مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية جرادة مالحة من الفولكلور المغربي في ديار بومفتاح (الحلقة 3 )

وقفت عقيسة وتساءلت : ايّ طريق سأسلك الان؟ وفجأة رفعت رأسها إلى السّماء و،رأت سربا من الحمام الأبيض فقالت في نفسها سأتبعه ،وأرى أين يذهب !!! وبعد أن حفيت قدماها من السّير في الجبال ،وجدت نفسها في وادي مزروع بأشجار التّفاح والرّمان، وسائر الثّمار، ومن المياه الرقراقة والهدوء عرفت أن الأهالي ينعمون بالسعادة وراحة البال، ،ومنذ أن نصبت خيمتها لم تسمع أصواتهم، كانت هذه قبيلة بو مفتاح الذي لوا أَلتجأ اليه احد لا يظلم, ،والغني عندهم كالفقير، و الصغير يحترم الكبير. كان القاضي بومفتاح لا يخفى عليه سحر ولا شعوذة ،وهو عالم بالأعشاب و العطارة.ومن معارفه جماعة من السّحرة ،لكن لا يستغلون سحرهم الا في الخير ولا يأذون به احدا.،وهذه القبيلة كبيرة ،وتمتد خيامها على مسافة واسعة ، وفيها الفلاح والخضّار والتاجر والجزار والجميع يعيشون بسلام وهناء.
وبعد مرور ثلاثة ايّام لاحظ النّاس انّ الخصام كتر في القبيلة ،والغنيّ صاريأكل رزق الفقير ،والصّغير يحتقر الكبير،واشتكى النّاس من الغش والتطفيف في الميزان ،وكل صباح يجد القاضي بو مفتاح صفّا من المشتكين أمام بابه ،ولم يحدث ذلك من قبل ، والخصام لم يصل يوما للمال والعرض وكان القاضي ينظر في الشكاوى ،ولا يفهم سبب ما يحصل من بلاء ،فقد كانت أصوات الناس تعلو في مجلسه والخصوم يتشاتمون أمامه . أحد الأيام جاء جاءه كبير التّجار وكبير الحطابين وكل منهما ممسك برقبة الآخر، فادخلهما القاضي ،وقال لهم :ما ذا حصل للتجار والحطابون اعرفهم دوما اخوة لا لصوص أو غدارين .
اخد كبير التجار الاذن بالكلام وقال سيدي القاضي منذ ثلاثة ايام إشترينا بضاعة من الحطابين والحدّادين والفلاحين ودفعنا لهم الثمن على أن ينقلوا لنا ما اشتريناه ،ولقد أوفى الجميع بوعدهم باستثناء الحطابين، ونحن سيدي جهزنا الجمال والقافلة ستغادر اليوم في الصباح الباكر ،والنتيجة تعطل سفرن ا!!! لما انهى الرجل كلامه، قال القاضي بومفتاح لكبير الفلاحين: بماذا ترد عن هذا الإتهام؟ وقف الرجل، وقال : نحن لا ننكر أننا قبضنا الثمن. من التجار لقد أخذنا المال و وكوّمنا الحطب في الغابة ،لكن في الصباح لما أردنا نقله للقافلة لم نجده في مكانه ،وليس لنا علم بما جرى له !!! وقد درنا في كل مكان، وسألنا النّاس ،لكن لا احد وجد لها اترا .إحتار القاضي بومفتاح ،وقال : ارجعوا عندي غدا صباحا ،وسأصدر حكمي في هذه الخصومة، ما أن خرج الرّجلان، حتى دخل كبير الرّعاة وكبير الفلاّحين طالبين حكم القاضي وقف كبير الرّعاة وقال: يا سيّدي ،كبير الفلاّحين إستحوذ على الماشية التي أرعاها،ولم يرض إرجاعها لي وهو يقول أنها من حقّه !!!
قال القاضي بومفتاح لكبير الفلاحين ماذا تقول في هذا الكلام؟ هل كذب الرّجل او قال الصراحة ؟ رد كبير الفلاحين :يا سيدي بو مفتاح انه صادق، ولكن ماشيته هربت في الليل من زريبتها ،ودخلت أرضي واكلت الزرع وعاثت فسادا في الارض ،وهذا خطأه ،لأنه لم يحرس ماشيته كما ينبغي .وسآخذها لتعويض خسائري !!! صاح كبير الرعاة : لا أعرف كيف حدث ذلك ،وأقسم أنّي أحكمت إغلاق الأبواب وأنا أقوم بذلك ، منذ سنوات طويلة ،أنت من فعلت ذلك لتستولي عليها أيها اللئيم لمّا رأيت أنها سمنت، وزادت أعدادها !!! وقف القاضي بومفتاح ،وقال : كفاية ،ارجعوا عندي صباحا ،لأكشفك لكما الظالم من المظلوم،ثم جلس ووضع يده على خده وهو يفكّر …
يتبع الحلقة 4

 

قصي العالم الاخر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق