ليلة
لإننا في زمن عمليات التجميل والمكياج والرموش المستعارة والعدسات الملونة والسبغات الغريبة التى تجعل العريس يقول لعروسته بعد ذلك اليوم من أنتِ كما حدث مع اصحابي
أردت فتاة مختلفة تحيّ لي الحياة وتزهرها بحركاتها وعفويتها بضحكاتها مثلكِ يامجنونتي لإن العالم الخارجي مليئ بالقسوة لتكون ملاذ آمن لروحي لتكون اللين لقلبي بعيد عن كل شيء ..
سرحت روحي من جمال ما يقوله وأصبحت بشوق لما يخفيه خطيبي من عاديته وعاداته بعيد عن التصنع أي حياته الخاصة كيف ستكون ؟
وأكمل بماذا تفكري : إياكِ أن تسأليني ماخلف هذا التأنق وكذا ستدركين ذلك قريبا بعد الزواج
-وفي اليوم الثاني بعد أن تزوجنا رأيته مختلفًا تمامًا كنت أضحك عليه وعلى طريقته بكل شيء يا الله حقا التأنق الدائم متعب هل هذا هو الشاب الأنيق نفسه الذي خطبني
كم يشبهني بالفوضى وبالبجامة والشورت أغلب الأوقات
فكنت أجد ثيابه بكل مكان من آرجاء البيت حتى بخزانتي صوت شخيره وهو نائم كمحرك بسيارة قديمة متعطل يعلو ويهبط كبركان على وجه الانفجار
يصدر أصوات غريبة من أنفه وفمه وعزف منفرد يضطرني الأمر أن أوقضه مرات عديدة لأحظى بشيء من النوم الهانىء
واحيانا أكتم صوته بمخدة على رأسه بعد أن يثير جنوني
ولا استطيع النوم
ينام على بطنه وفمه مفتوح وذراعيه كأخطبوط هارب من البحر وقد احتل كل المكان ولم يبقي لي مكان ولو صغير بجانبه لأول مرة أشاهد دقنه عندما بدأت بالظهور التى تشبه سلك التى نلمع به الأواني وكأنه خارج من سجن المؤبد وكأنها اشواك في صحراء جافة
لم أشاهدها هكذا بالخطوبة أبدا مظهره وحركاته المرحة وعندما يقف أمام المرآة ويغطي وجهه بمعجون الحلاقة وهو يمسك آلة الحلاقة والشفرات المسننة بيده للاجرام بحق ذقنه ويدندن بأغنيته المفضلة لأم كلثوم طول عمري بخاف من الحب
وإذا وضعت له نقطة معجون واحدة على أنفه يكلفه الأمر علبة معجون حلاقة كاملة يمردغ بها وجهي انتقام مني
وطريقة أكله تحتاج إلى خبيرة غذائية ليست زوجة نحيلة مثلي أكبر همها الفاكهة المقشرة من يده فقط
إذ وقت الطعام اترحم على الدجاجة المشوية عندما يحول بها ويأكلها بعد أن ينتزع لحمها بكلتا يديه حتى يكاد يأكل عظامها المسكينة وكأنه دب باندا جائع
وانا اضحك عليه واتمتم ماشاء الله بالصحة والراحة
واتذكر وهو يقشر لي البرتقالة ويردد هذا الكلام لي ليلة خطوبتي
وكيف تتهاوى الأربع بيضات في الصباح إلى داخل فمه واحدة تلو الثانية بعد أن يمردغها بالفلفل الاحمر والملح ويضربها بدماغه ليسهل عليه تقشيرها
طريقته بالجلوس أمام مبارياته المفضلة صامت يمسك الريمونت بكلتا يده حتى لا اباغته بسرقته وتفويت عليه أي هدف ولو كانت بضربة ترجيحية
فأنال منه أشد العقاب ويغضب كطفل صغير ازعجه سبب تافه مثل هذا أو كأنني سرقت لعبته و
مرة كنا نتناول قهوة الصباح سويا وقد مضى اسبوع على زواجنا وأنا ارتدي قميصه الأبيض الفضفاض لأول مرة واجلس بقربه
فقال ضاحكا : يا حلوتي تبدين به كبسكوتة ضائعة بوسط كأس حليب كبطريق صغير كم أنت جميلة وبسيطة به وتشبهينني حتى منظرك هكذا لأجمل عندي من كل أثواب الدنيا
فسألني : هل وضحت لكِ الرؤية يازوجتي المختلفة لماذا ادمنت عاديتكِ وفتنت بكِ منذ رؤيتكِ ومنذ أن تذوقت فلفلكِ
هل وصلكِ جواب لتلك الأسئلة التى كنتِ تودين معرفتها عن خطيبكِ الأنيق ولما اختاركِ
هذه عاديتي وحياتي وحقيقتي التى أظن أن كل إنسان لديه من الاشياء الجميلة التى يرتاح بها بعيد عن اذواق ورأي العالم والتصنع هل أنت راضية عن زوجكِ الفوضوي دون تكلف ..
ضحكت بعد ما تأملت عيناه وقلت له : يادبدوبي
لقد ارتحت لك منذ اللحظات الأولى لاهتمامك لضحكتكَ رغم اناقتكَ وقتها ولكنكَ الآن فتنتني بعاديتك أكثر وبت أعشقك أكثر وأكثر ولن أندم على اختياري لك فأنتَ تشبهني بالروح رغم اختلافك عني وحقيقتك التى اخفيتها عني آجمل من كل ذلك
وها أنا كل يوم بت اكتشف بك شيئا جديدا لأحبك به أكثر لكن انتبه مني بسبب طريقة نومك كالأخطبوط قبل أن أقتلك يوما ما مخنوقا ياعزيزي
فقال ضاحكا لهذا أحببتكِ ببجامتكِ الشتوية والكتاب وشعركِ الفوضوي وطريقة أكلكِ لأنني أعلم أنه سيأتي هذا اليوم الذي تحبينني أكثر وتتقبلين مجنونكِ واخطبوطكِ دب الباندا الفريد كما هو …. قلتِ أخطبوط ها … يا بطريقتي
نعم يا يادب الباندا